برنامج الطروحات الحكومية يشمل 10 شركات
البورصة تترقب انتعاشة كبيرة فى 2025
عبدالرحمن موسى
تحرص الدولة على تمكين القطاع الخاص وتعزيز دوره فى الاقتصاد، من خلال مشاركته بشكل أكبر فى تنفيذ المشروعات التنموية والخدمية التي تتم خلال هذه الفترة، إذ تبنت الحكومة برنامجًا للطروحات الحكومية الذي يعد أحد أشكال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، تستهدف عبره رفع نسبة مساهمة القطاع الخاص من إجمالى الاستثمارات بنحو ٦٥٪ خلال السنوات القليلة المقبلة، ويأتى هذا البرنامج فى إطار تطبيق وثيقة سياسة ملكية الدولة للأصول.
واتجهت الدولة نحو إنشاء وحدة للإشراف على برنامج الطروحات، إذ تعمل الوحدة بالتعاون مع كل مؤسسات الدولة، وعلى رأسها صندوق مصر السيادى، حيث إن الصندوق يعد أداة تنفيذية قوية فى تنفيذ هذا البرنامج، أما الوحدة فيتمثل دورها فى الإشراف والمساعدة فى الإطار الإداري واستكمال الإجراءات للإسراع فى عملية الطروحات.
وفى هذا الإطار، تم التعاقد مع مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولى، كاستشارى للدولة المصرية، فى تنفيذ هذا البرنامج الذي سيساعد فى عملية التسمية لعدد من هذه الطروحات خارج نطاق الإقليم المصري.
30 مليار دولار خلال 26 شهرًا
ونجحت الحكومة خلال السنوات الماضية فى جمع ما يقرب من 30 مليار دولار من تنفيذ المراحل الثلاث من برنامج الطروحات الحكومية خلال 26 شهرًا «الفترة من مارس 2022- حتى يونيو 2024»، من خلال تنفيذ 33 عملية طرح فعلى للتخارج الكلي/ الجزئى من الشركات المملوكة للدولة على 3 مراحل، الأولى: استهدفت التخارج الجزئى من 6 شركات تسهم بها الدولة بحصيلة مستهدفة 3.3 مليار دولار، وذلك بما يشمل بيع حصص مملوكة للدولة فى 6 شركات مدرجة فى البورصة موزعة على صفقتين.
والصفقتان تضمنان بيع حصص مملوكة للدولة فى 5 شركات مدرجة بالبورصة «البنك التجاري الدولى فورى أبوقير للأسمدة ـ موبكو للأسمدة ـ الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع» بإجمالى 1.9 مليار دولار فى مارس 2022 ، كما تم بيع حصص مملوكة للدولة فى 4 شركات مدرجة بالبورصة «موبكو ـ أبوقير للأسمدة ـ إى فاينانس ـ الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع» فى أغسطس من نفس العام بقيمة 1.3 مليار دولار.
وتستهدف المرحلة الثانية من تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، التخارج الكلي/ الجزئى من خلال طرح عدد 7 شركات تسهم بها الدولة بحصيلة تبلغ 2 مليار دولار، بما يشمل طرح 100% من حصة الدولة بشركة البويات والصناعات الكيماوية «باكين»، والتخارج من نحو 31% من شركة عز الدخيلة للصلب، وطرح حصة من شركة الحفر المصرية للبترول، وطرح حصة من الشركة المصرية لإنتاج الألكيل بنزين الخطى «إيلاب»، وطرح حصة من الشركة المصرية لإنتاج الإيثلين ومشتقاته «إيثيدكو»، وطرح 10% من حصة الشركة المصرية للاتصالات، وزيادة رأس مال الفنادق الـ7 المملوكة لشركة إيجوتالك.
وتم تنفيذ الصفقات المتضمنة فى المرحلة الثانية من برنامج الطروحات، ما بين بيع كامل لحصة الدولة بشركة البويات والصناعات الكيماوية «باكين» لمستثمر أجنبى ممثل فى شركة إماراتية بقيمة 17 مليون دولار فى شهر مايو 2023، وبيع جزئى لحصة الدولة بشركة عز الدخيلة بنسبة 31% لمستثمر مصري ممثلًا فى مجموعة عز الدخيلة بقيمة 245 مليون دولار فى سبتمبر 2023.
وطرح حصة من ملكية الدولة فى شركات الحفر المصرية للبترول، وطرح حصة من الشركة المصرية لإنتاج الألكيل بنزين الخطى «إيلاب»، وطرح حصة من الشركة المصرية لإنتاج الإيثلين ومشتقاته «إيثيدكو» بقيمة 800 مليون دولار لصالح شركة أبوظبى التنموية القابضة فى نوفمبر 2023، فضلًا عن طرح 10% من حصة الشركة المصرية للاتصالات فى البورصة المصرية بقيمة 128 مليون دولار لمستثمرين متنوعين مصريين فى شهر مايو 2023.
وزيادة رأس مال الفنادق الـ7 المملوكة لشركة إيجوتالك التابعة لشركة «إيجوث» بقيمة 800 مليون دولار، عبر آلية تمويلية لزيادة رأس المال وضخ استثمارات بالعملة الأجنبية لصالح مستثمر مصري، ممثلًا بمجموعة طلعت مصطفى فى صفقة تم تنفيذها فى شهر فبراير 2024، ناهيك عن أن حصيلة عمليات التخارج المنفذة خلال المرحلة الثانية بلغت 1.99 مليار دولار بمعدل إنجاز 99.5% مقارنة بالحصيلة المستهدفة المعلنة.
أما المرحلة الثالثة من تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، فشملت التخارج من 3 شركات تسهم بها الدولة بحلول ديسمبر 2023، والتخارج من عدد 3 شركات تسهم بها الدولة بحلول يونيو 2024، بحصيلة مستهدفة 5 مليارات دولار، وذلك بما يشمل طرح محطة جبل الزيت لتوليد الكهرباء من الرياح من خلال طرح تنافسى على عدد من المستثمرين بإجمالى 300 مليون دولار، وطرح شركات وطنية للمنتجات البترولية، ودمياط لتداول الحاويات والبضائع، وبورسعيد لتداول الحاويات والبضائع، وحصة من بنك المصرف المتحد، وحصة إضافية من الشرقية للدخان.
وطرحت نسبة من حصة الدولة فى رأس مال الشركة الشرقية للدخان، من خلال البورصة المصرية لصالح شركة جلوبال للاستثمار القابضة المحدودة الإماراتية بقيمة 625 مليون دولار فى أكتوبر 2023، ناهيك عن أنه فى إطار التوسع بتنشيط الاستثمارات الخاصة وجذب الاستثمار الأجنبى، تم تنفيذ أكبر صفقة استثمار أجنبى مباشر فى تاريخ مصر، من خلال تطوير مدينة رأس الحكمة من قبل شركة أبوظبى التنموية القابضة بقيمة 35 مليار دولار ما بين 24 مليار دولار سيولة دولارية مباشرة تتدفق للدولة المصرية من الخارج، بالإضافة إلى 11 مليار دولار كودائع مستحقة للإمارات بالبنك المركزى المصري يتم تحويلها بالجنيه المصري لاستخدامها فى تنمية المشروع، ليصل بذلك حصيلة عمليات التخارج المنفذة خلال المرحلة الثالثة 24.63 مليار دولار، بمعدل إنجاز 492.5% مقارنة بالحصيلة المستهدفة المعلنة.
طرح 10 شركات
واستكمالًا لهذا البرنامج فى المراحل المقبلة، تتبنى الدولة خطة توسيع الملكية الخاصة وجذب استثمارات خارجية، يتم البدء فى تنفيذها ببيع 10 شركات لمستثمر استراتيجى أو بسوق المال المصرية «البورصة» خلال عام 2025، منها 4 شركات تابعة للجيش، بهدف زيادة مساهمة القطاع الخاص فى الاقتصاد المصري، وفق تصريحات صحفية لمصطفى مدبولى، رئيس الوزراء.
وتعمل الشركات الحكومية المطروحة للبيع فى قطاعات البنوك والطاقة المتجددة والصناعات الغذائية والبترول، وتضم القائمة: «بنك القاهرة ـ محطة رياح جبل الزيت ـ شركة الأمل الشريف للبلاستيك ـ مصر للصناعات الدوائية ـ سييد للصناعات الدوائية ـ وطنية ـ صافى سايلو للصناعات الغذائية ـ تشيل أوت» ومن المقرر تحديد نسب وتفاصيل الطروحات خلال الفترة المقبلة.
وتعهدت الحكومة بتقليص الاستثمارات العامة وزيادة مساهمة القطاع الخاص فى الاقتصاد، من خلال طرح حصص أو بيع كلى لعدد من الشركات الحكومية والتابعة للجيش فى البورصة أو لمستثمر استراتيجى، ووفقًا لتصريحات حكومية تلخص مدى التقدم فى تنفيذ البرنامج، فإن مصر نفذت تخارجًا كليًا وجزئيًا عبر 33 عملية خلال الفترة من مارس 2022 حتى يونيو 2024، وجمعت حصيلة بلغت 30 مليار دولار.
كما أن آخر عمليات تخارج أجرتها الحكومة من برنامج الطروحات الحكومية تضمنت بيع حصة 30% من المصرف المتحد المملوك بالكامل للبنك المركزى المصري، فى البورصة منذ أيام، تخطت عوائدها 4.5 مليار جنيه 88.6 مليون دولار، وقد نجح الطرح على مستوى الإقبال على الشراء، إذ تخطت نسب التغطية عشرات المرات فى الطرحين العام والخاص.
انتعاشة مرتقبة فى 2025
وفيما يتعلق بسوق المال وتأثير عمليات الطرح الحكومية على الأداء العام لسوق المال.. قال إسلام عبدالعاطى، رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار: إنه من المنتظر أن تنعكس الطروحات الحكومية على زيادة عدد الشركات المقيدة بسوق المال المصرية وزيادة حجم السيولة وتنويع القطاعات أمام المستثمرين، خاصة أن الشركات المقرر طرحها تحقق أداءً ماليًا إيجابيًا ولها دور فى الاقتصاد الوطني، إضافة إلى استفادة الشركات المطروحة للبيع من عملية الطرح بمساعدتها الحصول على المزيد من التمويل، ما يساعد على التوسع فى أنشطتها الإنتاجية وإتاحة فرص عمل جديدة، الأمير الذي يرفع من الناتج المحلى الإجمالى ويخفض معدل البطالة، وفى الوقت نفسه يحسّن البيئة الاستثمارية بما ينعكس على جاذبية الاستثمار فى مصر وجذب المزيد من المستثمرين الجدد.
ولفت إلى أنه يجب التركيز على سياسة التسعير الجيد الذي يحقق التوازن بين الربحية فى بيع الأصول، إلى جانب جاذبية السعر لتحقيق النجاح فى عملية الطرح، خاصة مع التخارج الذي يحدث بشكل مقلق لشركات مدرجة بسوق المال المصرية، آخرها شركة حديد عز وهى إحدى أكبر الشركات المدرجة بسوق المال وتسهم فى الاقتصاد القومى بشكل فعال، إذ قررت إدارة الشركة الشطب الاختيارى من البورصة، ما يستدعى البحث عن مزيد من الشركات البديلة لدخولها سوق المال لتعويض النقص فى الشركات الكبيرة الناجحة والحفاظ على معدلات التداول بالسوق وهو الركيزة الأساسية لإدخال الاستثمارات الجديدة للبلد.
وعلى صعيد مدى الجاذبية الاستثمارية للشركات المصرية من قبل المستثمر سواء المحلى أو الخارجى، توقع صلاح الدين حيدر، المحلل المالى، أن يشهد برنامج الطروحات الحكومية، إقبالًا كثيفًا من المستثمرين المحليين والأجانب، استنادًا إلى آخر عمليات الطرح الجزئى لسهم المصرف المتحد، إذ شهدت عملية الطرح ارتفاع الطلب على تغطية الاكتتاب، من قبل المستثمرين المحليين والأجانب، إضافة إلى المؤسسات المالية والأفراد كذلك.
وأضاف: إن الشركات المزمع طرحها خلال الفترة المقبلة تتمثل فى طرح 10 شركات حكومية، منها 4 شركات تابعة للجيش بالبورصة أو لمستثمر استراتيجى، وهى شركات ناجحة ولها حصص سوقية جيدة كل فى مجال عمله وتتمتع بمعدلات ربحية تتناسب مع معدلات الربحية الشائع فى كل قطاع، وتعد عملية الطرح فى هذا التوقيت إشارة إيجابية على عزم الدولة المضى فى التخارج وتقليص مساهمتها فى الناتج المحلى الإجمالى مقابل زيادة مساهمة القطاع الخاص.
فى حين ترى، سيدة أحمد، الخبيرة الاقتصادية فى سوق المال، أن هناك عوائد إيجابية عديدة لبرنامج الطروحات الحكومية، أهمها تحسين إيرادات الموازنة العامة، وتخفيض الدين العام، خاصة أن عمليات الطرح وتوسيع الملكية الخاصة سيعمل على إدارة أفضل للموارد الخاصة بهذه الشركات، ما سيعود بالنفع على الاقتصاد القومى بشكل أكبر.
وأضافت: نأمل نجاح البرنامج خلال المراحل المقبلة بصورة أكبر من المراحل السابقة، وذلك باختيار الحكومة مؤسسة التمويل الدولية IFC- ذراع مجموعة البنك الدولى لتمكين القطاع الخاص - مستشارًا استراتيجيًا لتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، لتقديم الدعم والمشورة الفنية لبرنامج الطروحات الحكومية، والمساعدة فى هيكلة وإعداد الشركات المستهدف طرحها للقطاع الخاص، وتحسين حوكمة الشركات.
وبالحديث عن التحديات التي تواجه عمليات الطرح خلال المرحلة المقبلة، قال أحمد السعودى، مدير المحافظ الاستثمارية: إن التحديات التي تواجه بيع الشركات الحكومية فى البورصة، تتمثل فى انخفاض السيولة، وضعف الطلب بسوق المال خلال الفترة الحالية، ما يثير قدرًا من التخوفات الخاصة بخفض تقييم هذه الشركات وعدم تقييمها بالقيمة العادلة لها، لإيجاد عامل جذب للمستثمرين وعدم تحقيق العامل الربحى فى عملية البيع، مقترحًا أن تتم إدارة عملية التخارج من قبل شركات قطاع خاص لضمان تحقيق المستهدفات منه، والقيام بدراسات سوق داخلية وخارجية كافية، إلى جانب استقطاب مستثمرين جدد وعدم التركيز فقط على السوق السعودية أو الإماراتية أو الأسواق الخليجية بشكل عام، والتطرق إلى المستثمرين فى أوروبا وشرق آسيا واختيار البديل الافضل الذي يحقق الغالبية العظمى من أهداف برنامج الطرح.
وأوضح ياسر عبدالقوى، الخبير الاقتصادى، أن تحرير سعر الصرف أسهم فى إبرام صفقة رأس الحكمة بإجمالى 35 مليار دولار، وبعض التدفقات الأجنبية فى العديد من القطاعات بجانب صفقات الاستحواذ على شركات، وبالتالى فإن أسعار الصرف مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمدى نجاح عملية الطرح، فضلًا عن أن استقرار أسعار الصرف يحقق التوازن فى عملية البيع ويحافظ على مكتسبات الدولة جراء عملية الطرح.