
81 عامًا على رحيل أميرة الجبل وليالي الأنس في فيينا

سلمي السلنتي
تحل اليوم 14 يوليو ذكرى رحيل صوت جبلي ساحر يسلب القلوب بمجرد سماعة ، هي الفنانة أسمهان، ولدت باسم آمال فهد فرحان الأطرش في عرض البحر على متن إحدى سفن الشحن اليونانية في 25 نوفمبر عام 1917، ووالدها زعيم من زعماء جبل الدروز في سوريا، ووالدتها هي الأميرة علياء حسين المنذر وشقيقها هو الفنان الكبير الراحل فريد الأطرش.
مع بداية العشرينات بدأت الثورة السورية في جبل العرب وعندما اشتدت طارد الفرنسيون آل الأطرش في كل مكان لما كان لوالدهم من دور كبير في المقاومة ، فأشار الأمير فهد الأطرش على زوجته علياء المنذر بأن ترحل مع أولادهما الثلاثة، فؤاد وفريد وآمال، الى لبنان ومن ثم الى مصر التي دخلوها بمساعدة الزعيم سعد زغلول، إكراماً لثورة جبل العرب ضد الاستعمار الفرنسي.
تجلت الموهبة الفنية عند أسمهان منذ الصغر عندما باتت تشدو في المنزل والمدرسة ببعض أغاني أم كلثوم وعبد الوهاب وفي عام 1931 اتجهت إلى مشاركة شقيقها فريد الغناء في صالة ماري منصور في شارع عماد الدين، بعد تجربتها بجانب والدتها في بعض الحفلات والإذاعة المحلية وفي عام 1941 مثلت أول أفلامها “انتصار الشباب” بمشاركة شقيقها فريد الأطرش، ثم شاركت في فيلم “غرام وانتقام” وسجلت فيه مجموعة من أحلى أغانيها. تعاونت مع أبرز الملحنين والمؤلفين في الوطن العربي، منهم محمد عبدالوهاب، ورياض السنباطي، وزكريا احمد وتفرد محمد القصبجي في تعليمها المقامات وطرق الانتقال بين النغمات.
وسماها داود حسني “أسمهان”، وهو الاسم الذي لازمها حتى وفاته، ولها ما يقرب من 50 أغنية في فترة زمنية قصيرة، تزوجت أسمهان من الأمير حسن الأطرش عام 1933 وانتقلت معه إلى جبل الدروز في سوريا وهناك رزقت بابنتها “كاميليا”، لكنها انفصلت عنه وعادت أسمهان الى القاهرة مرة اخري في عام 1938 بعدما حصلت على الطلاق، لتبدأ رحلة الشهرة والنجومية، ولتصبح واحدة من أهم مطربات القرن العشرين، فقدم لها القصبجي أروع ثلاث قصائد “ليت للبراق عيناً”، وقصيدة “اسقنيها بأبي انت وأمي” وهي من شعر بشارة الخوري، وأغنية “فرق ما بينا”.
ثم لحن لها رياض السنباطي “حديث عينين”، وأيضاً مدحت عاصم لحن لها “يا حبيبي تعالى الحقني” ثم أتبعها بمونولوج دخلت مرة في جنينة، وفي صباح يوم الرابع عشر من يوليو 1944، وبينما كانت أسمهان في طريقها الى رأس البر لقضاء فترة راحة من تصوير فيلم “غرام وانتقام” بعد ان طالبت يوسف وهبي مخرج الفيلم بأخذ عطله بضعة أيام للسفر مع صديقاتها ومديرة أعمالها ماري قلادة، وانقلبت السيارة التي تقلها في “ترعة الساحل” بطريق راس البر، ومن الثابت والمؤكد في هذه الحادثة الغامضة، ان السائق قفز من السيارة وألقى بنفسه على الحشائش، تاركاً السيارة تستقر بمن فيها في قاع الماء، فماتت أسمهان غرقا هي وصديقتها.
نتيجة لوفاة أسمهان غير المتوقعة بذل يوسف وهبي جهدا كبيرًا في تغيير نهاية روايته واستعان بسيدة شبيهة بأسمهان لكى يكتمل الفيلم، وقبل دفنها أظهر جثمانها في آخر مشهد من الفيلم بعد الحادثة ورحلت أسمهان في 14 يوليو عام 1944م، قبل أن تكمل فيلمها الأخير "غرام وانتقام" مع الفنان يوسف وهبي . كانت حياتها قصيرة لكنها عاشتها حتي الثمالة .. ولدت في البحر .. ولقيت مصرعها غرقا .