الحسيني عبدالله
حكايات مصيرية
منهج موازٍ
المشهد الأول.. ماما عاوز استيقظ غدا في وقت مبكر عندي حصة في السنتر على فكرة الحصة بـ٨٠ جنيها وفي الموعد المحدد صباحاً توقظ الأم صغيرها لينضم إلى عشرات الطلاب الواقفين أمام السنتر في انتظار قدوم مدرس المادة أو البروفسير، بعدما قام بعمل حملة دعاية وإعلان كبيرة غطت الحوائط في أرجاء المدينة أو الحي، استخدام فيها ألفاظا للإبهار من نوعية عملاق التاريخ وبروفسير الكيمياء وغيرها من المغريات.
المشهد الثاني فجأة تظهر سيارة فارهة آخر موديل (موديل العام الحالي)، تتقدمها سيارة أخرى موديل حديث بها عدد من الجاردات ليهبط الجاردات ثم ينزل الاستاذ والمساعدون من السيارة. في منظر مبهر للطلاب الذين لم يتجاوز أعمارهم ١٥ عاما، في عملية مسح وغسيل مخ. المشهد الثالث يدخل الطلاب إلى السنتر التعليمي أو الفصل الدراسي بالمدرسة، وتبدأ عملية التنظيم من قبل السكرتارية والجاردات. ما هي إلا دقائق معدودة ليدخل المستر ليبدأ التعريف بنفسه أنا البروفسير الأول في المادة، واسألوا الطلاب وشوفوا الدرجات عندي عدد كبير من زملائكم العام الماضي حصلوا على الدرجات النهائية في المادة، أنا عارف المنهج والامتحانات بتيجي إزاي ومنين ويكمل سبكم من الكتاب المدرسي ويا ريت كمان تنسوا قصة الكتاب الخارجي أنا عندي الخلاصة. "كل واحد فيكم يحضر ٢٠٠ جنيه الحصة القادمة من أجل الحصول على كتابي، ده أنا سهرت الليالي وعملت كتاب كافي شافي في المادة هو دة الخلاصة". وبالفعل يتم حجز الكتاب من قبل التلاميذ دون أي تفكير أو أعمال عقل بعدما سلبت السيارة الفارهة والبودي جارد والمشهد المهيب عقول الشباب المراهق الذي أصبح يروج للمعلم بين أقرانة واصفا إياه بالجامد دون النظر إلى المادة العلمية والعملية التعليمية برمتها متناسيا أو ناسيا أن كتاب الأستاذ مأخوذ من الكتاب المدرسي والملخص الخارجي دون أدنى شك. هذا هو أحد المشاهد في عمليات الدروس الخصوصية أما عن باقي المشاهد فهي كالآتي: مدرس لطالب أو مجموعة من الطلبة بمنزل أحدهم. مدرس بالسنتر مع مجموعة صغيرة العدد أو كبيرة طبقاً لشهرة المدرس.
المنصات التعليمية وهي كثيرة على النت وفيها يحدد الطالب المادة ويشاهد عدداً من الفيديوهات لعدد من المدرسين للمادة الواحدة يختار منهم مدرس ممن يستريح لشرحه ويدفع الطالب بالحصة أو الشهر وعن طريق لينك يستطيع أن يشاهد الدرس على صفحة المدرس بالفيسبوك مثلا أربع مرات كحد أقصى لمشاهدة الدرس والدفع يتم مقدما بطرق الدفع المتاحة الآن بالتليفون كاش أو ما شابه ويتم تصحيح الواجب عن طريق الواتس ويقوم به أحد مساعدي المدرس.
الكتب الخارجية تعطي الطالب كود أو QR كود يمسحه بالموبايل فيدخل إلى موقع الكتاب الخارجى ليجد بنك أسئلة وإجاباتها.
وهناك قنوات تحت إشراف وزارة التربية والتعليم على التليفزيون قنوات مدرستنا للابتدائي والإعدادي والثانوي والتعليم الفني، وهي قنوات تقدم خدمة شرح الدروس وفيها مجموعة جيدة جدا وبعضهم من المدرسين الممتازين، بجانب بنك المعرفة.
كما يوجد على اليوتيوب وبعض الصفحات على الفيسبوك الكثير من الفيديوهات المجانية لمدرسين في كل المراحل والمواد الدراسية الذين يقدمون شرحا جيد جدا، يقدمونه مجانا والبعض الآخر يقدم مذكرات شرح كالكتاب الخارجى، توجد المجموعات المدرسية داخل المدرسة.
تقوم بعض النقابات والأحزاب والمكتبات العامة بتقديم خدمة شرح المناهج أيضا. بعض الصحف تفرد صفحات للمراجعات الخاصة بالشهادات كالثانوية العامة مثلا، على موقع الوزارة امتحانات لبعض السنوات السابقة وإجاباتها، وكذلك الكتب المدرسية.
والحقيقة أن هناك الكثير من الوسائل التعليمية التي تم ذكرها تعمل من أجل التخفيف على كأهل الأسرة المصرية في ملف الدروس الخصوصية، والحد من جشع المدرسين الذي فاق التخيل.
وزارة التربية والتعليم، تسعى جاهدة من خلال تفعيل تجريم الدروس الخصوصية التي تكلف الأسر المصرية ما يزيد على ١٣٦ مليار جنيه سنويا طبق لتقرير التعبئة العامة والإحصاء وهو مبلغ كبير يستطيع تغيير وجه الحياة للأسر إذا تم إنفاقه في الاهتمام بجودة الحياة داخل البيوت والتي تتمثل في الاهتمام بالصحة والغذاء الصحي وممارسة الرياضة. أتمنى أن تشهد الأيام القليلة القادمة الإفصاح من قبل وزارة التربية والتعليم عن شكل المنهج الجديد والحديث عن التطوير الذي طال الكتاب المدرسي الذي أتمنى أيضًا أن يكون خاليا من العيوب التي تجعل مدرس المادة يطالب الطالب وولي الأمر معا بشراء الكتاب الخارجي. ويتم ذلك من خلال إطلاق حملة توعية للجميع من الطلاب وأسرهم والمجتمع في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي على حد سواء، لشرح وتوضيح كل ما يخص المنهج الجديد.
يا سادة الثانوية العامة لسيت بعبء، وليست نهاية المطاف في حال الإخفاق فكم من متفوق في الثانوية لم يلق حظا جيدا في الحياة العملية وكم من طالب لم يوفق في الحصول على مجموع بالثانوية العامة وأصبح في مكان مرموق.
يا سادة رفقاً بنفسية الأولاد ورفقا بإنفاق أموال ولي الأمر في الدروس الخصوصية، وليكون هناك تعامل بالعقل في هذا الملف الذي يؤرق حياتنا، بدلا من نظرات الإبهار التي لا تسمن ولا تغني من جوع.