
خبراء: بالحقائق.. الدولة تكشف التضليل الإخوانى

كتب - أحمد زكريا
وسط كل أزمة، تخرج خلايا جماعة الإخوان من جحورها لتبدأ حملات منظمة من الشائعات والأكاذيب، مستهدفة ضرب استقرار الدولة وبث الفوضى فى الشارع.
غير أن الدولة المصرية لم تكن يومًا ساحة مفتوحة لهذا العبث، بل واجهت هذه الحرب بمزيج من التحرك السريع، والشفافية، ووعى إعلامى مدعوم بارتفاع ملحوظ فى مناعة المجتمع ضد التضليل.
سلاح قديم بوجه جديد
تقول ليلى عبدالمجيد، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، إن الشائعة لم تكن أداة طارئة فى خطاب الإخوان، بل ركيزة أساسية فى مشروعهم الإعلامى منذ النشأة.
تضليل مدروس، فبركة ممنهجة، وتسويق للأكاذيب بأسلوب يبدو «احترافيًا»، لكنها تصفه بـ«السم فى العسل».
وتوضح عبد المجيد أن تطور وسائل الاتصال والذكاء الاصطناعى مكّن الجماعة من الوصول إلى شرائح واسعة عبر لجان إلكترونية تستهدف إثارة البلبلة ونزع الثقة من مؤسسات الدولة، مشيرة إلى أن اللجان لا تعمل بعشوائية، بل وفق خطة تزرع «الإحباط واليأس» فى نفوس المواطنين.
«عبدالمجيد» استشهدت بحادث حريق سنترال رمسيس كنموذج مكرر لما وصفته بـ«الانقضاض الإعلامى عند كل أزمة»، حيث سارعت الدولة بإصدار بيانات رسمية، وظهر مسؤولون على الشاشات لشرح الحقائق، فى مشهد احترافى سحب البساط من تحت أقدام حملة الشائعات.
وشددت على أن القيادة السياسية أدركت مبكرًا خطورة هذه الحرب، فتصدّت لها بسلسلة من السياسات الشفافة، والملاحقات القانونية، مع اعتماد منهجية قائمة على نشر الوعى وتفنيد الأكاذيب، وهو ما أصبح نهجًا ثابتًا فى مواجهة كل محاولات التشويش.
الإعلام.. من التغطية إلى الوقاية
من ناحيتها، ترى عبير عزى، وكيلة كلية الإعلام بالأكاديمية العربية، أن الإخوان تتعامل مع الأزمات باعتبارها «فرص دعاية»، لا سيما تلك المرتبطة بالخدمات أو البنية التحتية، والتي تسهل عليهم صناعة روايات مغلوطة.
وتقول عزى إن منصات الجماعة سعت إلى استغلال حادث سنترال رمسيس لترويج روايات ملفقة، مثل الادعاء بوجود تقصير أو إهمال متعمد، رغم غياب أى دلائل أو مصادر حقيقية، وترى أن ذلك النمط الدعائى قائم على «إثارة العاطفة لا تقديم الحقيقة».
«عزى» أشارت إلى تقرير برلمانى صدر عام 2017، رصد خلال شهرين فقط أكثر من 53 ألف شائعة تم تداولها، معظمها استهدفت مؤسسات الدولة.
وهنا، تؤكد عزى أن الإعلام المحترف كان فى الخطوط الأولى للمواجهة، متجاوزًا الدور الإخبارى، ليتحول إلى «درع واقٍ» ضد التضليل.
واقترحت عزى ضرورة إدراج مادة «التربية الإعلامية» ضمن المناهج الدراسية، لتعليم الأجيال كيف تميّز بين المعلومات الموثقة والمحتوى الزائف، معتبرة أن هذا النوع من التعليم أصبح ضرورة أمن قومى فى زمن حروب المعلومات.
تلاعب بالعاطفة
أما معتز سامى، أستاذ الإعلام بجامعة مصر، فيؤكد أن جماعة الإخوان تمتلك مهارة مقلقة فى استخدام المشاعر لتشكيل رأى عام زائف، فهم لا يخاطبون العقل، بل يلعبون على وتر الغضب الشعبى، مستغلين كل حادثة لبناء «رواية بديلة»، قائمة على صور مجتزأة، وشهادات مجهولة المصدر.
يرى سامى أن الجماعة تلجأ فى أوقات الأزمات إلى إعادة تأطير الأحداث بمنظورها الخاص، فى محاولة لصناعة حالة «الارتباك والتشكيك» لدى المواطن العادى، بينما كانت الدولة حاضرة دومًا عبر المركز الإعلامى لمجلس الوزراء، الذي أصدر تقارير دورية للرد على الشائعات، موثقًا المعلومات ومرفقًا بها الأدلة.
ويضيف أن حادث سنترال رمسيس كان نموذجًا لمحاولة ممنهجة لاستغلال أزمة إنسانية، لكن الرد الرسمي السريع، والبيانات المصورة، فضحت محاولات التهويل والإيهام بوجود انهيار إداري أو بنيوى.
وعى المواطن
علاء مرتضى، رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بالأكاديمية الدولية لعلوم الإعلام، يعتقد أن الرهان الأكبر فى مواجهة الشائعات لم يكن فقط على المؤسسات، بل على المواطن نفسه، الذي أصبح أكثر وعيًا وأكثر قدرة على التمييز.
ويشير مرتضى إلى أن المواطن المصري لم يعد متلقيًا سلبيًا، بل يسأل ويتحقق ويتابع مصادر رسمية، ما صعّب من مهمة الجماعة فى اختراق الوعى العام.
كما يضيف أن التحركات الرسمية لم تقف عند حدود التصريحات، بل شملت التعاون مع شركات التكنولوجيا العالمية لمراقبة وحذف المحتوى الزائف، لا سيما على منصات مثل فيسبوك ويوتيوب وتيليجرام. وحول حادث السنترال، يقول إن الجماعة حاولت أن تضخ فيه طابعًا رمزيًا، باعتباره دليلًا على «الانهيار»، لكن ما واجهته به الدولة من بيانات دقيقة، وصور موثقة، وتفاعل فورى، أجهض هذا السيناريو وأفقده صداه فى الشارع.
ويختتم مرتضى حديثه بالتأكيد على ضرورة إنتاج محتوى رقمى توعوى مستمر، بلغة مبسطة، وشكل جذاب، يعمل على تفكيك روايات الجماعات المتطرفة، وخاصة فى اللحظات التي تنشط فيها آلة الشائعات.
نقلًا من صحيفة روزاليوسف