

ألفت سعد
معجزة المانجروف.. حلول من الطبيعة
رغم ويلات الحروب التي تغمر المنطقة العربية والعالم أجمع، ورغم الدمار الذي أصاب البيئة نتيجة القنابل والصواريخ والغازات السامة، فهناك من يسعى لإحياء الأرض عملا بالحديث الشريف "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليزرعها".. في مصر نماذج رائعة تهدف إلى إنقاذ البيئة من آثار تغير المناخ وتدهور التنوع البيولوجي.. وهو ما قامت به جمعية "بيئة بلا حدود" بحلول قائمة على الطبيعة، وذلك من خلال مشروعات أسهمت بالفعل في تقليل الانبعاثات الكربونية وحماية الكائنات الحية، استعانت لتطبيقها بشراكات متعددة دولية ومحلية دعمت المشروعات ماديا أو فنيا.. لكن نجاح تلك المشروعات لا بد أن يصاحبها التوعية من خلال وسائل الإعلام المختلفة.. لذلك نظمت جمعية بيئة بلا حدود بالتعاون مع جمعية كتاب البيئة والتنمية ورشة عمل لاستعراض الجهود المبذولة فى مجال حماية البيئة.
الدكتور عادل سليمان الخبير البيئي ورئيس جمعية بيئة بلا حدود من أبرز الشخصيات العلمية التي أسهمت في حماية وإنقاذ الطبيعة منذ أن عمل في وزارة البيئة وتتلمذ على يد علماء عظماء أهمهم الدكتور محمد القصاص.. واستمر عطاؤه للبيئة من خلال العمل التطوعي الذي بدأ عام 2015، واستطاع مواجهة آثار تغير المناخ وتدهور التنوع البيولوجي، من خلال برامج محددة أهمها برنامج صون البيئة الطبيعية الذي ركز على عقد شراكات مع المنظمات الوطنية والدولية، للحفاظ على الموارد الطبيعية وتعزيز حالة الأنواع المهددة بالانقراض ورفع الوعي المجتمعي خاصة في المناطق التي تعاني من التدهور البيئي، ومن الأمثلة على نجاح تجارب حققت نجاحا كبيرا في مجال صون الطبيعة، انطلاق مشروع الإكثار من أشجار المانجروف في مساحات متنوعة على طول ساحل البحر الأحمر، بعد أن تعرضت تلك الأشجار للانجراف نتيجة بعض مشروعات التنمية السياحية أو تناول الجمال لها.. ولمن لا يعرف قيمة أشجار المانجروف فهي معجزة الخالق في حماية الكون، فهي أكثر الأشجار شراهة في امتصاص وتخزين الكربون.. وهي من الأنواع النادرة المنزرعة على حافة الشواطئ وتعمل على تحلية المياه المحيطة به.. وتتحول المنطقة المحيطة بالمانجروف إلى بيئة لتكاثر الأسماك، وتستخدم جذورها كموطن وملجأ للأسماك الصغيرة.. ليس هذا فقط، فأشجار المانجروف تساعد على حماية المناطق الساحلية من التعرية وتنقية المياه من الملوثات، وغيرها من الفوائد المتعددة التي يجب الاستفادة منها، وقد نجحت جمعية بيئة بلا حدود في تنفيذ مشروع زيادة مساحة مناطق أشجار المانجروف باستخدام أحدث التقنيات في مجال الزراعة بالأنسجة، واستعادة نظم المانجروف، وبالفعل نجحت الجمعية بالتعاون مع الخبراء المتخصصين في زراعة 8 آلاف شتلة في محمية وادي الجمال، 5 آلاف شتلة في الصوب الزراعية، وقد أحرز المشروع تقدما كبيرا في استعادة واسعة النطاق لأشجار المانجروف.. ويعود النجاح في هذا المشروع للمشاركة الفعالة من المجتمع المحلي.
من المرات القليلة التي تأكد لي مدى الإنجازات والجهود الملموسة التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني.. فكما أوضح الدكتور عادل سليمان خلال الورشة المهمة المشروعات التي شاركت فيها جمعية بيئة بلا حدود مثل إعداد الاستراتيجية الوطنية لصون النباتات الطبية والاستراتيجية الوطنية للحفاظ على الأراضي الرطبة فى مصر، دعم وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية لسكان مدينة سانت كاترين، والأهم توفير التطبيق الإلكتروني "جرين طاقة" لنشر الطاقة الشمسية.
كلما رأيت تلك النماذج الإيجابية والتجارب الناجحة، تأكد لي أن مصر بخير وماضية للأمام، رغم كل الظروف المحيطة.