بعد الاستقبال الحافل له في البحر الأحمر واختياره لافتتاح أسبوع نقاد برلين
المخرجة هالة القوصي: شرق 12 يستخدم لغة (السين) والموسيقى فيه تشبه (الحدوتة)
هبة محمد علي
كانت الحفاوة التي استقبل بها جمهور مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دورته الرابعة فيلم (شرق 12) للمخرجة "هالة القوصي" بمثابة مقياس حقيقي لجودة الفيلم، ومدى تميزه، خاصة أنه العرض العربي الأول للفيلم، حيث عرض من قبل في فعالية نصف شهر المخرجين بمهرجان كان السينمائي، وعرضه على جمهور عربي.
كما تقول هالة في حوارنا معها هو مقياس حقيقي ليعرف صناع الفيلم هل نجح في توصيل رسالته للجمهور الذي خرجت حكاية الفيلم من بينهم؟ وهل استقبلوا هذه الحكاية بشكل جيد أم لا، الجميل في هذا الفيلم، أنه يتابع رحلته في المهرجانات العالمية بنجاح باهر، فقبل أيام حصل الفيلم على تنويه لجنة التحكيم الخاصة للتفوق التقني من مهرجان كيرلا السينمائي الدولي بالهند، وأعلن عن مشاركته في مهرجان روتردام السينمائي الدولي، كما أعلن أيضا أن الفيلم سيكون هو فيلم افتتاح أسبوع النقاد في مهرجان برلين في دورته ال 75 والمقرر إقامتها في الفترة بين 13 حتى 23 فبراير 2025 وبذلك سيكون الفيلم هو أول فيلم مصري يفتتح أسبوع نقاد مهرجان برلين العريق وفي حوارنا مع المخرجة هالة القوصي تحدثنا معها عن الصعوبات التي واجهت الفيلم، وعن اختيارها لأبطالها، واختيارها لأماكن تصوير مختلفة وجديدة تعكس طبيعة الفيلم،.. وإلى نص الحوار:
بداية كيف وجدت استقبال الجمهور العربي لفيلمك في مهرجان البحر الأحمر السينمائي؟
بالطبع كنت سعيدة جدا من استقبال الجمهور للفيلم، وقد تلقيت ردود فعل طيبة خاصة من الشباب الذين حضروا الفيلم، وقام بعضهم بالتواصل معي، والحقيقة أنا دائما ما أراهن على الجمهور العربي، وعلى استقباله للأفكار المغايرة وغير التقليدية، خاصة إذا ما توافر له مستوى معين من الصدق، وقد جربت ذلك بنفسي في فيلمي الروائي الأول (زهرة الصبار) وأرى أن السينمائيين يحصرون أنفسهم في مساحة ضيقة جدا، تحت زعم أن (الجمهور عايز كده) وهو قول مغلوط تماما.
وما الاختلاف بين هذا العرض وبين عرضه في كان؟
بالطبع عرض الفيلم في كان حدثا رائعا، خاصة أنه كان عرض عالمي أول في قاعة كبيرة تسع 800 فرد، كانت محجوزة بالكامل، لكن عرضه في المهرجان لجمهور قادر على فهم اللغة الخاصة بالفيلم، وقادر على فهم المفردات البصرية والرمزية للمكان الذي أتت منه الحدوتة أمر مختلف.
استغرقت من أجل خروج هذا الفيلم إلى النور 8 سنوات كاملة، ما السبب الذي جعل الفيلم يحتاج كل هذا الوقت؟ بالفعل، استغرق الفيلم 8 سنوات، بداية من وضع الفكرة والكتابة قبل التصوير، ثم عام ونصف بعد التصوير في أعمال التحميض والمونتاج والصوت، وأبرز الصعوبات ستتعلق بمسألة التمويل، ورغبتي في اختيار أماكن مختلفة للتصوير تتوافق مع طبيعة الفيلم.
حدثينا عن أماكن تصوير الفيلم؟
الفيلم تم تصويره في مخزن كبير معزول في حلوان أطلقت عليه لقب المستعمرة، كما تم تصويره أيضا في القصير، وقد كان قراري منذ البداية أن تكون مشاهد البحر في منطقة البحر الأحمر، خاصة أن هناك مشاهد يدخل فيها مجموعات إلى داخل البحر، فشعرت أن البحر الأحمر أكثر أمانا من البحر المتوسط، لكن المسألة بالنسبة لي لم تكن تتلخص في ظهور مياه زرقاء في المشهد فقط، فقد قدت سيارتي لمدة 3 أيام بحثا عن مكان مناسب، حتى وجدت تلك المنطقة التي ينمو فيها شجر المانجروف وهو شجر ينمو على شاطئ البحر، ويستمد سقياه من المياه المالحة، فكان بالنسبة لي هذا المكان هو الاختيار الأمثل، وشعرت أنه يشبه الجو الأسطوري والخيالي الموجود في قصة فيلمي، ولا سيما أنني استشعرت بشيء من الإعجاز الرباني في نمو هذا النبات على شاطئ البحر بهذا الشكل الجميل، والحقيقة أنني كنت أبحث عن أماكن غير معتادة منذ 2019، دون أن أرفع التكلفة الإنتاجية للفيلم بالخروج خارج مصر، ولا سيما أن مصر فيها أماكن جميلة ومغايرة، ولم تكتشف بعد.
الفيلم له لغة خاصة به، وفي الجمل الحوارية على لسان الأبطال هناك بعض المفردات الجديدة على أذن الجمهور.. حدثينا عن هذا الأمر؟
بالفعل، الفيلم يستخدم لغة السين وهي لغة كانت تستخدم قديما وتعتمد على حذف أول حرف من الكلمة التي يراد التعبير عنها، وإبداله بحرف السين، قد تسبب الفنان أحمد حلمي في شهرتها قبل سنوات عندما تحدث بها في إحدى الحملات الإعلانية، أما مفردات (جلالة) الحكاءة والتي قامت بدورها الفنانة "منحة البطراوي" فمعظمها من كتب الفلكلور، وكتاب (الأمثال الشعبية المصرية)
من أكثر العناصر التي لفتت أنظار الجمهور في الفيلم هو عنصر الموسيقى.. ما المجهود الذي بذلتيه من أجل وضع موسيقى مغايرة داخل فيلمك؟
بطل الفيلم "عمر رزيق" شاب متمرد، والفن أداة ووسيط مهم لإعلان هذا التمرد، وبالنسبة لي كان اختيار موسيقى مغايرة اختيار واعي منذ البداية، فالموسيقى لا تحتاج إلى وسيط بين المتلقي والصانع، وبما أن الفيلم ينتمي إلى اللازمان واللامكان، فكان القرار أن تكون الموسيقى تشبه الحدوتة، ومختلفة عن المتاح، دون أن يشعر معها المتلقي الشرقي بأي تغريب، فأنا لم استخدم موسيقى غربية مثلا في الفيلم، لكن أيضا لم يكن ممكننا أن استخدم الآت تقليدية، وقد تم كتابة نوت للمقطوعات الموسيقية التي تم تقديمها في الفيلم، وساعدني كون عمر يتقن العزف في الحقيقة في أن تبدو مشاهد العزف طبيعية.
تعاونت مع منحة البطراوي في فيلمك الأول زهرة الصبار والذي حصلت من خلاله على جائزة أحسن ممثلة من مهرجان دبي السينمائي، والآن تعاودين التعاون معها في فيلمك الثاني “شرق 12”.. ما السبب؟
منحة البطراوي هي أول من جاء في خيالي عندما بدأت كتابة ملامح شخصية "جلالة" وحولها رُسمت باقي الشخصيات، والحقيقة أنني لم أر شخص غيرها في الدور، حتى أنها قد مرت بظروف صحية سيئة، وآخرها قبل التصوير بـ 8 شهور حيث أصيبت بكسر صعب، وكنت أتألم كثيرا من أجلها، لأنها صديقتي في البداية، ولأنني كنت أعلم أن (شرق 12) لن ير النور إلا بوجودها، لكنها كالعادة ألهمتني، وقامت بتصوير مشاهدها في مواقع تصوير قاسية، وفي درجة حرارة مرتفعة للغاية، وأدت مشاهدها ببراعة.
ما الذي يعنيه لك اختيار فيلمك لافتتاح أسبوع النقاد في مهرجان برلين العريق؟
سعيدة بهذه الفرصة التي تضع فيلمي في سياق نقدي مهم، وقد زادت سعادتي بعدما قرأت رسالة المهرجان لي، والتي أخبروني فيها بعرض فيلمي في افتتاح أسبوع النقاد، فقد جاء في الرسالة أن الفيلم كان واحدًا من الأفلام القليلة التي وافقت عليها لجنة الاختيار بأكملها في وقت مبكر.