عاجل
الإثنين 21 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي

حين تنطق الإرادة شعرًا... "رضا خضر" نموذج استثنائي من نور الكلمة وقوة العزيمة

الشاعر رضا خضر
الشاعر رضا خضر

في وقتٍ تسعى فيه الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تمكين ذوي الهمم وتعزيز حضورهم في المشهد الوطني والاجتماعي، تتجلى النماذج الملهمة التي صنعت من التحدي مسارًا للإبداع، ومن الألم منبرًا للوعي، ومن الاختلاف مصدرًا للقوة.



 

رضا خضر، الشاعر الذي لم يقف الكرسي المتحرك عائقًا أمام قلمه، بل جعله أداة انطلاق نحو فضاءات الفكر، وسلاحًا لمواجهة التهميش والإقصاء. هو عضو فاعل في المجلس الوطني للشباب، وشاعر يُلقّب بـ"عنيد الكلمة"، صاحب الدواوين المؤثرة التي لمعت في منصات محلية ووطنية، مشارك دائم في الفعاليات الثقافية، ومؤمن راسخ بأن الكلمة حين تُقال بصدق، تُغيّر الواقع.

 

في هذا الحوار الخاص مع "بوابة روزاليوسف"، يكشف رضا خضر عن تفاصيل الرحلة من لحظة المواجهة مع التحدي، إلى فضاء الكلمة والشعر، مرورًا بالتجربة الإنسانية والاجتماعية، وانتهاءً برؤية وطنية صادقة للمستقبل.

 

 

 

دعنا نبدأ من النقطة المفصلية... متي بدأت الإعاقة في الظهور؟ وكيف واجهتها؟

 

الإعاقة بدأت في الظهور خلال المرحلة الجامعية، وهو ما شكّل تحديًا حقيقيًا في مساري. لكنني لم أسمح لها بأن تُقيدني، بل اعتبرتها مرحلة جديدة تتطلب عزيمة وإصرارًا. نقلت دراستي من كلية الخدمة الاجتماعية إلى كلية الحقوق بالمنصورة لقربها من محل إقامتي، وقررت أن أكمّل حياتي كما كتبها الله لي، دون أن أستسلم للمُحبِطات.

 

 

 

هل شكّلت هذه التجربة دافعًا نحو الإبداع ؟

 

نعم، بل كانت سببًا رئيسيًا، وجدت في الشعر وسيلة للتنفيس عن مشاعري ومواقف حياتي، وكنت أدوّن أبياتًا في أوقات متفرقة، خاصة في المرحلة الثانوية، إلى أن أصبح الشعر مع الوقت ملاذي وصوتي الحقيقي.

 

وهكذا بدأت رحلتك مع الكلمة... لكن لماذا الشعر بالذات؟

 

لأن الشعر قادر على أن يُترجم كل ما لا يُقال. لم أتعمد أن أكون شاعرًا، لكنه كان أقرب أشكال التعبير إليّ، يعكس أفكاري ويجسّد معاناتي وآمالي.

 

 

تُعرف بلقب "عنيد الكلمة"... من أين جاء هذا اللقب؟

 

أطلقه عليّ صديقي الكاتب محمد العايدي، لما رآه من إصراري على الكتابة رغم الظروف. كنت أُنتج القصائد في أقسى اللحظات، وكانت لديّ قدرة على استحضار المعاني بسرعة. وأحبّ الناس هذا اللقب، لأنه يعكس جوهر تجربتي.

 

ماهي العقبات التي تواجهكم كأشخاص مبدعين ؟

العقبات كثيرة، أبرزها عدم تفعيل "كود الإتاحة" رغم وجوده في قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 10 لسنة 2018، إضافة إلى النظرة المجتمعية التي إما تتعامل معنا بشفقة، أو للأسف تسخر وتتنمّر.

 

إذن، هل تريد أن الفن يمكن أن يكون أداة لمواجهة هذا التهميش؟

 

بكل تأكيد. الفن هو القوة الناعمة، وإذا تسلّح بالإرادة السياسية والمجتمعية، يصبح صوتًا قادرًا على إحداث التغيير. نحن كذوي همم، نحتاج إلى الفن ليكون وسيلة للتعبير والتأثير.

 

 

إلى أي مدي تغيرت نظرة المجتمع لذوي الهمم؟

 

تحسّن واضح حصل منذ إعلان عام 2018 عامًا لذوي الهمم، بدعم مباشر من الرئيس عبد الفتاح السيسي. مشاركته المستمرة في احتفالية "قادرون باختلاف" كانت رسالة دعم قوية، لكنها مجرد البداية. ما زلنا نحتاج إلى تعميق هذا التغيير ثقافيًا ومؤسسيًا.

 

 

هل شعرت يومًا بالتهميش علي المستوي الشخصي؟

 

نعم، شعرت به كثيرًا، خاصة في المواقف التي أجبرتني على تغيير مساري الدراسي. لكن اخترت أن أتجاوز هذه اللحظات بإيماني بالله وبنفسي، فالنار لا تكوي إلا حاملها، ونحن كذوي الهمم نعيش هذه النار كل يوم.

 

 

بصفتك عضوًا في المجلس الوطني للشباب، كيف ترى مساحة تمثيل ذوي الهمم؟

 

المجلس الوطني للشباب كان أول من احتضنني فعليًا. ساعدني على عرض ديواني الأول "نبضات" في معرض القاهرة الدولي للكتاب، عبر جناح وزارة الشباب. دعمني الكثير من القيادات في المجلس وعلى رأسهم د. دليلة مختار، ود. وائل الطناحي، ود. نيفين مكي، والأستاذ فرج هيبة.

 

 

نراك حاضرًا في الفعاليات الوطنية والثقافية... ما رسالتك من هذا الحضور المتواصل؟

 

رسالتي أن ذوي الهمم ليسوا عبئًا بل طاقة كامنة. فقط أتيحوا لنا الفرصة وسنُثبت أننا قادرون على العطاء والمشاركة. وأنا شخصيًا أؤمن أن الوطن له حق علينا قبل أن نطالب بحقوقنا منه.

 

 

قصيدتك "أم الدنيا" أحدثت صدى... ما الذي دفعك لكتابتها؟

 

أحسست بحاجة لأن أكتب لمصر، فهي ليست مجرد أرض بل هوية وانتماء. كتبت أيضًا للأطباء خلال جائحة كورونا قصيدة "جيش مصر الأبيض"، كما كان لي شرف كتابى قصيدة "جيش * شعب" لتفنيد خطاب سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي عن الخطوط الحمراء داخل وخارج حدود مصر وكان لها شرف إلقاء الكلمة في أكاديمية ناصر العسكرية، وكل هذه القصائد من منطلق واجبي الوطني قبل أي شيء آخر.

 

 

ماهي أحلامك التي تسكنك اليوم؟

 

كشاعر، أحلم بالانضمام إلى اتحاد كُتّاب مصر. وكمواطن من ذوي الهمم، أحلم أن يُصبح لنا حضور طبيعي في الشوارع والأماكن العامة دون أن يُنظر إلينا بشفقة أو استغراب.

 

 

ماهي الرسالة التي تريد توجيهها إلي الشباب الذين يمرّون بظروف قاسية؟

 

لا تنتظر السعادة من أحد، اصنعها بنفسك. الناس لا يتحدثون إلا عن الناجحين، فكن منهم.

 

 

هل هناك رسالة تريد توجيهها لوسائل الإعلام ؟

 

للأسف، الإعلام بحاجة إلى تطوير حقيقي. لا نُعرض إلا في مشاهد رمزية، إما للتبرع أو لإثارة الشفقة. لهذا كتبت قصيدة "قدراتنا أقوى من صورتنا"، دعوة للإعلام ليعيد صياغة الصورة النمطية عنّا.

 

 

هل هناك شخصية كانت مصدر إلهام بالنسبة لك؟

 

بالتأكيد، الأديب طه حسين، ونيكولاس فوجيسيتش، المحاضر الأسترالي الذي ألهمني كثيرًا. كلاهما تجاوز الإعاقة وكتب اسمه في التاريخ.

 

 

وأخيرًا، من هو "رضا خضر" الإنسان؟

 

أنا إنسان بسيط، مصري، أجد راحتي بين عائلتي الصغيرة، وزوجتي، وأمي، وأولادي، وقلمي. كتبت ثلاثة دواوين حتى الآن، وأجد هدوئي بين سطور الشعر.

 

 

هل تكفي الإرادة وحدها لتغيير الواقع؟

 

الإرادة أساسية، لكنها لا تكفي وحدها. نحن بحاجة إلى تكامل بين الإرادة الفردية والدعم المؤسسي والمجتمعي. تمامًا مثل الأوركسترا، لا تنجح بعازف واحد فقط.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز