عاجل
الأربعاء 28 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
السوريون والغورية! 

همس الكلمات

السوريون والغورية! 

منذ سنوات، لم ارتد ذلك السوق، فهو يعد من أكبر أسواق القاهرة، ومعروف منذ مئات السنين بإقبال العرائس عليه لتلبية احتياجاتهن من كل أنواع المفروشات لغرف النوم من ملايات سرير كبير وأطفال والملايات والفوط والأقمشة والملابس والأقمشة وجميعها خاصة بالعرائس، حيث تلجأ الأسرة المصرية لهذا السوق لشراء كل ما يلزمها لتجهيز بناتها.. ولكن عندما زرته مؤخرا بصحبة عروس لشراء مستلزماتها، فوجئت بالتغيير  الشديد.. ألا وهو "سوق الغورية".



 

وفى الواقع التغيير الذي شهدته، لم أسعد به كثيرا،  "فسوق الغورية"،  كما هو  في منطقة  الغورية التي تضم مجمعا ضخما للآثار الإسلامية من العصر الفاطمي والأيوبي والمملوكي، مثل باب الفتوح، وجامع الأقمر، وتكية السلحدار، والمدرسة الكاملية، ولكن للأسف غاب عن السوق الروح المصرية.

 

حيث وجدت غزوا للبضائع السورية، وبعد أن كانت المنطقة التي تعد من أعرق المناطق التاريخية يمتلكها التجار المصريون، أبًا عن جد، تمكن التجار السوريون من السيطرة على غالبية المحال سواء بالشراء لوحدهم أو من خلال الشراكة مع تجار مصريين.

 

ووجدت عرض المنتجات السورية بجميع أشكالها، ورغم ارتفاع أسعار المنتجات السورية هناك، فإنها أصبحت تنافس المفروشات المصرية وتلقى إقبالًا لا مثيل له.

 

كما يتميز دائما أهل الشام أنهم سواء بصناعهم وتجارهم وحرفييهم ومثقفيهم، يملكون المهارة والتميز، اللذين جعلا لديهم "كما في الأمثال" القدرة على الجمع بين محاورة اليهودي والأرمني في براعته، وبالفعل عندما يقف المشتري عند بائع سوري، يعمل بكل جهده التاجر السوري أن يتمسك بك كزبون ويحاول البيع لك بأسلوبه الذكي في البيع وشطارته، حيث يبدأ برمي سعر عال على السلعة مثلا مفرش العروسة، ثم يبدأ فى التخفيض حتى يصل في التخفيض إلى النصف تقريبا وهو في الحقيقة السعر الواقعي والحقيقي للمفرش، ولكن يريد أن يقنع الزبون أنه خفض له كل ذلك من أجله.

 

والأكثر من ذلك، لا يريد التاجر السورى ترك أو إعطاء فرصة أن تقول له سأتفرج على محال أخرى ثم أعود لك، فهو يكاد يحتكر الزبون.

 

وفي ظل تلك الهجمة السورية من المنتجات، يوجد شبه غياب للمنتجات المصرية من المفروشات والملايات وغيرها، نتيجة الانبهار  بالأقمشة والعبايات السورية المطرزة، ذات الطابع الشامي، فضلا عن المفروشات ذات الألوان الجذابة والطابع السوري كالفوط والملايات والألحفة.

 

وعلى الرغم من ارتفاع أسعار تلك المنتجات السورية، مقارنة بالمنتجات المصرية، فإنها نجحت في جذب الزبائن، للأشكال التطريزية الجاذبة، بصرف النظر عن الجودة.

 

وكان من الطبيعى أن ينتابني الحزن الشديد، أن أجد الصناعة المميزة الأولى فى مصر والعالم وهي الصناعات النسيجية من القطن المصري الذي لا يضاهيه منتج، يكاد يندثر، وسط ذلك الغزو السوري بخلاف التركي والصيني.

 

وبدأت أتساءل أين، مفروشات شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى التي تعد علامة تشهد بجودة الصناعة المصرية؟ والتي تعتمد على القطن المصري بنسبة ١٠٠٪، وما تشهده من تطور عالمي، وأصبحت تمتلك قلاعا صناعية جديدة تقود مستقبل الغزل والنسيج والملابس في مصر وإنجاز مؤخرا أكبر مصنع غزل في العالم هدية الحكومة لدعم الصناعة.

 

ألستم تتفقون معي، أن هناك الحاجة إلى عودة صناعة المفروشات المصرية لتصبح رقم "واحد" وعلى قائمة المنتجات المعروضة في "سوق الغورية"، وتعلم التاجر المصري، فن البيع بمهارة وحرية مثلما يفعل السوريون، والحفاظ على هوية البيت المصري، من حيث اقتناء  مفروشات العروسة المصرية ذات الطابع المصري الأصيل. 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز