

عبده مباشر
30 يونيو يومًًا للثورة و3 يوليو يومًًا للسيسى
إذا كان الثلاثون من يونيه 2013 هو يوم الثورة والثوار فإن الثالث من يوليو هو يوم السيسي القائد العام للقوات المسلحة، لقد ثار المواطنون بعد أن نفد صبرهم واستنفدوا قدرتهم على احتمال أخطاء السلطة الإخوانية التي تفاقمت والتي شملت كل المجالات بما فى ذلك الوطن والوطنية واستمر الثوار فى الشوارع والميادين طوال ثلاثة أيام، وفوجئ العالم بوجود أكثر من ثلاثين مليون مواطن فى الشوارع والميادين فى محافظات مصر شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا.
طوال تلك الأيام كانت القوات المسلحة تراقب وتتابع باهتمام بالغ وكلنا نعلم أن عبدالفتاح السيسي كان يشغل منصب مدير المخابرات الحربية قبل أن يتحمل مسؤولية منصب وزير الدفاع وخلال تحمله هذه المسؤولية كان باعه طويلًا جدًا فى ميدان جمع المعلومات، كان يتابع ما يجرى فى شارع السلطة الأمامى والخلفى ويعرف خطط وأهداف التطلعات الخارجية وامتداداتها الداخلية - والأهم كان يعرف حقائق ما يجرى وما يدور فى كل مستويات السلطة ومكتب الإرشاد وطوال الوقت لم يفقد الاهتمام العالى بالثورة والثوار، وكان على بينة أن الشارع الثورى يتطلع بقوة ويرفع الصوت مطالبًا بتدخل القوات المسلحة لحماية إرادة الشعب ومساندتها لتحقيق أهدافها المتمثلة فى طى صفحة حكم المرشد.
وكان الرجل على اتصال بالثورة والثوار، كما تعرف على موقف قادة القوى الحية والحيوية بالمجتمع - ولم يتوقف الحوار بينه وبين كبار قادة القوات المسلحة.
كان قد قرر المخاطرة بحياته والوقوف مع الثوار ولم يكن الأمر بالنسبة له اختيارًا بل ضرورة مصرية فالأوضاع والمعلومات كانت تكشف له حقيقة التردى الذي لحق ويلحق بمصر، وأن للتأخير ثمنًا فادحًا فى ظل تغول وشراسة القوى الإخوانية، تتحرك بقوة على طريق الأخطار والأخطاء.
وأمر الرجل ببعض التحركات العسكرية لكى تتناسب مع الأوضاع واتخذ خطوات للاستعداد لخطوته المحورية التي لن تتأخر أبدًا.
خلال هذه الأيام كانت القيادات الإخوانية تتحسب لموقف القوات المسلحة وتخشاه جدًا، ولمواجهة هذا الخشية توجه القيادى خيرت الشاطر على رأس وفد للقاء السيسي وزير الدفاع وانطلق الشاطر لتحذيره مما يمكن أن تقوم به الميليشيات الإخوانية التي أكد أنها قوى عسكرية مدربة ومسلحة جيدًا، وأنها تنتشر فى كل أرجاء مصر، وأنها حريصة على استمرار الأوضاع كما هى دون تغيير.
لقد نسى الرجل أنه يتحدث مع وزير الدفاع وعن القوات المسلحة المصرية وبدا واضحًا أنه لا يعرف شيئًا عن هذه القوات ولا عن هذا الرجل.
لم يعرف هذا الشاطر أن القائد العام منصب رفيع جدًا ويعرف أنه يقود جيشًا شديد البأس عظيم القوة يمتلك عقيدة راسخة تؤمن بالوطن وأن حمايته هدف تتجمع فيه كل الأهداف، وتعرف يقينًا أن مصر هدف تتجمع فيه كل الأهداف وتعرف يقينًا أن أمن مصر هدف لا يعلو فوقه هدف.
وعندما يقود قائد مثل هذا الجيش فإنه يعرف حقيقة مسؤولياته وحقيقة الأمانة التي تضيء له الطريق أما القوات المسلحة فقد نسى هذا الشاطر أنها تملك من بين ما تملك سلاحًا للمدرعات، وأنه لا يمكن لإرهابى أيًا كان تدريبه أن يواجه الدبابة، فالمكشوف عاجز عن مواجهة الدروع.
أما عن المدفعية فهو بالطبع لا يعرف قوة تأثيرها، وما يمكن أن تفعله نيرانها بمن يختارون مثل هذه المواجهة ومن التاريخ تقول هذا الذي لا يعرف أن نابليون تصدى للثوار الفرنسيين الأكثر استعدادًا وتنظيمًا وحضورًا على المسرح السياسى الذين تمردوا على السلطة وأرادوا استمرار الفوضى والدمار والمقاصل التي تحصد الرءوس بنيران مدفعيته فى شوارع العاصمة باريس.. وانتهى الأمر بتبعثر الثوار وتمكن نابليون من فرض الأمر وتحقيق الاستقرار.
كان الشاطر يريد زرع الخوف فى قلب القائد العام ليظل الإخوان على قمة السلطة وحدهم ودون تغيير.
ومن المؤكد أنه لم يعرف أنه لا يمكن تهديد وزير دفاع مصر أو زرع الخوف فى قلبه بالتركيز على الميليشيات المسلحة وأماكن انتشارها فى محافظات مصر، وأيًا كان مستوى التسليح أو التدريب فإنهم يظلون مجموعة من الإرهابيين ومقاتلى الشوارع، وبمثل هؤلاء لا يمكن تخويف السيسي أو أى قائد عسكرى.
واستمع السيسي للشاطر وهو يتحدث وطوال الوقت حافظ على ابتسامته ولم يفتح فمه بكلمة واحدة.
وكلما لاحظ الشاطر أن السيسي يستمع، واصل التهديد والتحذير من الدماء التي يمكن أن تسيل والخسائر التي يمكن أن تلحق بالناس ومن المخاطر الظاهرة وغير الظاهرة وأن لديهم أى لدى الإخوان خططًا للمواجهة إذا ما فرضت عليهم مثل هذه المواجهة.
وبعد أكثر من ساعة توقف خيرت الشاطرعن حديثه، فسأله السيسي هل انتهيت، فقال نعم، فقام واصطحبه حتى الباب.
وعندما انتهى اليوم الثالث للثوار وهم فى الشوارع والميادين، كانت اللحظة الحاسمة قد حانت ووقف الرجل ليعلن دعم ومساندة القوات المسلحة للثورة والثوار وحماية إرادة الشعب وتمهيد الطريق لتحقيق الأهداف المتوخاة وكان الموقف مهيبًا فقد جمع وزير الدفاع القائد العام من حوله وعلى شكل هلال شعبى ساطع قادة القوى الدينية والسياسية والعسكرية، وفيما يتعلق بالقوى الدينية كان هناك شيخ الأزهر الشيخ الدكتور أحمد الطيب والبابا تواضروس بابا الكنيسة الأرثوذكسية ولم يكتف السيسي بدعوة هذين القائدين والرمزين الكبيرين بل دعا معهما قادة القوى الإسلامية الشعبية والسياسية الشرعية أى الحزب الذي يضم قوى سلفية، هذا بجانب عدد محدود من كبار قادة القوات المسلحة.
أراد السيسي أن يقول إنه لا يتحدث باسمه أو باسم القوات المسلحة فقط بل باسم كل مصر وها هى قيادات القوى الحية والحيوية فى مصر تجتمع كما لم تجتمع من قبل.
هذه الخطوة الفذة التي أقدم عليها وزير الدفاع القائد العام، هى خطوة غير مسبوقة فى تاريخ مصر ومن يفكر فيها وينفذها فهو بالضرورة قائد متميز ورأى العالم الرجل وهو يتحدث ويعلن أن المروءة تقتضى ألا يكون هناك بين المواطنين من يعانى خوفًا ولا يمكن أن يترك الوطن لسلطة لا تعرف قيمته ولا تعمل من أجله بل تصر على أن تنال منه وتدير ظهرها له، فهم جميعًا لا يؤمنون بالوطن أو الوطنية.
وهذا الهلال الشعبى العظيم لم يغب عنه سوى الإخوان الخونة.
كانت الرسالة واضحة، الوطن كله يرفض هذه السلطة ولا يقبل باستمرار وجودها وأن لحظة انطواء صفحتها قد حانت.
ووقفت القيادة العامة للقوات المسلحة فى موقعها الطبيعى بين المواطنين، وتأكد الثوار أن ثقتهم فى القوات المسلحة كانت فى مكانها، لقد سجل التاريخ يوم الثورة كما سجل أن يوم 3 يوليو هو يوم السيسي.