(الست) ثالث مرة !!

هل نحن بحاجة لكى نشاهد فيلمًا سينمائيًا يتناول حياة أم كلثوم، بعد أن تابعنا قبل نحو ربع قرن حياتها فى مسلسل ناجح (أم كلثوم) أخرجته إنعام محمد على وفيلم متواضع (كوكب الشرق) أخرجه محمد فاضل، لم يترك أى أثر يذكر، أو حتى لا يذكر!! 

الغريب أن ابن شقيقة أم كلثوم الراحل المهندس محمد الدسوقى وكان يمثل الورثة من الناحية القانونية، أمام المحاكم، صرح قبل عرض المسلسل بساعات، أنه يتحفظ عليه لأن صناعه لم يعرضوا عليه النص قبل التصوير، بينما القائمون على الفيلم حرصوا على أن يطلعوه على كل التفاصيل، وأعلن انحيازه للفيلم وطالب التليفزيون المصري بعدم عرض المسلسل.

لم يستجب المسؤولون وتم العرض، وبعد أقل من أسبوع حقق المسلسل نجاحًا طاغيًا فى الشارعين المصري والعربى، ووجه الدسوقى الدعوة لفريق العمل للتهنئة وتناولوا سحور رمضان مع كل الورثة.

أم كلثوم شخصية ملهمة قدم عنها عشرات أيضا من الأفلام التسجيلية والبرامج، ولا يزال هناك متسع للمزيد، إلا أنك ستكتشف أن العديد من الحكايات ألصقوها عنوة بـ (الست).

على (النت) الكثير من القصص الوهمية تم تأليفها وترويجها من خلال مجموعة تخصصوا فى اختراع قصص وهمية، والغريب أنها سرعان ما تنتشر على (النت) باعتبارها حقيقة موثقة.

ببعض التأمل نكتشف أن 90 % مما يتردد لا أساس له من الصحة، مستحيل أن نصدق مثلًا أن أم كلثوم تسخر من إنسان لأنه قصير القامة أو سمين أو ضعيف السمع، هل كانت أم كلثوم تُمارس (عمال على بطال) على عباد الله فعل (التنمر)، ـ قبل عشرات السنين من استخدام توصيف (التنمر). 

أم كلثوم بالطبع خفيفة الظل،سريعة البديهة، لكنها أبدًا لم تحرج أو تجرح أحدًا، ولا يمكن أن تخرج عن حدود اللياقة واللباقة، مثلًا روى لى الشاعر الغنائى الكبير مأمون الشناوى أنه التقاها فى استوديو (مصر)،حيث كانت تنتظر انتهاء صديقتها تحية كاريوكا، من تصوير أحد الأفلام، وعندما رأت مأمون قادمًا سألته عن «تحية» أجابها: (سوف تأتى رأسًا) فقالت له: (تحية كاريوكا لا تأتى رأسا بل رقصًا)!!

انتظر مع الملايين إنجاز فيلم (الست) القادر على أن نستعيد من خلاله التاريخ الحقيقى لسيدة الغناء العربى، التي ألصقنا بها عشرات الحكايات لم تفعلها، ولا حتى تشبهها أبدا، وعلى الجانب الآخر أغفلنا فى الزحام عشرات أخرى من الحكايات الموثقة!!

هاجم البعض مسبقا فيلم (الست) الذي لم يشاهده أحد، لمجرد أن هناك من بطبعه يتشكك فى النوايا، بينما أنا أنتظره لأننى أتمنى أن أرى (الست) أم كلثوم بكل ألوان الطيف، فى القوة والضعف، فى الحب والكره، فى العطاء والشح.

الثلاثى الكاتب أحمد مراد والمخرج مروان حامد، والفنانة منى ذكى جديرون بأن ننتظر معهم عرض (الست) وبعدها لكل حادث حديث!!

 

نقلاً عن مجلة روزاليوسف