

ناهد إمام
همس الكلمات
شهر الرحمة.. وكلب الغربية!
بدأت العشرة الأوائل من الشهر الفضيل وهو شهر أوله الرحمة خلال تلك الأيام، التي نتمنى فيها أن يشملنا الله جميعا برحمته ،حيث تتجلى في شهر رمضان معاني الرحمة الإلهيّة، والمغفرة للذنوب والخطايا، والعِتق من النيران.
وجاء الحديث عن الرحمة، بسبب موقف شدني كثيرا وهو بالفعل موقف إنساني ولكن هذه المرة ليس تجاه أخيه الإنسان ولكن تجاه أحد مخلوقات الله من الحيوانات.
حيث شهدت عيادة طب وجراحة الحيوانات الأليفة، بديوان عام مديرية الطب البيطري بالغربية، تكاتف فريق من الأطباء البيطريين لإجراء جراحة استغرقت حوالي 3 ساعات لكلب صغير بعمر 5 أشهر، تعرض لإصابة بالغة نتيجة حادث سيارة، مما كان يتطلب إجراء عملية سريعا لإعادة تثبيت كسر له بعظم العضد بالكوع وغضروف مفصل الكوع بالقدم الأمامية اليمنى.
وبداية لا بد أن نثمن الفريق الطبي الذي قام بإجراء العملية، والمكون من الأطباء د. فاطمة العسال، و د. سحر الشافعي، ود. محمد المراكبى، تحت إشراف الدكتور محمد الخولى، وإشراف الدكتور عادل عبد العزيز مدير مديرية الطب البيطري بالغربية.
وفى الواقع، شدني عدة مواقف من الرحمة بذلك الحيوان الضعيف الذي صدمته السيارة، حيث كان التصرف الرحيم هو عدم تركه في الشارع على أساس أن البعض يمكنه القول "إيه يعني مش مهم، ما يموت ده حيوان"، ولكن ولها كل التقدير، قامت شرطة النجدة بإرسال بلاغ لمديرية الطب البيطري بالغربية، بخصوص تعرض كلب بعمر 4 أشهر لحادث سيارة بالطريق العام.
والموقف الثاني من الرحمة، هو الاستجابة السريعة من مديرية الطب البيطري، ومتابعة الحالة، وقرار إجراء العملية لإنقاذه، والتي لم تكن عملية بسيطة أو سهلة بل تطلبت مهارات متقدمة، وتقنيات لترميم العظم المكسور وفترة زمنية ليست بسيطة، ليتسنى للكلب العودة لحياته الطبيعية.
ويعد ذلك التصرف الذي يجب أن يكون سائدا في التعاملات والرحمة بالحيوان إلى جانب إطعامها وتقديم النفع لها: خاصة أن الله سبحانه وتعالى توعد أشد الوعيد لكل من ملك حيوانا وفرط فيه دون إطعام أو شراب، كما تم تحريم اتخاذ الحيوان هدفا للرمي، لأن هذا يدخل ضمن ممارسة العنف ضده وذلك حرام شرعا.
كما يأتي أمر رسول الله "ﷺ" بالإحسان إلى الحيوانات واحترام مشاعرها، وأعظم مثالٍ لهذا الخُلُق كان نهيه ﷺ عن تعذيب الماشية أثناء الذَّبح لأكل لحمها، سواء كان التعذيب جسدياً حين اقتياده للذبح أو اختيار أداة سيئة لذبحه، أو حتى تعذيبها نفسياً بجعلها ترى السكين أو ترى غيرها من المواشي تُذبح أمامها.
وكان من الطبيعي، أن نتذكر رحمة الخلق ببعضهم في هذا الشهر الكريم، مثل رحمة الغني بالفقراء والمساكين ورحمة الوالدَين بأولادهم والعكس رحمة الأولاد بوالديهم في الكبر، ورحمة المعلم بطلابه واتباع أسهل الطرق لينتفعوا بتعليمه لهم.. وغيرها الكثير من مظاهر الرحمة والتي من المفروض أن تكون سائدة في جميع الأوقات وليس في الشهر المبارك فقط.
ومنها في الحقيقة رحمة الخلق ببعضهم البعض، ما أحوجنا لها في تلك الفترات، ونحتاجها كثيرا في التعاملات المشتركة ومن أكثر الأمثلة التجار، الذين يحتكرون السلع ويستغلون زيادة الطلب على الشراء في الشهر الكريم وخاصة الاسبوع الأول منه، مما يتسبب في ارتفاع الأسعار ويجدون ذلك فرصة لتحقيق مكاسب ويزيدوا من ارتفاعها.
ومن تجربة شخصية، حيث وضعت فى موقف لا بد أن اشترى فانوس رمضان شريطة من نوع خيامية، بمعنى بسيط مش مكلف، وعندما سألت من خلال أون لاين.. كان السعر رخيصا جدا 60 جنيها وفرحت، ولكن المشكلة كانت في توصيله بقيمة أغلى من ثمنه.. فكان من غير الطبيعي شراؤه، وقررت اشترى مباشرة في نفس منطقة سكني، وبسؤال البائع قال لي 75 جنيها، فقلت له هو مش أرخص من كده، وطبعا كان الرد "مفيش كلام هو كده دى آخر قطعة".. واعتبرت أن ذلك نوع من استغلال البائع لأنه أول الشهر الكريم ويعلم جيدا أنك في احتياج لشرائه، وبالفعل اضطررت رغم عدم اقتناعي لا بألوان الفانوس فلم تكن التي أريدها وأيضا بسعره المغالى فيه.. وتساءلت أين الرحمة والتوبة مع بداية الشهر الكريم؟
ألستم تتفقون معي، أنه ما أحوجنا إلى تقوى الله وأن نرحم بعضنا البعض، وطلب المغفرة والتوبة من الله، فلا خير في عائد مالي يأتي من الاحتكار واستغلال الناس.