
في عيد وفاء النيل.. حين اختار النهر "عروسه" هاميس

محمد إسماعيل
في كل عام، ومع حلول عيد "وفاء النيل" في أغسطس، تعود إلينا رمزية هذا النهر الخالد الذي لم يكن فقط شريان حياة للمصريين، بل أصبح أيضًا مصدر إلهام فني لا ينضب. وعلى مدار التاريخ، تجسد النيل في الفنون المصرية من النقوش الفرعونية إلى الأغاني والأشعار، وصولا إلى الشاشة الفضية. النيل لم يكن يومًا مجرد مجرى مائي، بل هو كيان حي تنبض به ذاكرة مصر، ومصدر حياة ألهم الشعراء والموسيقيين والفنانين على مر العصور. النهر الذي كتب عنه أحمد شوقي وتغنى له عبد الوهاب، وهو ذاته الذي ألهم المخرجين ليجسدوه كرمز للخصوبة والحب والتجدد.
وفي عيد وفائه، نسترجع هذه العلاقة الروحية بين المصريين ونيلهم، ونجد كيف تسللت هذه الرابطة إلى السينما المصرية التي لطالما استمدت طاقتها من البيئة والهوية المصرية الأصيلة، حيث ولدت واحدة من أبرز القصص السينمائية المرتبطة به وهي: "عروس النيل".

"عروس النيل"
فيلم عروس النيل “1965” من بطولة لبنى عبد العزيز ورشدي أباظة، لم يكن مجرد دراما رومانسية، بل نافذة سحرية أعادت من خلالها السينما المصرية إحياء الأساطير الفرعونية، إذ يحمل الفيلم في طياته حنينا إلى الجذور، وإحياءً لأسطورة "عروس النيل" التي كانت تقدم قربانًا للنهر في معتقدات المصريين القدماء، ولكن بطريقة إنسانية مغايرة تعكس تقدير النيل لا كقوة غامضة، بل كرمز للحياة والعطاء.
وقدمت لبنى شخصية "هاميس" – ابنة النيل التي تعود إلى الحياة في العصر الحديث، وما زالت شخصية "هاميس" محفورة في الذاكرة الجمعية، ولبنى عبد العزيز تبقى النجمة الوحيدة التي ارتبط اسمها بهذا الدور الأسطوري الذي لا ينسى، وأصبح محطة فارقة في مسيرتها.
وفي تصريحات خاصة سابقة لـ”بوابة روزاليوسف”، كشفت الفنانة لبنى عبد العزيز عن كواليس إنسانية جمعتها بالنجم رشدي أباظة خلال تصوير الفيلم، حيث قالت: "في كل فيلم من الخمسة أفلام التي قدمناها سويا، عندما أدخل إلى غرفتي الخاصة، أجد الغرفة بأكملها ممتلئة ومفروشة بالورود، حتى في السقف، حاجة مش معقولة، رشدي هو دا اللي ملوش تاني الحقيقة، الله يرحمه."يعد فيلم عروس النيل أحد أهم الأفلام التي جعلت النيل يظل، في عيد وفائه، حاضرا في وجدان المصريين، لا كرمز طبيعي فحسب، بل ككيان حي يفيض بالإلهام، ويمنح الفن نهرا من القصص التي لا تنتهي.. وتدور أحداث الفيلم حول شاب “رشدي أباظة” يكتشف مقبرة فرعونية، ليفاجأ بأن "هاميس" – الكاهنة الفرعونية الجميلة “لبنى عبد العزيز” – قد بعثت من جديد. ومن هنا تبدأ مغامرة فريدة تمزج بين الغموض والرومانسية والصراع بين الماضي والحاضر.
وقد تميزت الرؤية الإخراجية بالاعتماد على عناصر جمالية مأخوذة من الفن الفرعوني، من الأزياء إلى الديكورات، مما أضفى على العمل طابعا بصريا خاصا جعل "هاميس" شخصية أسطورية بحق، لا تزال حاضرة في أذهان الجمهور رغم مرور العقود.
