عاجل
الخميس 3 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
بقرة جناب السفير

بقرة جناب السفير

أجزم أن اللوبي اليهودي المسيطر على صناعة القرار في أمريكا منذ سنوات، لا يعد بمفرده السبب وراء الموقف المساند والداعم على طول الخط للكيان الصهيوني، بل يحركه "معتقدات عقائدية متطرفة" تظهر للعلن بين الحين والآخر في صورة سقطات تخرج قولًا أو فعلًا عن مسؤولين رفيعي المستوى بالإدارة الأمريكية.



 

ففي واقعة لم يلتفت إليها الإعلام في مايو الماضي، انحاز السفير الأمريكي في تل أبيب مايك هاكابي لمعتقداته المتطرفة، وضرب بكل الأعراف الدبلوماسية الأمريكية التي تمنع سفرائها في إسرائيل من زيارة الضفة الغربية المحتلة، وقام برفقة زوجته بزيارة عقائدية مفضوحة لمستوطنة شيلو شرق رام الله.

 

العجيب، أن الخطوة العقائدية الخالصة التي قام بها "هاكابي"، بدأت بزيارة مزرعة توجد فيها 5 بقرات حمراوات، كانت قد وصلت إسرائيل من ولاية تكساس الأمريكية في سبتمبر 2022، حيث تعتقد جماعات الهيكل المتطرفة أن وجودها في دولة الكيان الصهيوني إشارة إلهية بـ"قرب ظهور المسيح المنتظر، وبناء المعبد الثالث في موقع المسجد الأقصى".

 

وترجع أهمية البقرة الحمراء لدى جماعات الهيكل إلى الشروح التوراتية التي تعتبر جزءًا من كتاب التلمود، وتتلخص قصتها في ضرورة ظهور بقرة حمراء خالصة، تربت في أرض إسرائيل، وليس فيها شعرتان من لون آخر، ولم تستخدم في أي أعمال خدمة، أو يوضع في رقبتها حبل، وعند بلوغها العام الثاني، يتم ذبحها ــ طبقًا لمعتقداتهم ــ وحرقها وفقًا لطقوس خاصة، واستخدام رمادها مخلوطًا بالماء في تطهير الشعب اليهودي.

 

الغريب، أنه وفقًا لمعتقدات جماعات الاستيطان المتطرفة، فإن طقوس الذبح والتطهير، لا بد أن تجري في اليوم الثاني من شهر نيسان العبري أعلى جبل الزيتون المقابل للمسجد الأقصى، وتعد أذانًا بصعود اليهود في جميع أنحاء العالم إلى "بيت الرب" أي المسجد الأقصى، الذي تحرّم الحاخامية الكبرى في إسرائيل حتى اليوم اقتحامه لعدم تطهرهم "نجاسة الموتى" برماد البقرة الحمراء.

 

 

وهي الخرافة التي تعمل جماعات المعبد المتطرفة وللأسف على تنفيذها منذ سنوات، بتأييد مطلق من مجموعات مسيحية متطرفة مثل تيار "الأنجليكاني المسيحاني" الذي ينتمي إليه السفير الأمريكي، الذي يرى في التعاون مع إسرائيل مقدمة لـ"قدوم المسيح" وهي العقيدة التي جعلته دائمًا ما يغلب قناعته الدينية على مهماته الدبلوماسية، ويطلق تصريحات هوجاء لا تخرج إلا من مهووس بالأساطير، وليس سفيرًا لأقوى دول العالم.

للأسف أن الواقع يقول، إن تيار "الأنجليكاني المسيحاني" الذي ينتمي له "هاكابي" يرى العالم من منظار نبوءات القيامة وحروب آخر الزمان، ويشجع على تطبيق رؤيته الدينية على الأرض، ما جعله أحد أكثر تيارات العالم دعوة للحروب الدينية، وهو ما ظهر جليًا في تصريحات السفير الأمريكي، الذي دائمًا ما تجنّب استخدام اسم "الضفة الغربية" واستبدله بالمسمى التوراتي "يهودا والسامرة" بل والقول علنًا: "من الظلم التاريخي استخدام مصطلحات أخرى".

 

والأكثر أسفًا، أن تلك القناعات الأيديولوجية الدينية، هي ما جعلت "هاكابي" يبدأ عمله في إسرائيل بزيارة "حائط البراق" الذي يطلقون عليه "حائط المبكى" ويقول علنًا: "إنه يحمل دعاء كتبه الرئيس ترامب بخط يده، وأوصاه بقراءته في هذا المكان المقدس، بل وجعله يتمادى ويؤيد سياسة الاستيطان، ولعب دورًا تلموديًا يقدس إسرائيل، ويعتبر تمكينها مقدمة لمجيء المسيح، لدرجة أنه شارك في وضع حجر الأساس لمستوطنة إسرائيلية، وقال علنًا: "ليس هناك شيء اسمه مستوطنات، بل مجتمعات وأحياء ومدن، ولا يوجد شيء اسمه احتلال".

ليؤكد أحد أكبر الدبلوماسيين الأمريكيين، أنه مثال حي لإدارة عنصرية عمياء، تساند الكيان الصهيوني على طول الخط، من منطلق عقائدي طائفي متطرف.. وكفى.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز