عاجل
الخميس 25 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي

حكاية أفريقيا وبحرُ الهند في المصادر التاريخية

أرشيفية
أرشيفية

   أفاضت المصادرُ التاريخيةُ والجغرافيةُ في وصف بحر الهند (أي المحيط الهندي)، أو البحر الهندي، أو ما يُطلِق عليه أيضاً، أو بالأحرى أجزاء منه تسمية: البحر الحبشي، أو بحر الحبش . يذكر المسعودي (ت: 346هـ) أن هذا البحر يمتد امتداداً واسعاً من مناطق الغرب إلى الشرق، وتحديداً من أقصى بلاد الحبش التي يُقصد بها ساحل شرق أفريقية، أو بلاد الزنج (بر الزنج)، إلى أقصى تخوم بلاد الصين والهند . 



   بينما يُطلق الجغرافي ابن سعيد على المحيط الهندي اسم "البحر الهندي . ويُعرف هذا البحر بحسب بعض الروايات الأخرى باسم: البحر الأخضر، وكذلك أُطلق عليه تسمية "البحر الكبير"، وكذا "البحر المحيط" . وتُطل على هذا البحر سواحل العديد من البلدان، ولعل من أبرزها: بلاد الصين، وبلاد الهند، وبلاد السند (وهي باكستان حالياً) ، وكذلك عُمان، وعدن، إضافة إلى سواحل بلاد الزنج..وغيرها. 

    يُشير كل ذلك إلى الامتداد الجغرافي الواسع والعريض لسواحل المحيط الهندي على القارتين الأفريقية والآسيوية، بينما يقول ابن البلخي عن هذا البحر، وامتداد تخومه، والبلاد التي تقع على سواحله: "وبلادُ الصين والسند والهند وعمان وعدن وزنجبار والبصرة، وبقية الأعمال تقع على ساحل هذا البحر، وكل حافة من هذا البحر تقع على أرض ولاية تُدعى باسم تلك الولاية، وعلى هذا يُقال بحر فارس، وبحر عُمان، وبحر البصرة، وأمثال ذلك.." . 

   إلا أنه من اللافت أنه جعل البصرة من تلك المدن أو المحطات التجارية التي تقع على سواحل هذا المحيط. من جانب آخر، يبلغُ عرض بحر الهند أو المحيط الهندي، بحسب ما ورد في بعض المصادر التاريخية، حوالي: 2700 ميل، بينما يبلغ عرضه في موضع آخر حوالي 1900 ميل، وقد تتقاربُ سواحل هذا البحر بسبب قلة العرض في موضع دون مواضع أخرى، ويكثر ذلك، وهذا أمر طبيعي على كل حال، وقيل أيضاً في طول بحر الهند غير ذلك من الأقوال الأخرى . يتحدث المسعودي عن المحيط الهندي، ويشير إلى أنه ليس في "بلاد المعمور" أعظم من بحر الهند، وله خليجٌ يتصل بـأرض الحبشة، وهو يمتدُ الى ناحية مدينة بربري (أو بربر على الساحل الصومالي) . 

    وهي بالطبع ليست المدينة التي يُنسب إليها "البرابرة" الذين يسكنون بلاد المغرب، أو شمال افريقيا، "لأن هذا موضعٌ آخر يُدعى بهذا الاسم" . كما يُوصف بحر الهند أيضاً بأنه بحر ذو أمواج عظيمة، ومن ارتفاعها تبدو تلك الأمواج وكأنها "الجبال الشواهق"، وهو "موجٌ أعمى"، ويُقصد بذلك أن البحارةُ كانوا إذا توسطوا بحر الهند، ودخلوا بين أمواجه، فإن هذه الأمواج العاتية كانت قوية الحركة، شديدة الاندفاع، وكان هذا الموجُ يرتفع بشكلٍ مُفاجيء أمام السفن والمراكب التجارية . 

وبعد ذلك، كان الموجُ ينخفضُ مرة أخرى كأدنى ما يكون من الأودية، ومع ذلك لم تكن تنكسر أمواج هذا البحر، ثم يُضيف بعد ذلك: "ولا يظهر من ذلك الَزبَد.." . وتذكر رواية المسعودي أيضاً عن هذا البحر، فإن الناس يزعُمون (يقصد البحارة الذين رافقهم في رحلته عبر بحر الهند) أن موجه كان لا يكادُ يهدأ، فهو في اندفاعه كأنه "الموج المجنون". ثم يضيف: "وهؤلاء القوم الذين يركبون هذا البحر من أهل عُمان عربٌ من الأزد.." . 

ولعل ذلك يشير إلى أن التُجار العرب العُمانيين بصفةٍ خاصة كانوا أكثر من غيرهم خبرةً بهذا البحر، وهم الأكثر معرفة بأسراره، وكانوا أعرف أهل هذا الزمان (أي أيام رحلة المسعودي خلال القرن 4هـ/10م) بالتجارة في بحر الهند، وكانوا يعلمون أحوال الرياح، وأسرارها، وأوقات هبوبها، ومن ثم كانوا أكثر الناس درايةً بالأوقات التي يُؤثَرُ الإبحار خلالها سواء شرقاً، أي في اتجاه سواحل بلاد الصين، أم أنه من الأفضل أن يُبحروا غرباً في اتجاه بلاد الزنج، وباقي بلاد وممالك شرق أفريقيا .   

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز