يوميًا.. السينما على صفحات جريدة «روزاليوسف»!

لم تكتف السيدة روزاليوسف بإصدار مجلتها الأسبوعية بل قررت بشجاعة نادرة أن تصدر جريدة يومية ستة أيام فى الأسبوع، وصممت على أن تولد الجريدة لا ينقصها شىء من فنون الصحافة.

ولأول مرة فى تاريخ الصحافة تخصص صفحة كاملة بشكل يومى لأحوال وشؤون السينما كان يحررها الأستاذ أحمد كامل مرسى وعن بداياته تقول السيدة «روزاليوسف» فى مقال لها تنقد فيه فيلمًا سينمائيًا له تم عرضه عام 1954 وعنوانه «كدت أهدم بيتى» كتبت تقول: أعرف الأستاذ أحمد كامل مرسى منذ زمن بعيد، أذكر أننى رأيته أول مرة عندما أصدرت «روزاليوسف اليومية» سنة 1935 وكان يتردد على إدارتها من حين لآخر وعليه هيئة المستطلع المدقق، وسألته يومًا عن عمله فقال إنه يهوى السينما ويحلم بأن يغدو فى يوم من الأيام مخرجًا سينمائيًا!

فعرضت عليه أن يحرر صفحة السينما فى الجريدة دون أن أعلق الكثير على مجهود هذا الهاوى الصغير، وأشهد أنه بذل فيها مجهودًا كبيرًا تفوق به على سائر المحررين السينمائيين فى ذلك الوقت، وكان يتسلم مرتبه البسيط آخر كل شهر لينفقه عن آخره فى شراء كتب فى الإخراج السينمائى، ولم أكن أراه إلا وقد تأبط مجموعة من الكتب الضخمة أسأله عنها فيقول لى: هذا عن فن الإخراج بقلم فلان.. وذاك عن الديكور بقلم فلان!

ولم أكن آخذ عليه إلا أنه كان يختفى فجأة من حين لآخر ويعود بعد ثلاثة أو أربعة أيام، فإذا سألناه أين كنت؟!

قال : كنت فى حلوان ولا أحد يدرى ما سر حلوان هذه حتى الآن!

فالأستاذ أحمد كامل مرسى مثقف ثقافة سينمائية واسعة وحبه لهذا الفن قديم أصيل لم يتعلق به لمحض صدفة أو لمجرد الرغبة فى الشهرة والمال.

وفى مقال نادر عنوانه «ذكريات عن صاحبة الذكريات» يروى أحمد كامل مرسى عن تأثيرها فى حياته وفاعليتها فى تكوينه ونشأته كان كبيرًا وعميقًا فى نفسه، منذ صدور مجلتها فى أكتوبر سنة 1925 ويكمل قائلًا: فى نهاية عام 1934 وبداية عام 1935 بدأت تباشير ومعالم الحركة الأصيلة فى علاقتى المباشرة بالسيدة «فاطمة اليوسف» وذلك عندما دعانى أستاذى «زكى طليمات» وعرض علىّ فكرة الانضمام إلى أسرة تحرير جريدة «روزاليوسف اليومية» التي تصدر قريبًا، فطربت واستجبت لقبول العرض دون مناقشة أو تفكير والنشوة تملأ نفسى حيث إن الأقدار كانت رفيقة بى فى النهاية وأتاحت لى فرصة اللقاء والمعايشة مع من كنت أعجب بها منذ سنوات وكنت أترسم خطاها فى كل تحركاتى ومشاكلى البسيطة منها أو المعقدة!

ويكمل المخرج الفنان أحمد كامل مرسى ذكرياته بقوله: فى مارس عند حلول فصل الربيع كانت الاستعدادات تجرى على قدم وساق لإصدار العدد الأول من الجريدة اليومية «روزاليوسف» وهى المجلة التي ظهرت لأول مرة فى الشرق العربى فى شكل وحجم الجريدة اليومية.

والعكس صحيح أى أنها أول جريدة يومية فى الشرق العربى ظهرت فى شكل المجلة فقد كانت تظهر إما فى 16 أو 12 صفحة يوميًا من القطع الكبير، وكانت تحوى الصفحات الدورية التي تعنى بشؤون الطفل والمرأة والشباب إلى جانب صفحات الفنون والآداب والقصة، فضلًا عن التعليقات السياسية والاجتماعية على الأخبار والأحداث الداخلية والخارجية، وكذلك المنوعات والشذرات والقفشات والصور ورسوم الكاريكاتير وحكمة اليوم إلى آخر هذه التصنيفات!

ولا جدال فى أن أخبار اليوم عندما ظهرت فى الأربعينيات سنة 1944 كانت متأثرة إلى حد بعيد سواء فى الشكل أو المحتويات بالنهج الذي ابتكرته «روزاليوسف اليومية» وسارت عليه فى الثلاثينيات!

وللذكريات بقية!