عاجل
الخميس 5 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
سيد درويش.. وفيروز وعبد الوهاب

سيد درويش.. وفيروز وعبد الوهاب

فى ذكرى احتفال إذاعة صوت العرب بعيد ميلادها الخامس والسبعين ، وبهذه المناسبة أعادت بث لقاء جمع بين الموسيقار محمد عبدالوهاب، والفنانة فيروز، والفنان عاصى رحبانى.



 

 ولأن الحوار شيقا فأثار انتباهى، وكنت مستمتعا بالأسئلة المتميزة، والإجابات المبهرة، وكم المعلومات الموسيقية الملفتة، وأثناء الحوار قالت المذيعة: "بالطبع يعتبر من أهم أنجازات الأخوان رحبانى وفيروز أنهما طورا أعمال الفنان سيد درويش مثل أغنية زرونى كل سنة مرة، والحلوة دى قامت تعجن.

 

 وفجأة قاطعها محمد عبد الوهاب بحسم لا يقبل الجدل قائلا: "عندك لوسمحتى!! الفنان سيد درويش متطورا بذاته، ومنذ أن ظهر سيد درويش لم يأتِ الزمان بمثله، فهو الذي طور الموسيقى المصرية والعربية، وإذا كان الأستاذ عاصى أعاد توزيع ألحان سيد درويش، لتناسب صوت السيدة فيروز، وقدم ألحانه على الآلات موسيقية حديثة، فهذا لا يعنى أنه طور سيد درويش.

 

ولكى أؤكد لكم ذلك فنحن قبل سيد درويش كنا نغنى ــ وراح عبد الوهاب يغنى مستهجناً وساخرا : ارخي الستارة اللي ف ريحنا أحسن جيرانك تجرحنا، بعد العشا يحلى الهزار والفرفشة.

 

 وبعد سيد درويش أصبحنا نغنى ــ وراح يغنى هذه المرة بانفعال صادق ــ قوم يا مصري مصر دايما بتناديك خد بنصرى، نصرى دين واجب عليك، ونغنى أيضا: أحسن جيوش في الأمم جيوشنا، وقت الشدايد تعالى شوفنا، ونغنى: أنا المصري كريم العنصرين، بنيت المجد بين الإهرمين.

 

 ونغنى: اهو ده اللي صار، وادي اللي كان ملكش حق، ملكش حق تلوم عليا، فالشيخ سيد درويش صاحب مشروع موسيقى كبير، ولو أمد الله فى عمره لأحدث انقلابا فى الموسيقى العالمية بأكملها، وأنا أقول هذا من واقع تجربتى، فقد كان لى الشرف أن عملت فى فرقته مطربا فى أوبريت شهر زاد.

 وحين وافته المنية، كان قد بدأ فى تلحين رواية "مارك أنطونيو وكليوباتر" للفنانة منيرة المهدية، فاستدعتنى سلطانة الطرب وطلبت منى إكمال تلحين الرواية التي بدأها سيد درويش، فخفت وترددت كثيرا، وعرضت الأمر على أمير الشعراء أحمد بك شوقى، فشجعنى وقال لى أقبل فورا، هذه فرصتك لتثبت وجودك.

 

 وفى الحقيقة أنا مدين لسيد درويش بحبى للموسيقى، فقد جذبتنى ألحانه وكلماته وثورته وتمرده وأغانيه، التي كانت في وقتها كالمخدرات، تهرب لمن يريد أن يسمعها، لأن الإنجليز كانوا يطاردون ألحانه وأغانيه>"

 

  وسيد درويش الذي رحل عن عالمنا قبل أن يتم عامه الواحد والثلاثين، أستطاع أن يقدم خلالها  130 طقطوقة، و40 موشحاً، و30 مسرحية أوبريت، غير الموال والدور والديالوج والنشيد والمونولج، فقد طور درويش الموسيقى المصرية والعربية بشكل غير مسبوق. 

 

ومن أشهر أوبريتاته الصالحة لإثارة الدهشة حتى الآن: الباروكة، العشرة الطيبة، شهرزاد، وقد ظهر أوبريت  شهرزاد للمرة الأولى أواخر عام 1920 وكان إشارة البدء لانقلاب جديد في عالم الموسيقى العربية والألحان المسرحية، فأدخل سيد درويش الغناء البوليفوني في الموسيقى المصرية للمرة الأولى، من خلال أعماله المسرحية، فسيد درويش يُعتَبر أبًا للموسيقى المصريّة والعربيّة، وأحد أعظم الموسيقيين الوطنيين المصريين.

 

وكان يتصدر المشهد في ثورة 1919، ويقود المتظاهرين بعربة حنطور، مع بديع خيرى، وبصوته الجهورى كان يغنى للثورة ويقود المظاهرات، ليستنهض الحس الوطني، فقد كان ثائراً حقيقياً بأعماله الفنية الغنية بكل جديد، فقد غيّر مفهوم الغناء وتطرق لموضوعات لم يجرؤ أحد على تناولها مثل الأغاني التي خاطب فيها أرباب الحرف والصنايعية، والجرسونات.

 

 وكان يلحن ويغنى ويكتب أشعار بعض أغانيه، وصاحبته عبر رحلة نضاله الوطني وثورته الموسيقية كلمات الشعراء العظام: بديع خيرى وبيرم التونسى ويونس القاضى، ومكنه اختلاطه في بداية حياته بأرباب الحرف والعمال والصنايعية من التعبير عنهم بصدق فابدع وتميز وانفرد. حتى لقبه النقاد بـ "فنان الشعب".

 

   ومنذ أيام قرأت للناقد الصديق طارق الشناوى مقالا فى "المصر اليوم" جاء فيه: "،هذه المرة سأتوقف فقط أمام عبث من المستحيل التجاوز عنه، اكتشفت أن الرقابة تدخلت بعنف، وحذفت، أغانى مثل "يا بلح زغلول" التي رددها الوجدان المصري فى تحديه للسلطة الغاشمة، بعد أن منعوا ذكر اسم سعد باشا زغلول ونفوه هو وزملاءه إلى جزيرة (مالطا)، فاختاروا أفضل أنواع البلح وأطلقوا عليه زغلول، والتقطها سيد درويش من أفواه الناس.

 

 كما اعترضوا على مقاطع من أغنية "أهو ده اللى صار"، من الذي ينصب من نفسه رقيبا على تراث موسيقى ردده المصريون قبل نحو 100 عام "، وأضيف إلى ذلك أن أغنية: "أهو ده اللى صار"، من فرط جمال وصدق كلماتها ولحنها، تغنت بها كل الأصوات العذبة فى مهرجانات الموسيقى العربية بدار الأوبرا المصرية، وغنتها الفنانة الكبيرة فيروز بصوت عذب شجى، والأغنية كتبها بديع خيرى وتغنى بها فنان الشعب سيد درويش فى مواجهة بطش الاحتلال الإنجليزى، منذ أكثر من مائة عام، فهل غابت هذه المعلومات عمن أوقف هذه الاغنيات الخالدة التي تحولت إلى تراث غنائى وطني، وهل غاب عنه أنها لفنان الشعب الكبير أبو الموسيقى العربية الشيخ سيد درويش، أم أنه اعتقد أنها تأليف وغناء مطرب شاب كتبها أول أمس،. فمنعها!!!  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز