عاجل
السبت 14 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

"الاقتصاد الأخضر" هدف استراتيجي لمصر لتحقيق تنمية مستدامة

تستهدف الحكومة المصرية عبر خطط كبيرة التحول نحو الاقتصاد الأخضر لتحقيق تنمية مستدامة من خلال مشروعات تعتمد على التدابير والإجراءات التحفيزية والإصلاحات الهيكلية لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، والاقتصاد الأخضر يعتمد على الاستثمارات العامة والخاصة التي تقلل انبعاثات الكربون، وتعزز كفاءة الطاقة والموارد، وتمنع فقدان التنوع البيولوجي والغرض الأكبر لهذا الاقتصاد الحد من تأثير التنمية الاقتصادية على البيئة. 



وفي هذا الصدد، تستهدف وزارة المالية من خلال حزمة متكاملة من الإجراءات دفع جهود التحول إلى الاقتصاد الأخضر وخفض الانبعاثات، ومنها تطوير منظومة الإيرادات والضرائب لتشجيع التحول للأنشطة الخضراء والحد من الانبعاثات، اقتراح منظومة من الحوافز والمبادرات لمساندة التحول إلى الاقتصاد الأخضر، التوسع في استخدام التكنولوجيا النظيفة، وخاصة مشروعات إعادة تدوير المخلفات، وذلك في إطار مفهوم التوجه نحو الاقتصاد الأخضر واستخدام مصادر الطاقة النظيفة المستدامة والمشروعات صديقة البيئة، مع التوسع في استخدام وسائل التمويل الخضراء.

ووفق بيانات حكومية، بذلت الدولة جهود كثيرة لتحفيز الاستثمار الخاص في مجالات التحول الأخضر، وذلك من خلال زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء الممولة حكوميا إلى 50% من إجمالي الاستثمارات العامة لعام 2024 / 2025، وكذلك إضافة فئات جديدة للمشروعات الخضراء ضمن "محفظة مصر المستدامة"، حيث عملت على إصلاح البيئة التشريعية والمؤسسية من أجل خلق مناخ جاذب للاستثمار المحلي والأجنبي وإعطاء حوافز للمشروعات الخضراء لتحفيز الفرص الاستثمارية التي تحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف.

وصدر القانون رقم 2 لسنة 2024 بشأن حوافز مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، ويهدف القانون إلى إقرار بعض الحوافز والإعفاءات والضمانات للحفاظ على المستثمرين الحاليين الموقعين على مذكرات التفاهم والاتفاقيات الإطارية في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر لخلق بيئة استثمارية جاذبة لهم تمكنهم من الإسراع في تنفيذ مشروعاتهم داخل مصر، لتصبح مركزا دوليا لمشروعات الهيدروجين الأخضر ومشتقاته باعتباره وقود المستقبل لاعتماده بالأساس على الطاقات المتجددة (الشمسية - الرياح).

وتمثلت بعض تلك الحوافز الضريبية لمشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته وتوسعاتها الخاضعة لأحكام هذا القانون، على سبيل المثال في إقرار حافز استثماري نقدي يسمى حافز الهيدروجين الأخضر لا يقل قيمته عن 33% ولا يجاوز 55% من قيمة الضريبة المسددة مع إقرار الضريبة على الدخل المتحقق من مباشرة النشاط في المشروع أو توسعاته، بحسب الأحوال.

وتضمنت الحوافز وفق وزارة المالية أيضا إعفاء المعدات والأدوات والآلات والأجهزة والمواد الخام ووسائل النقل عدا سيارات الركوب من ضريبة القيمة المضافة، وأن تكون ضريبة القيمة المضافة بسعر صفر% لصادرات مشروعات الهيدروجين الأخضر ومشتقاته.

كما منح القانون العديد من الحوافز غير الضريبية الأخرى لمشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر، الخاضعة لأحكام هذا القانون، أهمها حصول شركة المشروع على "الموافقة الواحدة" والسماح لشركة المشروع أن تستورد بذاتها أو عن طريق الغير، ما تحتاج إليه في إنشائها أو التوسع فيها أو تشغيلها من المواد الخام ومستلزمات الإنتاج والآلات وقطع الغيار ووسائل النقل المناسبة لطبيعة نشاطها، دون حاجة لقيدها في سجل المستوردين، كما يحق لها أن تصدر منتجاتها بالذات أو الواسطة دون ترخيص وبغير حاجة لقيدها في سجل المصدرين.

ويسمح القانون أيضا لشركة المشروع خلال العشر سنوات الأولى من تاريخ توقيع اتفاقيات المشروع في استخدام عاملين أجانب في حدود 30% من إجمالي عدد العاملين بالمشروع، وتخفيض بنسبة 30% من قيمة رسوم وفئات مقابل الانتفاع بالموانئ البحرية والنقل البحري ومقابل الخدمات التي تؤدى للسفن في الموانئ البحرية المصرية، وتخفيض بنسبة 25% من قيمة مقابل حق الانتفاع بالأراضي الصناعية المخصصة لإقامة مصنع إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته.

وقد استكمل ذلك القانون القرارات التي وافق عليها المجلس الأعلى للاستثمار، الذي عقد برئاسة رئيس الجمهورية في 16 مايو 2023 في ملف الاستثمار والتي شملت عددا من التسهيلات الإجرائية واعتماد حزمة من الحوافز دعما للاستثمار في عدد من القطاعات والمشروعات، ومنها ما يتعلق بدعم القطاع الزراعي، والصناعي، والطاقة فيما يخص إنتاج الهيدروجين الأخضر. 

وتم إنشاء المجلس الوطني للهيدروجين الأخضر ومشتقاته برئاسة رئيس مجلس الوزراء، مما يؤكد التزام الدولة بتحفيز الاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر، بما يتماشى مع متطلبات التنمية المستدامة وخطط الدولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويضمن تنافسيتها على المستويين الدولي والإقليمي الذي يستهدف تذليل معوقات الاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر، فضلا عن مراجعة التشريعات والنظم والقواعد المنظمة لمجال الهيدروجين الأخضر، واقتراح تحديثها.

كما تضمنت اللائحة التنفيذية لقانون المالية العامة الموحد رقم 6 لسنة 2022، أنه يتعين على كل وزارة، وكل جهة مستقلة موافاة الوزارة، والوزارة المختصة بشؤون التخطيط بمصفوفة البرامج الرئيسية والفرعية والأنشطة والمشروعات مع إيضاح البرامج الموجهة للاقتصاد الأخضر والتحسين البيئي، معتمدة من السلطة المختصة، وذلك في إطار الأهداف الاستراتيجية للدولة والاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة "رؤية مصر 2030" وتحديثاتها، لدراستها واعتمادها من الوزارة المختصة ووزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية.

وفي ضوء التحديات التمويلية التي تواجهها مصر وتحد من القدرة على تمويل تلك المشروعات الخضراء، جاءت مصر كأول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتطلق السندات الخضراء في 2020 بقيمة 750 مليون دولار التي تركز على تمويل النفقات المرتبطة بمشروعات خضراء صديقة للبيئة.

ونجحت وزارة المالية لأول مرة وكأول دولة أفريقية في إصدار سندات "باندا" المستدامة في الأسواق المالية الصينية لمدة 3 سنوات بقيمة 500 مليون دولار تقريبا، تأكيدا على التزام الحكومة بالوصول إلى مصادر رأس المال غير المستغلة سابقا لدفع النمو الاقتصادي وخاصة لتمويل جهود التحول نحو الاقتصاد الأخضر.

وتتبنى الحكومة وثيقة تتضمن أهم ملامح برنامج عملها في إطار التوجهات الاستراتيجية الاقتصادية (2024 - 2030) سواء السياسات الاقتصادية الكلية أو القطاعية التي تركز على التحول الاقتصادي للدولة المصرية خاصة ما يتعلق بالتحول الرقمي، والتحول الأخضر.

وتتمثل هذه التوجهات الاستراتيجية الاقتصادية في تحقيق نمو اقتصادي قوي وشامل ومستدام ومتوازن داعم لنهضة الدولة المصرية، سياسات اقتصادية قابلة للتوقع وداعمة للاستقرار الاقتصادي الكلي، قطاعات اقتصادية قائدة لنهضة الدولة المصرية، اقتصاد تنافسي مستدام قائم على المعرفة، حياة ترقى لطموحات المصريين، دور رائد لمصر في الاقتصاد العالمي، مع مشاركة فاعلة للمصريين بالخارج في ترسيخ دعائم نهضة الدولة المصرية.

ووفقا لتقرير مركز معلومات مجلس الوزراء في هذا الصدد، فإن العالم سيجني 10.3 تريليون دولار حتى عام 2050 من التحول إلى الاقتصاد الأخضر وتلك البيئة الخالية من الانبعاثات، وهو ما يشكل نحو 5.2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفي المقابل من ذلك، سيخسر العالم نحو 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي في العام ذاته إذا لم يستطع الوصول إلى ذلك الهدف المأمول.

والأهداف البيئية تمتد إلى التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه حتى إدارة الموارد الدائرية والمستدامة، أما الأهداف الاقتصادية فتشمل تعزيز الازدهار الاقتصادي، وخلق وظائف عالية الجودة، وتحسين مستويات المعيشة، وتحفيز الابتكار والتوظيف، فضلا عن تعزيز القدرة التنافسية التجارية العالمية والأهداف الاجتماعية تضمن الحد من الفقر والشمول الاجتماعي.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز