طارق الشناوى
عمر الشريف وأنا!
مرت الذكرى التاسعة لعمر الشريف، وبين صخب الأحداث الثقافية والفنية، لم تتوقف (الميديا) كثيرًا مع نجمنا الاستثنائى، وبدأت أسترجع عددًا من اللقاءات التي جمعتنى به، وهى متعددة، سوف أكتفى بثلاثة فى القاهرة والدوحة وفينسيا.
فى عام 1997 تردد بعد رحيل الكاتب سعد الدين وهبة رئيس (مهرجان القاهرة السينمائى)، أن المرشح هو عمر الشريف، اسمه يكفى لكى يحقق البريق والعالمية للمهرجان، كما أن وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى متحمس لإسناد تلك المهمة إليه، وأبدى بالفعل الشريف موافقة مبدئية.
فى أحد فنادق القاهرة التقيته وسألته عن صحة الخبر؟ أكده وأضاف بمجرد أن أتلقى ورقة رسمية من الوزير سأوقع فورًا، لو تحقق هذا الشرط، سيتم نقل المهرجان من مدينة (القاهرة) التي تعانى الزحام إلى مدينة (طابا) الهادئة، وهى آخر قطعة أرض استردتها مصر من إسرائيل، قلت لعمر الشريف: اسمه مهرجان (القاهرة) وعمره تجاوز عشرين عامًا، كيف نبدأ من الصفر فى (طابا) ونضحى بعقدين من الزمان؟ أجابنى: مهرجان (كان) لا يعقد فى العاصمة (باريس)، ولكن فى مدينة بالجنوب الفرنسى وحققت شهرة من خلال المهرجان، وهذا ما أسعى إليه لو أقيم فى (طابا).
نشرت الحوار، على صفحات مجلة (روزاليوسف)، وبدأت نيران الغضب تنهال على عمر الشريف، وتراجع فاروق حسنى عن قراره وأسند رئاسة المهرجان إلى حسين فهمى، واكتفى عمر الشريف بالرئاسة الشرفية للمهرجان.
اللقاءات تعددت بيننا، إلا أننى سأنتقل إلى عام 2009 فى (الدوحة) أثناء عقد المهرجان السينمائى، عندما فقد عمر أعصابه، وانفعل بسبب المذيعة (عائشة الدوري) فى قناة (الحرة )، طلبت منه أن تلتقط صورة، أجابها انتظرى قليلاً، حتى يلتقط الصور مع عدد آخر من المعجبين سبقوها فى الوقوف بجانبه، كررت الطلب، فقد عمر أعصابه وصفعها، واستدعاها عمر مجددًا والتقطت معه صورة وهى تبتسم.
ليلتها التقيت مع عائشة، أكدت لى أنها سوف تقيم دعوى قضائية، قلت لها سوف تخسرينها من أول جلسة، اللقطة الأخيرة لكما وأنت تبتسمين تعنى الصلح، وبالفعل تراجعت عن الدعوى.
بعدها بأيام التقينا فى مهرجان (فينسيا)، كانت مصر تشارك فى المسابقة الرسمية بفيلم (المسافر) بطولة عمر الشريف وسيرين أبوالنور وخالد النبوى ونجلاء بدر وغيرهم، أقيم مؤتمر صحفى للفيلم فى الصباح، وعلى المنصة أخذ عمر الشريف يثنى على الفيلم، واعتقدنا أنه سبق له مشاهدته فى عرض خاص، وفى المساء عرض الفيلم رسميًا، بدأنا نسمع داخل دار العرض، همهمات غاضبة عالية الصوت من عمر الشريف، ولم يدرك الحضور أن عمر، عندما تواجد صباحًا، فى المؤتمر الصحفى لم يكن قد شاهد الفيلم بعد، أثناء العرض، كان له رأى قاسٍ، لا يجوز حتى إعادة نشره.
فى سنواته الأخيرة، لم يكن يستطيع إخفاء مشاعره أو تغليفها فى إطار ناعم، مع الزمن بدأ يعانى من (ألزهايمر)، ونسى كل شىء، حتى مشواره كنجم، كثيرًا ما كان يتشاجر مع الناس فى الشارع، لأنهم يستوقفونه، للسلام، بينما هو لا يدرك السبب.
تقريبًا نسى كل الماضى، إلا أنه لم ينس أبدًا فاتن حمامة، لم يدرك حتى أنها رحلت قبله بعام، وحتى اللحظات الأخيرة كثيرًا ما كان يسأل ابنهما الوحيد طارق عمر الشريف عن فاتن صحتها وأخبارها!