عاجل
السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

"نيويورك تايمز" تحذر من مجاعة في السودان وتنتقد الرد الدولي البطئ على الحرب

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، اليوم الأحد، تقريرا عن المجاعة في السودان التي مزقتها الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.



وذكرت الصحيفة، أن الأمم المتحدة توفر كميات هائلة من الغذاء للسكان العالقين داخل السودان، إلا أن الحرب الأهلية تمنع دخول تلك الإمدادات عبر المعبر الحدودي الحيوي.

 

وحذر الخبراء من مواجهة السودان، التي بالكاد يعيش سكانها العالقين بعد 15 شهراً من بدء الحرب، واحدة من أسوأ المجاعات في العالم. كما تتوقع جماعات الإغاثة وقوع آلاف الوفيات بحلول نهاية العام، بسبب عدم دخول قوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة.

ونوهت الصحيفة بأن دارفور هى صاحبة النصيب الأكبر من المجاعة، إذ تضم ثماني مقاطعات، مشيرة إلى تاريخ تلك المنطقة، التي تعادل مساحتها مساحة إسبانيا، مع الإبادة الجماعة قبل عقدين.

وزعمت الصحيفة، أن معبر أدري عند حدود السودان مع تشاد مغلق أمام شاحنات الأمم المتحدة، ولا يمر من هذا المعبر إلا اللاجئون والتجار والدراجات النارية ذات الأربع عجلات التي تحمل جلود الحيوانات، وعربات الحمير المحملة ببراميل الوقود.

 

ويقول الخبراء إن 440 ألف شخص أصبحوا بالفعل على شفا المجاعة، كما يؤكد اللاجئون الفارون من دارفور أن الجوع، هو السبب الرئيسي وراء رحيلهم.

وروت المواطنة السودانية بهجة محكر، وهي أم لثلاثة أطفال، للصحيفة أن عائلتها هاجرت إلى تشاد عند معبر أدري، وأن الرحلة كانت مرعبة، إذ استمرت ستة أيام، من مدينة الفاشر المحاصرة، عبر طرق هددهم المقاتلون بقتلهم فيها. لكن الأسرة شعرت أنها لم يكن لديها خيار آخر.

وقالة بهجة وهى تشير إلى صراخ الأطفال بجانبها: "ليس لدينا شيئا لنأكله. نحن نتقاسم في الغالب قطعة الكعك يوميا."

وفق نيويورك تايمز، يشدد الجيش السوداني على المعبر منذ خمسة أشهر تقريبا، منعا لتهريب الأسلحة إلى قوات الدعم السريع.

وأكدت الصحيفة، أن الجيش لا يسيطر حتى على معبر أدري حيث يقف مقاتلو قوات الدعم السريع على بعد أمتار وراء الحدود من الجانب السوداني.

وعلى الرغم من ذلك، تقول الأمم المتحدة إنها يجب عليها احترام قرار الجيش بعدم دخولها من ذلك المعبر، وتضطر شاحنات الغذاء التابعة للمنظمة العالمية لدخول دارفور استخدام طريق آخر طوله 200 ميلا، حيث يوجد معبر تين الذي يسيطر عليه قوات تابعة لجيش السودان.

شكوى الأمم المتحدة

بحسب نيويورك تايمز، فإن تلك الطريقة خطيرة، ومكلفة وأطول 5 مرات من الطريق المؤدي إلى أدري. وبسبب ذلك، لم يدخل سوى 320 شاحنة طعام من خلال معبر تين منذ فبراير الماضي.

وأعلن مسؤولو الأمم المتحدة إغلاق معبر تين مغلق معظم أيام الأسبوع بسبب الأمطار الموسمية التي حولت الحدود إلى نهر.

ويتراوح عدد الأشخاص الذين يواجهون خطر المجاعة من 1.7 مليون إلى 7 مليون بين شهري فبراير ويونيو عندما أغلق المعبر الحدودي أدري.

بدورها قالت سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة "ليندا توماس-جرينفيلد" مؤخرا: "هذه العقبة غير مقبولة تماما."

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أممي قوله إن دخول المساعدات لدارفور حتى قبل الحرب كان صعبا، مستشهدا بصعوبة  طريق معبر أدري بدءا من قطاع الطرق إلى الفيضانات، مضيفا أن الشاحنة التي تغادر ميناء دولا، على الساحل الغربي للكاميرون، تأخذ حوالي 3 شهور لتصل الحدود السودانية.

ووصفت الصحيفة الرد العالمي على الحرب السودانية بالبطئ، موضحة أن التبرعات التي تم جمعها في مؤتمر باريس فبراير الماضي على شكل مساعدات من أجل السودان وصلت إلى 2 مليار دولار، وهذا نصف ما كان مطلوب، بالإضافة إلى أن نصف هذه المساعدات فقط هو ما وصل للمواطنين.

الوضع في المخيمات

وتسبب نقص التمويلات في صعوبة المعيشة بمخيمات اللاجئين في شرق تشاد، حيث يعيش 200 ألف شخص بمخيم واحد مخيف تحيطه الصحراء، وفق الصحيفة.

من جانبها، أكدت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، التي تدير مخيمات اللاجئين في تشاد، أن عملياتها تم تمويلها بنسبة 21% فقط في يونيو الماضي. كما اضطر برنامج الغذاء العالمي إلى وقف عملياته بسبب نقص الأموال.

ووصفت الصحيفة الوضع الذي تعيش فيه سيدة تدعى "عائشة إدريس"، تبلغ من العمر 22 عاما، قائلة إنها تختبئ أسفل مظلة بلاستيكية أثناء رعاية رضيعتها البالغة من العمر 4 أشهر، وبجانبها أطفالها الثلاثة الآخرين.

وقالت عائشة مشيرة إلى الوحل: "نحن ننام هنا."

وانتقلت الصحيفة إلى مركز يديره أطباء بلا حدود، حيث وجدت 3 أسرة عليهم أطفال رضع جوعى، كانت أصغرهم فتاة تبلغ من العمر 33 يوما توفيت والدتها أثناء الولادة.

وعلى السرير الثاني، يرقد الطفل "مؤيد صلاح"، عمره 20 شهرا، تظهر على هيئته أعراض سوء التغذية وكان صلاح وصل إلى تشاد في نوفمبر الماضي بعدما دهم المسلحون منزل أسرته في منطقة الجنينة، على الحدود مع دارفور، حيث قتلوا جده.

حكت والدة صلاح، تدعى دهبية، ما حدث، قائلة: "ضربوه بالرصاص أمام أعيننا. والآن نحاول فقط أن نعيش على المساعدات. أليس ما حدث لنا يكفي؟".

ورأت نيويورك تايمز، أن الوضع أسوأ بكثير في دارفور، حيث يوجد مجموعات مساعدة قليلة جدا. ولا تزال الأمم المتحدة، التي انسحبت بداية الحرب، تعمل من خلال المنظمات المحلية. وقال برنامج الغذاء العالمي، إنه يتمكن من الوصول إلى 10% من الأشخاص المحتاجين.

الرد السوداني

وبدوره، قال سفير السودان لدى الأمم المتحدة "الحارث إدريس الحارث محمد" إن المخابرات السودانية وجدت أدلة على التهريب من خلال معبر أدري، مضيفا أن الأمم المتحدة سعدت بترتيب استخدام الشاحنات لمعبر تين.

وأردف، أن الدول الأجنبية التي تتوقع حدوث مجاعة في السودان تستند على أرقام قديمة وتسعى لانتهاز ذريعة تمكنها من التدخل الدولي في الدولة الأفريقية، مؤكدا: "لقد شهدنا تسييساً متعمداً ودقيقاً للمساعدات الإنسانية للسودان من قبل المانحين".

تساؤلات هامة

أثارت الأزمة المتفاقمة تبادل الاتهامات بين العاملين في مجال المساعدات الإنسانية. ففي السر، يقول العاملون في مجال المساعدات الإنسانية والمسؤولون الأمريكيون إن قيادة الأمم المتحدة لابد وأن تحث الجيش السوداني بقوة أكبر على إعادة فتح معبر أدري. ويتساءل البعض لماذا لم تقم المنظمة الدولية بإيقاف شاحناتها على الحدود، كما فعلت في غزة العام الماضي، لزيادة الضغط على الجيش!

وفي واشنطن، أكدت إحاطات الاستخبارات المقدمة إلى وزارة الخارجية والبيت الأبيض التوقعات المفجعة التي أصدرتها جماعات الإغاثة بشأن الوفيات الجماعية بسبب المجاعة بحلول نهاية هذا العام، وفقا لمسؤول أمريكي كبير تحدث لصحيفة نيويورك تايمز بشرط عدم الكشف عن هويته.

وتوقع المسؤول أن تشبه المجاعة المقبلة المجاعة القاتلة التي شهدتها الصومال عام 2011، ووفقا لأسوأ التقديرات قد تعادل المجاعة الكبرى التي ضربت إثيوبيا في ثمانينيات القرن العشرين.

ولتجاوز الحصار المفروض على معبر أدري، دعا مسؤولون أمريكيون، بمن فيهم السيدة توماس-جرينفيلد، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى السماح لشاحنات الأمم المتحدة بالعبور عبر معبر أدري دون الحصول على تصريح عسكري، كما حدث في وقت سابق مع المساعدات عبر الحدود إلى سوريا. لكن يرى المحللون أن روسيا، التي عرضت مؤخرا الأسلحة على الجيش السوداني، من المرجح أن تستخدم حق النقض ضد هذا القرار.

واختتمت الصحيفة تقريرها، بأن الأمل الآخر الآن هو محادثات وقف إطلاق النار الجديدة، التي أُعلن عنها هذا الأسبوع بوساطة الولايات المتحدة، والتي من المقرر أن تبدأ في سويسرا في منتصف أغسطس.

وفي مقابلة، قال المبعوث الأمريكي إلى السودان، توم بيرييلو، إنه سيضغط على الجانبين للسماح بوصول المساعدات الإنسانية بالكامل ــ إذا حضرا المحادثات.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز