مصطلح الزنج .. المفهوم والدلالة
د. إسماعيل حامد
يُشكل مُصطلحُ الزنج Zanj وما يرتبطُ به من مصطلحات أو مفاهيم أخرى عديدة أحد الإشكاليات الغامضة التي تحتاج مزيدا من الإيضاح لمعرفة أصل اللفظ، ودلالته . يجدر بالذكر أنه من الأهمية بمكان أن نتعرف على أصل التسمية، ودلالاتها بحسب المصادر ، وفي ضوء الدراسات الحديثة. وكما هو معلوم أن الزنج (الزنوج) أو الشعوب الزنجية ليسوا كلهم من الأفارقة من ناحية، كما أن الأفارقة ليسوا جميعهم من الزنوج من ناحية أخرى .
ويذهب أكثر الباحثين إلى أن لفظ بلاد الزنج يشير لأرض الشعوب ذات البشرة السوداء، أو الشعوب السوداء ، أي أن لفظ الزنج يعني ذات المعنى الخاص بتسمية السودان، أو شعوب السودان، إلا أنه يشار إليهم بهذا المعنى في إطار تحديد جغرافي خاص باللفظ، فشعوب الزنج يقصد بهم هؤلاء السودان، أو الشعوب السوداء، الذين يسكنون المناطق الواقعة على ساحل شرق أفريقيا ، وتجعل بعض المصادر تلك بلاد الزنج من بلاد الإقليم الأول من المعمور، هي وباقي بلاد السودان . كما أطلقت المصادر على تلك البلاد تسميات وصفات ذات دلالة، وهي بلاد العطور، أو إقليم العطور .
أما أصل لفظ الزنج؛ فإنه وبحسب البعض لفظ فارسي الأصل، ثم دخل اللغة العربية على يد المؤرخين العرب فيما بعد ، ولنا في ذلك الرأي نظر؛ حيث إن أصل هذا اللفظ في الغالب لاتيني المنشأ، إذ أطلق بعض المؤلفين اللاتين على تلك البلاد تسمية زنجيوم Zingium؛ وهي تسميةٌ تشير قديما للمناطق الواقعة على ساحل شرق أفريقيا؛ لاسيما في كل من سواحل كينيا وتنزانيا. ويرى الباحثُ أنه هذا اللفظ الآنف (اي زنجيوم) في الغالب هو أصل تسمية الزنج الحالية؛ فهي أقدم إشارة لهم.
ومن ثم يرى الباحث أن كلمة زنج استخدم المهاجرون الفرس الأوائل تلك التسمية، ثم أطلقوها على ساحل شرق أفريقيا في البداية إشارة للون بشرة السكان السوداء، ثم استخدمها المؤرخون العرب بعدئذ، وكان من أقدمهم الفزاري والمسعودي..الخ .