
من البرج الأيقونى إلى المونوريل
التنمية تعانق الديمقراطية على ورقة الاقتراع

كتب - محمود محرم
فى موسم انتخابى يبدو مختلفًا بكل المقاييس، لم يكن إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات عن استحداث رموز انتخابية جديدة مستوحاة من المشروعات القومية الكبرى مجرد قرار إداري، بل لحظة لافتة أعادت تعريف العلاقة بين المواطن، والرمز، والوطن. رموز جديدة، بملامح الجمهورية الجديدة، «البرج الأيقونى» الذي يخترق سماء العاصمة الإدارية، إلى «المونوريل» الذي يعانق المدن الذكية، إلى «ساحة الشعب» التي باتت رمزًا لصوت المصري فى قلب بلده، و»القطار السريع» الذي يشق الصحراء ويعيد رسم خريطة الحركة والتنمية.. كلها لم تعد مجرد إنجازات هندسية، بل تحوّلت إلى أيقونات سياسية تعبر عن الهوية الجديدة للدولة المصرية.
رموز تنبض بالحياة
بهذه الكلمات وصف المفكر السياسى الدكتور عبدالمنعم سعيد الرموز الانتخابية المستحدثة، مؤكدًا فى تصريحاته لـ«روزاليوسف» أن إدراج هذه الأيقونات القومية داخل العملية الانتخابية يُمثل خطوة واعية ومدروسة نحو ربط السياسة بالتنمية. فالمواطن الذي يرى رمزه الانتخابى مستمدًا من مشروع شاهده ينمو أمام عينيه، سيتعامل مع العملية الانتخابية برؤية مختلفة، مليئة بالمعنى والارتباط الشخصى.
«ليست صورًا فقط»، كما قال سعيد، بل دلالات عميقة لإنجازات تحققت على الأرض، وشواهد حية على أن الدولة لم تعد تكتفى بالشعارات، بل تبنى وتعمل وتنجز. هذا الاستخدام الذكى للرموز يفتح بابًا لحوار مجتمعى جديد، تكون التنمية محوره، والمواطن طرفًا فاعلًا فيه.
الناخب شريك فى الإنجاز
من جانبه، رأى الدكتور عمرو حسين، أستاذ العلوم السياسية، أن ما قامت به الهيئة الوطنية للانتخابات ليس مجرد تجميل للمشهد الانتخابى، بل رسالة سياسية واضحة بأن الناخب لم يعد غريبًا عن مشهد التنمية، بل شريكًا حقيقيًا فيه.
وقال حسين إن الربط بين الديمقراطية والتنمية لم يعد تنظيرًا أكاديميًا، بل بات واقعًا تتحرك فيه الدولة المصرية. الرموز ليست فقط تعبيرًا عن بنية تحتية أو عمارات شاهقة، بل إشارات حية إلى قدرة الدولة على التغيير، ورغبتها فى أن يرى المواطن نفسه جزءًا من هذا التغيير.
وتابع قائلًا: «حين يرى المواطن رمزًا انتخابيًا هو نفسه استفاد من مشروعه -مدرسة طُورت فى قريته ضمن حياة كريمة، طريق جديد سهّل عليه الوصول إلى عمله، أو محطة قطار قرب منزله- فإن صوته الانتخابى يتحوّل إلى امتداد فعلى لمساهمته فى بناء وطنه».
خطاب بصرى جديد
أما الدكتورة ليلى عبدالمجيد، أستاذ الإعلام وعميدة كلية الإعلام الأسبق، فقد تناولت المسألة من زاوية إعلامية واستراتيجية، ووصفت خطوة اعتماد رموز حديثة مستوحاة من المشروعات القومية بأنها نقلة فى الخطاب السياسى والبصرى على السواء.
«الرمز لم يعد مجرد رقم أو شجرة أو حيوان كما فى السابق»، قالت عبدالمجيد، بل أصبح جزءًا من سردية وطنية كبرى، تعكس ملامح الجمهورية الجديدة.
ولفتت إلى أن إدراج هذه الرموز فى المشهد الانتخابى سيخلق فضولًا إيجابيًا بين المواطنين، خاصة الشباب، لمعرفة المزيد عنها، وهو ما يعنى -من الناحية الإعلامية- تسويقًا ذكيًا ومجانيًا للمشروعات الوطنية العملاقة.
وأضافت: «نحن لا نروج فقط لمشروعات تنموية، بل نغرس الثقة فى وجدان المواطن، ونبنى وعيًا جديدًا يرى فى الدولة شريكًا فى الطموح، لا مجرد إدارة فوقية».
المواطن فى قلب الصورة
الرسالة الأهم التي أجمع عليها الخبراء، أن هذه الرموز تقول للمواطن: أنت هنا. صوتك جزء من بناء هذه المشروعات. بل إن العملية الانتخابية نفسها لم تعد منفصلة عن الواقع اليومى، بل أصبحت صورة موازية له.