عاجل
الجمعة 3 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

د.هبة الهواري تكتب: آنيةُ كيراموس حاوياتُ الشفرةِ الثقافيةِ.. قراءة في أعمال الفنانة صالحة المصري

تقدم الفنانة صالحة المصري في مجموعتها بعنوان كيراموس تجربة تشكيلية غنية وجديرة بالبحث ولقد تحقق ذلك عن طريق رحلتها المتعمقة في مجال الخزف بمنطقة مصر القديمة (فواخير الفسطاط) واستغراقها في طقوسها الجمالية والتقنية مستفيدة من الشفرات التراثية المنبعثة من فنون ما قبل الأسرات وفن الإنسان البدائي في أرض مصر فطالما كان التساؤل عن الهوية الثقافية المصرية وفحص البنية الإبداعية للمجتمع المصري عن طريق البحث عن مكونات الثقافة الشعبية المتجذرة هو ما يحدو الفنان طوال مسيرته الإبداعية فهذا البحث ينشط لدى المثقف والفنان الواعي في الفترات التاريخية المفصلية التي تتميز بالتغير السياسي والاجتماعي، وقد طرق الخزافون الرواد درب الاستلهام من التراث المصري القديم والإسلامي في الخزف الجابري والشعبي ليتحقق الاستمساك بتلك الروح المصرية الباحثة عن القيمة الساعية نحو الحقيقة المصرية، كأعمال الأساتذة سعيد الصدر وقدري نخلة ونبيل درويش وزينات عبد الجواد وتهاني العادلي وشوقي معروف ومحمد مندور، في ظل عالم متغير تحت وطأة العولمة وسيولة المعلومات كآلية من آليات الخروج من حالة الهيمنة الثقافية،و فقدان الهوية. 



إن معرض كيراموس يثير قضية ثقافية في غاية الأهمية وهي قضية استلهام التراث الثقافي للشعوب في الأعمال الإبداعية المعاصرة، وإلى أي مدى يمكن للفنان التشكيلي مزج و توليف عناصره؛ فالاستلهام الفنى للثقافة الشعبية: "هو ذلك النشاط الإنسانى النوعي الذي يسعى فيه الفنان من خارج دائرة الجماعة الشعبية إلى الاستعانة بثقافة هذه الجماعة أو أحد أجناسها أو أنواعها أو عناصرها لبناء نص فنى خاص قولى أو موسيقي أو حركي أو تشكيلي أو درامي"، و يكون الاستلهام التشكيلي للتراث الشعبي تعبيراً مجسداً لموقف المبدع الفكري ونظرته للعالم باحثاً عن الأصالة و القيمة الجمالية بعيداً عن الزيف أو الادعاء أو الترصيع الشكلي الذي يحول الشكل الفني الموروث مسخاً شائهاً استهلاكياً إلى أبعد حد، أو متذلفاً لقيم سلعية أو سياحية عابرة.

وقد أوضح علماء الثقافة الشعبية أن عملية الاستلهام الفني للثقافة الشعبية تتم بثلاثة طرق للاستدعاء هي: استدعاء بالقراءة أو من خلالها، واستدعاء بالتذكر، أو استدعاء بالمعايشة الصادقة لروح الجماعة الشعبية متجلية في بيئتها. وهي التجربة التي قامت بها الفنانة صالحة المصري خلال الفترة التي قضتها بمنطقة الفواخير المتميزة بفن وحرفة الخزف في منطقة مصر القديمة. "وهذه الطريقة من طرق الاستدعاء تمثل للفنان ميزة وتحدياً، والميزة والتحدى فيها متلاحمان متجادلان، بل إن حجم الميزة مرهون بحجم التحدي، فبقدر ما يتيح هذا الضرب من الاستدعاء للفنان فرصة الدخول إلى رحم الظاهرة وبوتقتها والاختلاط بدمها وتذوق دفء هذا الدم، فإنه يقيم فى مواجهة الفنان تحدياً يعد اجتيازه نجـاحاً وبراعة فائقة ومثمرة، إذ أنه سيكون بمعايشته للظاهرة فى تجربة عناء حقيقى ، يتمثل فى مكابدة حل المعادلة الصعبة (بالغة الصعوبة) في مخالطة الظاهرة والدخول فيها من ناحية وتحقيق قدر مناسب من الانفصال عنها والحياد فى تلقيها والسيطرة على حدودها، أى الانتقال من التلقى الوجداني المتأثر إلى التلقى العقلى التحليلى المؤثر فى فهم الظاهرة لا فى الظاهرة نفسها إذ التأثير فيها غير وارد بحال من الأحوال .لذا نجد الفنانة قد جاهدت مراحل عدة سعياً نحو ذلك الأفق من الصدق والمعايشة ولقد تم ذلك على عدة مستويات ومراحل بدءًا من مرحلة ميلاد الفكرة والتصميم إلى التشكيل اليدوي بالطرق القديمة للفورم الخزفي والزخرفة والحفر ثم الحريق باستخدام أساليب مثل حريق الحفرة والفرن البلدي وإضافة مواد عضوية لإضفاء تأثيرات لونية على سطح الجسم الخزفي. ناتجة عن الدخان واللهب ثم عمليات الاختزال داخل جو الفرن. 

في الذاكرة البصرية المصرية ترجع مناظر تصنيع الفخار إلى فترات مبكرة من التاريخ المصري القديم فنرى جدران مقبرة تي بسقارة التي تنتمي إلى الأسرة السادسة من الدولة القديمة، إلا أن النماذج القديمة التي تستقي منها صالحة هيئات آنيتها تعود لمصادر أكثر قدماً من عصور الأسرات المصرية القديمة فيما قبل عصور التدوين والكتابات الهيروغليفية بل ربما قبل عصور الاستقرار والزراعة أيضاً، فتطالعنا آنيتها التي نفذتها بالطينات الأسوانلي الحمراء باستخدام التشكيل اليدوي على دولاب الخزف والتي تم حرقها بأسلوب حريق الحفرة وهما أسلوبان قديمان مرتبطان بالخزف المصري في فترات ميلاده المبكرة. تبدو الهيئات والتشكيلات لآنية صالحة متأثرة بتماثيل ربات الخصوبة المبكرة جداً التي كانت تصنع من الطين غير المحروق، وكذلك أشكال الراقصات في حضارة نقادة التي نشأت في وادي قنا. وكذلك نجد تأثيرات فخار حضارة المعادي ذي الطينة الخشنة والشكل المنتفخ والقاعدة ذات الخصر وحافة الاناء مفتوحة للخارج (شفة) والتي ترجع إلى الألف الرابع قبل الميلاد. وكذلك في حضارة نقادة الثانية تلك الراقصة الطقسية الشامانية برأس الطائر.

كما تأثرت صالحة بالآنية الخزفية ذات الحواف السوداء. وشقافات دير المدينة وفيها اسكتشات الفنانين القدماء الخاصة التي توضح قدراتهم التشكيلية المتقدمة. قامت الفنانة في معرضها كيراموس بتنفيذ رموز وحروف من عدة لغات تنتمي لحضارات قديمة متنوعة على مجسماتها وآنيتها الخزفية ولقد نفذتها بأسلوب الحفر اليدوي على الطينات قبل تمام الجفاف أو بأسلوب يشبه الحفر الغائر بالأختام في الحضارات الماضية. فتداخلت تلك العناصر الرمزية مع الهيئات الآنية، وكذلك كان لأسلوب العرض على الحوامل مختلفة الارتفاعات دور مهم في صياغة القيم الجمالية الناشئة عن توزيع الكتل و الآنية، مع استخدام الفنانة صالحة المصري لمساحات متنوعة من المسطحات الخزفية والتي تم حرقها بنفس أسلوب حريق الحفرة وتحمل تأثيرات الدخان الأسود على الآنية الخزفية الحمراء والتي كونت منها صالحة جدارية تصنع خلفية للعرض وتخلق منها امتدادا بصريا لعملية العرض وقد أضافت الفنانة جزعاً لشجرة عتيقة ومفتاحاً كمفاتيح الدور القديمة والذي تم عرضه في قاعة صلاح طاهر بدار الأوبرا المصرية، ثم انتقل العرض بعد ذلك إلى ساحة المتحف القومي للحضارة المصرية بالقاهرة، والذي تم تغيير أسلوب العرض فيه بصورة كانت موفقة إلى حد كبير منحت العرض قيمة أكثر ثراءً. ظهرت الآنية والمسطحات الخزفية في معرض كيراموس و كأنها قد اغمست في تيارات متلاحقة من شذرات خطية ورمزية وحروفية هجينة تنتمي لعدة حضارات كحضارة مصر القديمة وحضارة ما بين النهرين والحضارة اليونانية وغيرها وربما تثير  فكرة وجود كتابات هيروغليفية على الآنية التي تستدعي عصر ما قبل الأسرات وما قبل الكتابة بعض الجدل لكننا نستقبل الأعمال الإبداعية بمنظور يحترم فكرة الخصوصية الثقافية لمصر وكذلك مبدأ حرية الفنان في المزج والتفكيك والاكتشاف كما أن فكرة النقاء الثقافي – مثلها مثل فكرة الأصولية الثقافية – تدخل تحت باب الخرافة  وإننا جميعاً كيانات ثقافية مهجنة، وإن ما يميزنا عن بعضنا البعض هو نوعية العناصر التي دخلت في تكويننا ،والهوية الثقافية – مثلها مثل الحياة – لا يمكن معرفتها عن طريق اختزالها إلى عناصر ومكونات محددة، أو تجريدها الى أفكار ومقولات ثابتة، فهي ليست كياناً ثابتاً مطلقاً يقبع داخلنا، بل عملية صراع وتلاحم وتفاعل بين القديم والجديد، بين الموروث والمستورد، وبين المستقر المألوف والغريب المقلق – عملية دائمة مستمرة، نعيشها كل لحظة، وندركها حدسياً في لحظات عابرة، تومض كالبرق في تيار الممارسات الحياتية، التي تجسدها في تجليات متوالية".

قدمت صالحة في تكويناتها تجهيزات تشبه هيئة الخرطوش المصري القديم وهو الشكل الذي كان يكتب عليه لقب الفرعون في مصر القديمة باستخدام الشرائح الخزفية مستطيلة الشكل التي تنتهي باستدارة الآنية ثم الكتلة المستطيلة لحامل العرض، أو باستخدام القرص المشقوق الذي وضعت في قلبه مفتاحها الضخم ويتنامى التدفق للعناصر بما تحمله من دلالات رمزية كثيفة قد تكونت عبر مراحل تكون الذائقة الجمالية لديها، حيث يتم استدعاء قرص الشمس والمصري القديم بمصاحبة الدلالات الشعبية لعنصر المفتاح تلك التكوينات ما هي إلا الصور المتعاقبة أو المتصلة لبث سردي ذي قنوات إرسال متعددة تتفرع في ساحة العرض قدمته صالحة المصري برحابة وتنوع. إن فراغ وتنظيم قاعة العرض يلعب هنا دوراً بارزاً في دار الأوبرا المصرية وأيضاً في ساحة مدخل المتحف القومي للحضارة كساحة للفعل التشكيلي المتتابع والمتنقل مع تقدم الشكل و اللون متحركين، مع تطور وتتابع التجهيزات الخزفية كأشكال منفصلة فردية أومركبة، وملونة أو غير ملونة، وخطية أو مسطحة أو مرنة، ولكنها كذلك مساحة متقلبة ومتحركة، وقابلة للتحويل، إن هذه العناصر تعتبر متغيرات لا نهائية شديدة التنظيم داخل فراغ العرض. استطاعت الفنانة أن تصوغ بها لغة جديدة مفارقة.

هناك قوانين حتمية تحكم ذلك الفضاء المكعب وكأنها شبكة خطية غير مرئية للعلاقات بين قياسات المستويات المسطحة وقياسات الحجوم، تلك القوانين الرياضية تتسق مع القواعد الهندسية المتأصلة في تكوين الجسد البشري - أقصد هنا جسد المتلقي - الذي يتحرك في براح التجهيز و التي تخلق توازنه ميكانيكياً ومنطقياً تلك القوانين التي تحكم جوهر الألعاب الرياضية والرقص الإيقاعي وألعاب الجمباز، تلك القواعد موجودة بقوة حتى ولو لم نكن نعي أو ننتبه لوجودها أو تأثيراتها على العلاقات المكانية التي تحكم أجسادنا والتي تمتلك عظيم الأثر في عمليات تشكيل الفراغ في الفنون الأدائية. وهو ما طاف بذهني وأنا أشاهد الصور الفوتوغرافية للفنانة صالحة المصري في قلب تجهيزاتها الخزفية وهي تتخذ موضعيات متنوعة وتصنع من جسدها عنصراً تشكيلياً من عناصر العرض. إن سياستها في تنسيق تجهيزاتها الخزفية مع عناصرها الطبيعية مثل الشجرة والأغصان المتسلقة أو المنبثقة من القاعدة الخشبية تمتلك العديد من الدلالات كالتدفق والتغير والتطور ولها قوة تأثير على المتلقي ولها عدة وظائف :كجذب العين وتأكيد الانتباه وتعريف الذات المبدعة التي تعلن عن نفسها وعن موقفها من الوجود. إن الفنانة صالحة المصري تولي أهمية قصوى للمرحلة التخطيط القبلي لتنسيق العرض وبناء التجهيز الخزفي في الفراغ وعلاقة الآنية الخزفية بالمسطحات والجداريات والعناصر العضوية الطبيعية ولعل عملها على مدى عشرين عاماً كمنسقة للعروض التشكيلية في قاعةأفق بقطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة المصرية كان له أكبر الأثر في ترسيخ قيمة التخطيط لتنسيق العرض التجهيزي ومسارات الحركة والكتل والفراغات به، بالإضافة لاهتمامها بتشكيل الجسم الخزفي ومعالجاته اللونية والملمسية الناتجة عن الحفر الغائر أو الضغط بالختم لتشكيل الرموز والحروف القديمة أو تلك التأثيرات الناتجة من لفحات اللهب وتصاعد وترسب الكربون على سطح القطعة الخزفية. إن الأعمال الفنية الجيدة تمتلك وجوداً غنياً متعدد الأوجه وكما تتعدد صور وإمكانات الطرح التشكيلي تتعدد كذلك صور وطبقات التلقي والتأويل؛ حيث نرى أن الفنانة صالحة المصري في هذا المعرض قد قصدت إلى ترك مناطق متعددة تمنح العرض مرونة وتنوعاً وحرية في الطرح حيث تمكنت من تغيير أسلوب العرض أو المواضع المكانية للقطع أو صناعة مصفوفات متجددة لا تنتهي جمالياتها باستخدام الوحدات تحركها وتحلق بها في فضاء التشكيل كيفما أرادت.

تبدو تجهيزات صالحة في الفراغ باستخدام الآنية والشرائح الخزفية تجسيداً لمصطلح الجشطالت Gestalt وهي كلمة ألمانية التي أشار الدكتور شاكر عبد الحميد إلى ترجمتها على أنها "الصيغة الكلية"، أي تلك الصيغة التي يكون عليها النشاط أو العمل الفني، أو أي تكوين آخر يتسم بالكلية. ليست مجرد تجميع لهذه العناصر من الآنية الخزفية بما خلقت لها من تنويعات في انتفاخات أجسامها أو دقة أعناقها وكذلك البلاطات الخزفية المتغيرة الأبعاد، بل تنظيم لها بشكل ما. إن العمل الفني هنا لدى صالحة هو تنظيم خاص وفريد لعناصرها الآتية إلينا محملةً بشفرات الماضي الحضاري كمكونات" Components معينة في قاعة العرض تثمر شكلاً كلياً متميزاً وفريداً . يظهر فيه الجشطالت الجيد The Good Gestalt عندما نجحت في تنظيم كلي لعناصرها الخاصة بحيث يستطيع المتلقي أن يدرك قيم الكلية والوضوح، والتماسك، والتحديد، والدقة، والاستقرار، والبساطة، والمعنى، لذا فإن ذلك العرض ككل وكذلك إذا تناولنا المناطق التعبيرية المختلفة في مسار العرض بكيراموس تستحق أن يطلق عليها اسم " الجشطالت الجيد. لقد استخدم "أرنها يم" مصطلح التعبير في معناه الواسع ، معتقداً أن التعبيرات البصرية تكمن في أي موضوع أو أي واقعة إدراكية ، وتظهر باعتبارها قوي دينامية نشطة ، فالتعبيرات لا توجد فقط لدى الكائنات الحية، أو العاقلة بل أيضا في الأشياء غير الحية كالأحجار والسحب، والجبال والنافورات والحيوانات والصخور والنيران وغيرها. والتعبيرات تدركها العين على نحو مباشر، لأنها تتجلي من خلال خصائص أولية كالشكل واللون والحركة.لذا –وفقاً لأرنهايم- فإن أي شيء في الحياة يمكن أن يكون حاملا للتعبير كما تشير نظرية الجشطالت ، فكل الموضوعات والأشياء تشتمل، في ضوء هذا التصور، على توترات داخلية تظهر في شكلها الخارجي، بصفتها وقائع إدراكية حاملة للتعبير. تلك التشكيلات الخزفية ذات الطابع التراثي التي استخدمتها الفنانة صالحة المصري في تجهيزاتها تجاوزت طبيعتها الاستخدامية كآنية وكذلك وجودها التراثي المترسب في ذاكرتنا البصرية من خلال النفاذ بذاتها المبدعة ،و إبرازها في خصوصية لافتة، والنموذج القديم في عقلها قد تجسد بوجود جديد وهو ما يذكرنا بمقولة يونج عن النماذج القديمة حيث أكد أنها ليست أفكاراً ،بل أشكالاً ،كما أن لها وجود في حد ذاتها. قبل أن تتحول إلى رمز أو فكرة. وهي عندما تستحضر في الإبداع الفني، الفردي أو الجماعي، فإنها تستحضر من ذكرى غامضة، تقفز في ضباب الزمن، وتتسلط على الوعي، وتدفع إلى الإبداع، في الوقت الذي تظل فيه محتفظة بتكوينها المستقل . لقد اكتسبت تلك التجهيزات الخزفية في الفراغ قيماً جماليةً جديدة أكثر رحابة _في رأيي_ حينما تم عرضها في الساحة الأمامية بالمتحف القومي للحضارة ونشأ وجودٌ مستقلٌ ممتزجٌ بعالم قديم آتٍ من أزمنة بعيدة في تناغم واتساق عجائبي نتج عن الروح المسيطرة على المتحف ونوعية الإضاءة المستخدمة وكذلك انسياب ضوء الشمس الطبيعي نحو التجهيزات مع بعض التغييرات التي أجرتها صالحة في سياسة العرض.

حيث أطلقت أعمالها عطراً طقسياً فريداً ووسائل يتحول بفضلها مفهوم العمل الفني " كشيء" إلى وجود فعال، حتى لو زال العمل الفني فلسوف يبقى الأثر البازغ الذي نقشه وجود تلك الأعمال ولسوف يحل التواصل الإنساني مع الأعمال والتجهيز في الفراغ محل قابلية مثل هذه الأعمال للامتلاك ". أي أن العمل الفني هنا لم يعد مرتبطاً بأثر تزييني أو نظام وظيفي، بل غدا تساؤلاً يأخذ أبعاداً جمالية وفلسفية جديدة، انطلاقا من التجربة الماثلة أمام المتلقي للعمل .حيث يتنامي تحقق الفنان من خلال تجاوز عمله الفني للضفاف والحدود ليشمل العالم المحيط ويسهم في تشكيله من جديد وإعادة صياغته، والتحليق نحو آفاق رحبة، مستبدلا الوجود الإنساني في صورته البازغة بالإطار التقليدي المحدود مما يقدم له مدي تشكيلياً لا حدود له، ويتيح له القيام بتجربة حقيقية ومباشرة مع العالم.

 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز