
الصالون الثقافي بمعرض الكتاب يناقش «الفلسفة فى مصر القديمة»

محمد خضير
استضاف الصالون الثقافى فى معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته الـ56 مؤتمرا بعنوان «رؤية مستقبلية للفلسفة في مصر: الهوية والانتماء»، حيث جاءت أولى جلساته تحت عنوان «الفلسفة فى مصر القديمة».
افتتح الجلسة الدكتور مصطفى النشار، أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة ورئيس الجمعية الفلسفية المصرية، بحضور نخبة من الأكاديميين، منهم: الدكتور سامح طنطاوى، أستاذ علم الجمال الحديث والمعاصر بجامعة حلوان، والدكتور محمود مراد، أستاذ الفلسفة اليونانية ووكيل كلية الآداب بجامعة سوهاج، والدكتور شرف الدين عبدالحميد، أستاذ الفلسفة اليونانية بجامعة سوهاج. أدار الجلسة الإعلامي حسام الدين حسين.
وبدأ الدكتور مصطفى النشار حديثه بتوجيه الشكر للدكتور أحمد بهى الدين والقائمين على البرنامج الثقافى لمعرض الكتاب، مشيرا إلى أهمية الفلسفة، خاصة فى ظل التحديات التي تواجهها اليوم. وأوضح أن الفلسفة ليست مجرد علم ضمن بقية العلوم، بل هى «أم العلوم» وأساس التفكير النقدى والعقلانى.
وأردف قائلا: «سمعتم عن تهميش الفلسفة فى الثانوية العامة، لكن الفلسفة هى العلم الذي يبنى عليه كل علم آخر. مناهجنا الفلسفية تحسدنا عليها الدول الأخرى؛ حيث ندرس مهارات التفكير الفلسفى فى الصف الأول، والفلسفة والحياة فى الصف الثانى، بينما نتطرق إلى فروع الفلسفة التطبيقية والذكاء الاصطناعى فى الصف الثالث.
وقال نحن أصحاب قضية، وعلينا غرس الفلسفة فى النفوس لتمكين الأفراد من التفكير النقدى الذي يميز الإنسان».
وأشار النشار إلى أن الفلسفة ليست غربية المنشأ ولا يونانية الأصل، بل بدأت فى مصر القديمة، حيث ظهرت على يد الفيلسوف بتاح حتب فى القرن الـ27 قبل الميلاد، كما تجسدت فى أفكار إخناتون بالقرن الـ14 قبل الميلاد.
وأضاف: أن جميع الفلاسفة اليونانيين، ومن بينهم فيثاغورس وأفلاطون، زاروا مصر وتتلمذوا على يد الفلاسفة المصريين.
كما دعا النشار إلى ضرورة تعليم الأطفال المصريين اللغة الهيروغليفية لتعزيز الوعى بالهوية الوطنية، مؤكدا أن الفلسفة ليست مجرد علم، بل هى أساس للفنون والحضارة المصرية القديمة.
من جانبه، أوضح الدكتور محمود مراد أن الفكر المصري القديم تعرض لتشويه ممنهج، حيث تم تصويره على أنه مزيج من الأساطير والخرافات، فى حين أنه احتوى على أفكار عقلانية ثورية.
وأضاف: «مصر القديمة شهدت أول ثورة اجتماعية فى التاريخ ضد طغيان الملك والإقطاعيين، وذلك فى القرن الـ21 قبل الميلاد خلال عهد الملك بيبى الثانى، آخر حكام الأسرة السادسة. قاد هذه الثورة المفكر والفيلسوف أيبور، الذي وثق الأحداث فى نصوص رغم فقدان أجزاء منها».
وأشار مراد: إلى أن الثورة رفضت تسلط الكهنة والنظام الإقطاعى، وأدت إلى تغييرات سياسية كبيرة، من بينها انتقال الحكم من الشمال إلى الجنوب، وهو ما يعكس وعى الشعب المصري القديم وإدراكه لأهمية العدالة الاجتماعية.
أما الدكتور شرف الدين عبدالحميد، فقد تناول النماذج المختلفة التي سعت لتفسير العلاقة بين الفلسفة المصرية القديمة والفكر اليونانى، مشيرا إلى خمسة اتجاهات رئيسية؛ نموذج المعجزة، نموذج الفلسفة المسروقة، النموذج الانتشارى، نموذج التأثير المتبادل، ونموذج "أثينا السوداء".
بدوره، استعرض الدكتور سامح طنطاوى مفهوم الجمال فى الفلسفة المصرية القديمة، مشيرا إلى أن الحضارة المصرية لم تكن معنية بالجمال الظاهرى فحسب، بل امتدت إلى مفهوم «الجلال»، وهو الشعور العميق الذي يثيره الفن العظيم.
وقال: «عندما تنظر إلى الأهرامات أو المعابد المصرية، فإنك لا تبتسم فقط لجمالها، بل تشعر بإحساس داخلى من الرهبة والانبهار، وهذا هو الفرق بين الجمال والجلال».
وأكد "طنطاوي" أن الحضارة المصرية القديمة لا تزال تلهم العالم، وأن النهضة الحقيقية لمصر تكمن في العودة إلى جذورها وإعادة إحياء جوانبها الثقافية والفنية.