عاجل
الأحد 29 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
تجربتي في مسرح الأطفال في أسيوط.. قراءة استيعادية

تجربتي في مسرح الأطفال في أسيوط.. قراءة استيعادية

في إطار خروج المهرجان القومي للمسرح ف دورته التي بدأت بفاعليات وورش عمل وندوات في بور سعيد والإسكندرية وطنطا وأسيوط.



ذهبت الى مسقط رأسي أسيوط لأتحدث حديثًا استيعاديًا لتجرية فرق مسرح الطفل في أسيوط، في الفترة من 25:21 يونيو الجارى 2025م.

عن الفرقة التي مارست استمرارية منتظمة منذ عام 1987م ولمدة خمسة عشر عامًا.

والتي كانت تستهدف في موسم الشتاء كل أطفال المدارس بالتنسيق مع مديرية التربية والتعليم وديوان عام المحافظة.

حيث كنا نستقبلهم بصالة المسرح في السابعة صباحا في أيام شتاء أسيوط الجميل، وفي فصل الصيف نستقبلهم في السادسة مساء، استجابة للدعاية في الشوارع والإعلانات الجذابة، وعربة قصر الثقافة التي كانت تدور في كل مكان لدعوة الأطفال و أسرهم، بعد انتهاء أيام العرض.

وهي عشرة أيام وفقا لما كان ولا يزال ملزمًا وفقًا للائحة التنفيذية للهيئة العامة لقصور الثقافة ، كانت جمعية رواد قصر ثقافة أسيوط تتكفل بدفع مستحقات الممثلين والعاملين بالعرض، وهي أجور رمزية جدا حتى نتمكن من جعل العرض متاحًا مددًا طويلة طوال الموسم.

كان ذلك يحدث مقابل تذكرة رمزية أيضا كانت أثنان جنيه مصري ونصف فقط لا غير، ولم تتجاوز عشرة جنيهات مع تقدم السنوات.

كانت جميع مؤسسات الدولة في أسيوط تتعاون تعاونا وثيقًا لتحقيق التأثير الثقافي في أطفال أسيوط.

بعيدا عن تأثير تربية الأطفال في دوائر العزل النوعي المتطرف الديني، والتي كانت نشطة آنذاك للغاية، ومؤثرة في الشارع المحلي تأثيرا كبيرا.

كانت مراكز النيل للإعلام التابعة للهيئة العامة للاستعلامات تروج وتدعم وكانت مديرية الثقافة في أسيوط فاعلة ومؤثرة في الشارع، كما لا يمكن اغفال تأثير تعاون مديرية الشباب والرياضة بأسيوط.

 

لنستطيع تجاوز الصورة الذهنية السائدة لدى الجمهور العام آنذاك عن مسرح الأطفال کوسيلة للتسلية والترفيه، كانت فرقتنا هناك تحرص على الامتاع والتسلية بالتأكيد، ولكن كان هناك تصورا جادا للرؤى الفكرية التي كنا نريد غرسها عبر الأطفال والناشئة، والذين صاروا شبابا وهم الان رجال ونساء كبار، قد خرجوا إلى مجتمع مختلف مدنى يفهم حيوية الثقافة المصرية وتصورها العميق المتسامح للحياة والآخر.

لذلك كان التصور يقوم على حرية ترسيخ قيم حرية التفكير وشرح معنى الجماعة الوطنية.

كان هدفنا الأول أن يشعر الأطفال وأسرهم بأن هناك اهتماما بالتأكيد على الفكرة الأهم في مصر الحديثة وهي الحق في الصعود الاجتماعي عبر التعليم، وعبر الحق في الحصول على الثقافة، ذلك أن التغير الاجتماعي والعدالة الاجتماعية يجب أن تكون حقًا متاحا كالماء والهواء.

كما حرصنا على تغيير عددا من الأفكار السلبية المتوارثة عن أخد الحق بالقوة مع ضرورة الإيمان بأهمية حفظ النفس والحفاظ عليها والانتصار للضعفاء.

كما ناقشنا مسألة إدراك و اختلاف النوع في بداية مرحلة المراهقة والوعى بالذات الذكورية والأنثوية، ومناقشة العلاقة الطبيعية بين الفتيات والفتيان، ورفع الشعور بالتوتر والذنب عند إدراك مسألة اختلاف النوع والانجذاب الطبيعي بين النوعين، بل وناقشنا فكرة الصداقة وفكرة الحب الإنساني الراقي.

فى ضوء تربية الأطفال على الوعى المعرفي بالذات ونوعها الطبيعي وأن الاختلاف سنة الخلق الإلهى وتأكيد فكرة أن الفتاة مثلها مثل الفتى كلاهما وحدة عضوية مهمة في الحياة والمجتمع.

كما فكرنا حقا تفكرا جادا في مسألة التنشئة السياسية للأطفال وتدريبهم على التعبير الحر الملتزم م عن الأفكار التي يفكرون بها.

بل ودربنا الأطفال على كيفية رفع الظلم عن أنفسهم وعن الاخرين برفع مطالبهم للأب و الأم والحاكم.

وفي ذلك كانت درة أعمال الفرقة الفيل يا ملك الزمان للكاتب العربي الكبير سعد الله ونوس.

كما كان الاهتمام الجمالي حاضرا في كل مراحل العمل، وقد توفر لنا مجموعة من الخبراء المسرحيين الذين كانوا يرفعون راية المسرح المدرسي عالية وهم الأساتذة عبد النبي فرغلي وعبد السلام الكريمي وهما من نجوم الفرقة القومية للمسرح في أسيوط منذ أن كانت تتبع الجامعة الأهلية التي أصبح أسمها الثقافة الجماهيرية ثم صارت الآن تحمل أسم الهيئة العامة لقصور الثقافة .

كما كان لدينا مهنى مختص فى تشغيل خشبة المسرح هو يونس حسين، كان نادرا في خبرته محبا لعمله ينجز في تنفيذ المناظر وتشغيلها كما يحقق نتائج مبهرة فى الصوت والإضاءة أيضا.

كان الشاب المتخرج حديثا من المعهد العالي للفنون المسرحية المهندس الجميل ناصر عبد الحافظ رفيق رحلتى إلى القاهرة وأكاديمية الفنون فرصة نادرة لإنجاز المشروع، وقد بدأنا معا أولى خطواتنا العملية في تطبيق ما درسناه علميا، وكان حقا اكتشافا للذات والمسرح.

ومع حيوية التجربة والبيئة الحاضنة للإبداع والتي وفرها الناشط الثقافى والمدير النادر الأستاذ صلاح شریت، ومدير المركز القومى لثقافة الطفل بأسيوط السيدة نادية الشابوري خريجة الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية.

والتي كانت عائدة من رحلة طويلة من بلاد التشيك تأملت فيها جيدا مراكز تعليم وتدريب الفنون والثقافة للأطفال في أوروبا الشرقية، وقد كانت متفرغة للمتابعة كونها مرافقة لزوجها أستاذ الهندسة الأستاذ الدكتور عبدالرؤوف اشهر أساتذة التنسيق الحضارى بجامعة أسيوط.

وعندما عادت حاولت بكل طاقتها الكبيرة المخلصة أن تطبق ذلك في مركز الأطفال بأسيوط، والذي صار نموذجا يحتذى في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين المنقضي.

كان الأستاذ جمال معبد رحمه الله رحمة واسعة وصديق عمره الأستاذ وحيد عمار قد عملا في شبابهما الباكر بفرق الفنون الشعبية فى الثقافة الجماهيرية.

كان نادرا أن يكون هذا الرجل الوقور المهذب خفيض الصوت - هو أول راقص أبهرتي في الجمع بين جمال وإتزان ورجولة لعبة التحطيب المصرية القديمة ذات العمق الشعبي المصري.

وقد صمم وحيد عمار وصديقه جمال معبد مجموعة من الاستعراضات بفرقة كان قد كونها في مركز شباب الوليدية وربى فيها وعلم أجيالا عديدة ط، حقا كانت فرقة رائعة.

حصدوا إحترام و اعجاب الجميع في المجتمع المحلى وعندما سافروا للعرض في سوهاج والغردقة وفي دار الأوبرا المصرية بالقاهرة ومسرح سيد درويش بالإسكندرية.

بقى إذن أن أجد الملحن القادر على صنع الموسيقى والألحان لتلك المسرحيات، ولحسن الحظ فقد عثرت على الملحن أحمد اسماعيل والذي صار الملحن الأول لمعظم عروض الفرقة.

ثم كانت الاستعانة بالملحن الراحل أحمد شاهين والملحن الراحل جمال عطية هما من أهم مبدعي هذا الجيل الذي يرحل مبكرا ، وكذلك أهدانا المخرج الكبير رؤوف الاسيوطي رحمه الله رحمة واسعه رئيس الإدارة العامة الأسبق للمسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة مبدعا رائعا من المنصورة قلب الدلتا الأخضر وهو الملحن حمدى الواعي.

إلى أن انطلقت عبقرية محمد فرغلى الموسيقية فبقي هو الركن الموسيقى للفرقة ، كما تمكن من أن يدور حول العالم بفرقة الشيخ ياسين التهامي.

و ظلت تلك الفرقة تعمل ومن تاريخها أسد وأرنب من كليلة ودمنة، وحلم ليلة صيف لوليم شكسبير، والطائر الأزرق لموريس ميترلنك، وصياد السمك من التراث المسرحى الصيني، ونسمة سلام عن السلام للكاتب الإغريقي أرستوفانيس، الفيل يا ملك الزمان للكاتب العربي سعدالله ونوس.

وبعد أن توقفت هذه الفرقة لسنوات طوال، تمكنا من إطلاقها عام ٢٠١٣م في عهد المنشط الثقافي عبدالعال زهران ، إلا انها عادت لتتوقف بدون إبداء الأسباب.

تذكرت جيلي شركاء التجربة وسعدت بلقاء بعضهم وترحمنا على من رحل منهم مغفورا بإذن الله د.ممدوح الكوك أستاذ النحت بكلية الفنون الجميلة بجامعه أسيوط، والملحن الموسيقى المبدع محمد فرغلي والفنان الممثل المبدع كفاح سلطان.

وابتهجنا مع الفنان المبدع حمدى النوبي رئيس فريق التمثيل والفنان كريم محمود والفنان فتحي مرزوق والفنان الكاتب والمخرج صاحب الاعتراف الآن في مسرح الطفل في الوطن العربي حسام عبدالعزيز والفنان والمخرج أسامة عبدالرؤوف والفنان والمخرج خالد أبو ضيف و كل الأحباب المسرحيين فى أسيوط.

حقًا كان قرارا مهما ان يمتد المهرجان القومى للمسرح المصري في كل مكان في مصر بعيدا عن مركزية العاصمة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز