عاجل
الإثنين 10 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

أ.د. ممدوح مصطفى غراب يكتب: التعليم وثقافة الأجيال

التغيرات المتلاحقة وبالأخص خلال السنوات القليلة الماضية أظهرت أهمية تغيير نظرتنا وأهدافنا من نظام التعليم بحيث يؤخذ في الاعتبار أن التعليم يستطيع تغيير ثقافة الأجيال وتشكيل الوعي والإدراك وليس فقط المهارات التي تؤهل لسوق العمل. 



فعملية بناء الوعي تستوجب تغيير طرق التدريس والمناهج على أن يتم مشاركة وزارة الثقافة في وضع برامج تثقيفية بالمشاركة مع كبار المثقفين والكتاب وأصحاب الرأي المستنير.  على أن يتولوا تدريس هذه المقررات لجميع الطلاب دون تمييز بين العلمى أو الأدبي، و تكون هذه المناهج إجبارية الحضور، كما أن نسبة الحضور هي التي تحدد اجتياز هذه المقررات دون أداء اختبارات، وتكون الدروس في صورة أسبوعية دورية. إن محدودية النظرة تجاه التعليم الأساسي أو الجامعى على أنه فقط اجتياز امتحانات للحصول على شهادة للوجاهة الاجتماعية أو وراثة مهنة، أدى الى ضعف بناء الانسان وبالتالي ضعف مساهمته في تنمية المجتمع أو مواجهة التحديات التي تواجهه. السؤال الذي شغل المهمومين بالتعليم في بلادنا كان دائما هل هذه النظرة للتعليم هي نتاج مشكلات مثل نوعية أو محتوى المناهج الدراسية؟ أم نتيجة كثافة طلابية بالفصول؟ أم لطول أو قصر فترة اليوم الدراسي؟ أم بسبب معلم يقدم معلومات جاهزة (أو ملخصات) للتلقين وحتى اجتياز الطالب للامتحان؟ كل هذه المشكلات أو بعضها أدى إلى وجوب تطوير  التعليم وتغيير الأنظمة التعليمية حتى لا يظل نظام التعليم "لوغاريتم" يصعب فهمه أو استيعابه ليس فقط للمعلم، الأداة الرئيسية في التعليم، ولكن أيضا للطالب وولى الأمر، وتكون النتيجة طالب اعتاد على الحفظ والتلقين لاجتياز  الامتحان. التعليم لم يعد أداة فقط لاكتساب المعارف أو حتى المهارات لسوق العمل ولكن يجب أن ندرك المفهوم الأشمل للتعليم بحيث يكون قادرا على تغيير  الثقافة وتشكيل الوعي وتنمية المعارف شتى والإلمام بما هو محيط واستيعابه حتى تحدث نهضة فكرية للإنسان ويصبح قادرا على تنمية مجتمعه. بمراجعة أنظمة التعليم المختلفة يتضح أن نظام التعليم المنزلي والذي يعتمد على الدروس الخصوصية هو الأنسب لتحقيق الهدف المحدود لنظام التعليم الذي يعتمد على التلقين واجتياز الامتحان، وبالتالي لن تؤثر مشكلات الكثافة الطلابية وبناء المدارس على أهداف التعليم القائم على التلقين فقط اذا كانت هذه هي مشكلة التعليم. وحيث إننا ننشد الهدف الأعمق للتعليم الغرض من عملية التعليم ليساهم في تشكيل الوعي وتوسعة الادراك وتنمية الثقافة، فلابد أن تتغير نظرتنا للهدف وأن نتجاوز محدوديته ونفكر في الظروف التي تجعل التعليم يقوم بمهامه الأشمل وليس مجرد شهادة وامتحان بالتلقين. إن الظروف والأحداث التي نمر بها الآن أظهرت أهمية الوعي والثقافة، وليس خافيا أن البلاد التي يفتقد أبناؤها إلى الثقافة والوعي تعاني أزامات اقتصادية واجتماعية تصل حتى إلى تهديد أمنها القومي.

إن بلادنا تولي أهمية كبيرة لبناء الإنسان، وفي القلب منها التعليم بدوره الفاعل في تشكيل الوعي وبناء الثقافة من أجل بناء وطن قادر على مجابهة التحديات وحماية أمنه القومي، لذلك لا بد أن نثمن كل المحاولات الجادة لتطوير  تعليم قادر  على بناء إنسان سوي مثقف ومتعلم ومحب لوطنه.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز