عاجل
السبت 21 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

شخصية السلطان سني علي الكبير ملك صنغي

وقعت في أيام السلطان "سني علي" حاكم سلطنة صنغي الإسلامية في مالي ما يُشبه الثورة ضد سياسته قادها العلماء والفقهاء في صغي، خاصة مع عدم ميل السلطان سني على إلى الإسلام. 



ويرى البعضُ، ومنهم المستشرق "إس. ترمنجهام" Trimingham، أن سني علي لم يكن بحاجة للإسلام خلال فترة حكمه، رغم أنه دين الشعب الذي كان يحكمه آنذاك. ويبدو، في رأي البعض، أن صورة السلطان "سني علي" لم تكن بذلـك السوء كما تُصوره العديد من المصادر المحلية، لاسيما وأنها في الغالب كتابات مُتأخرة كتبها مؤرخون ممن كانوا يكيدون له من الخصوم والأعداء. 

ولعل هذا التحالف في الغالب بين العلماء والفقهاء من ناحية والجنود من ناحية أخرى كان العامل الرئيس فى تحويل قوة "مملكة صنغى" السياسية من حكم مُستبد، الى حكم يميل إلى العقيدة الإسلامية. 

وتشكل في "سلطنة صنغى" في ذلك الوقت طبقة ذات نفوذ تضم العلماء، والتجار، وأعوانهم بجانب قادة الجيش، وهى التي ستمثل الركيزة الأساسية نحو أضعاف حكم السلطان سني علي لاسيما بعد وقوع التمرد ضده منذ سنة 899هـ/1493م. وإذا أردنا أن نفهم ظهور ذلك التمرد المحلي الذي قام ضد حكم السلطان "سني علي"، وكذلك لمعارضة توجهات هذا السلطان الواضحة ضد الإسلام، فيجب علينا أن نضع في الحسبان بصفة خاصة حكم سني علي الذي اتصف بعدم ملائمة سياسته العسكرية فى التعامل مع قوى المجتمع الإسلامي، وأفكاره الجديدة. 

وأتت الأحداث مع تنظيم الجيش فى أداء مهامه، ومشاركته فى الخدمة العامة، بجانب المسائل الأمنية بتسهيل نجاح التمرد ضد سني علي. 

ورغم أن الفترة المبكرة من حكم "سنى على" كانت عبارة عن اتحاد قوى، إلا أنه انهار، وانتهى في عام 885هـ/1480م، نتيجة الانقسام بين القوى الموجودة فى مناطق الشمال الغربي، حيث كان التاثير الإسلامي قد تطور بشكل فعال ومؤثر فى هذه المنطقة. ورغم ملاحظة البعض وجود خليط  من العناصر التقليدية والاسلامية داخل القصر الملكي في "جاو" Gao عاصمة تلك المملكة، لاسيما وأن "سني علي" كان قد سمح  بوجود العبادات والطقوس الوثنية التي كان قد هجرها أكثر شعبه الذي صار يدين بالعقيدة الإسلامية، وهو ما أغضب الناس منه، وأسخطهم عليه أيما سخط. 

ورغم أن السلطان "سني علي" كان مسلمًا كما يبدو في الظاهر لنا، حيث لم يكن  وثنياً، وكان يصوم في شهر رمضان، كما كان يدفع الأموال من أجل بناء المساجد في بلاده. ولعل هذا الخليط العقائدي الذي يتكون من العبادات الإسلامية من جانب، مع الاحتفاظ  بالطقوس غير الإسلامية من جانب آخر، يكشف عن ظهور دين ذي طابع خاص، فهذا الخليط يعتبره البعض سمة مميزة  للمجتمعات الإسلامية فى بلاد غرب افريقيا. 

ولم يتغير هذا التكافل بشدة، بدليل أنه سنة 754هـ/1353م عندما قضى ابن بطوطة فى مدينة "جاو" شهرًا وجدها مدينة مزدهرة. وعن نظرة الرعية في "سلطنة صنغي" تجاه "سني علي"، يقول المؤرخ سيسيوكو: "صادف سني علي صعوبات كبيرة من جانب الارستقراطية المسلمة، ولاسيما في "تمبكتو" التي صورها علماؤها للخلف بعد قرنين من الزمن في صورة ملك قاس وطاغية فاسق..فقد كانت أسباب معارضته للعلماء من رجال الدين أسباباً سياسية وأيديولوجية، إذ كان سني علي بحكم تربيته في بلده الأم ألفارو مسلماً لم يُحسن إسلامه، حيث لم يهجر يوماً العبادات التقليدية، أما رجال الدين فكانوا لايكفون عن انتقاد سني..وقد انضم كثيرٌ منهم للطوارق..الذي كان سني علي يحاربهم آنذاك". وعلى أية حال، كان سني علي  فوق كل شيء  رمزًا  للثقافة الصنغية التقليدية أمام القوى الجديدة المتمثلة في الإسلام". 

ثم حكم سني بارو ابن سني علي، ولم يدم حكمه سوى قرابة سنة واحدة، حيث شهدت البلاد في ايامه اضطرابات وفوضى بسبب رفض السلطان الجديد للإسلام، ولهذا تمرد عليه قائد الجيش محمد طوري (توريه)، وهو ذاته الذي اشتهر بأسكيا محمد، ودعمه العلماء وشعب الصنغي حتى تمكن من اسقاط حكم سني بارو، ومن ثم تأسيس حقبة جديدة من تاريخ شعب الصنغاي، وهي التي تعرف بعصر دولة الأساكي نسبة للسلطان أسكيا محمد وأبنائه الذي حملوا ذات اللقب.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز