الفتة والجاكوت والكاشيد أطعمة نوبية
العيد في النوبة بأسوان له شكل ثاني
محمد عوض سليم أسوان
يمثّل عيد الأضحى لدى الأسوانيين عامة، وأهالي النوبة بشكل خاص، مناسبة دينية واجتماعية، إذ يعد فرصة لتجمع العائلات والاهل والأصدقاء وتبادل التهاني، بالعبارة النوبية الشهيرة "كوريجون آي نالوووي" (كل عام وانتم بخير)، ورغم تشابه الاسوانيين في كثير من العادات والتقاليد الخاصة باحتفالات عيد الأضحى المبارك، إلا أن هناك بعض العادات المتوارثة التي تميز المجتمع النوبى عن غيره.
بيت العائلة أو بيت الجد"
كعادة أهالي القرى والتجمعات ذات الطابع الاجتماعي فى صعيد مصر خاصة مناطق النوبة القديمة التي حافظت على موروثها الثقافي، العيد له عاداته وطقوسه الشعبية الخاصة به إذ يقول طارق منير مدير مدرسة ثانوى بمنطقة كركر النوبية، واحد قيادات النوبة: "إن النوبة، لها خصوصيتها الفريدة في الأعياد والمناسبات المختلفة، وخاصة عيد الأضحى المبارك، حيث تحرص العالات النوبية بمناطق قرى مركز نصر النوبة والتي يطلق عليها قرى التهجير، على التجمع خلال مناسبة عيد الأضحى المبارك، فى منزل الجد، أو الأب، وهو دائما ما يكون الرجل الأكبر سنا في العائلة كنوع من التكريم له، حيث يصطحب أفراد العائلة خلال زيارتهم لبيت كبير العائلة "صينية" الأضحية الشهيرة لتقديمها ضمن المائدة العائلية الكبيرة والتي يتم تناولها خلال مأدبة الغذاء، والتي تشمل الفتة التي تزين بلحوم الأضحية، والتي يتناولها الجميع فى حب وألفة.
ويضيف أنه بالنسبة لطعام العشاء من الأضحية فيتم تناوله أيضا بشكل جماعي في دور الضيافة بمنزل كبير العائلة، كما يتم توزيع أنصبة الفقراء من لحوم الأضاحى في سرية تامة.
مظاهر احتفالات
ويكمل يسرى بحر من قرية دابود النوبية، و مدير أحد البنوك الوطنية بأسوان، أن مظاهر احتفالات عيد الأضحى المبارك في منطقة النوبة، تختلف دون غيرها من المناطق والأماكن الأخرى بمحافظة أسوان، أذ يحرص أبناء النوبة، على التجمع فى منزل كبير العائلة لاستقبال المهنئين بالعيد من الأهل والأصدقاء والجيران، وتظهر روح التآلف والتازر جلية بين الجميع، فى موعد ثابت يتجدد موعده مع كل عيد، من أجل تجديد الحنين إلى الماضى، وهو بمثابة موروث ثقافى لم يتغير مع مرور الزمن عند أهل النوبة، وتعتبر فيه اللغة النوبية والعادات والتقاليد القاسم المشترك الذي يجمعهم.
ويؤكد أن هناك الكثير من الذكريات الجميلة والعادات والتقاليد التي لم تتغير خلال عيد الأضحى المبارك، والتي ورثناها من الأجيال السابقة، تبدأ قبيل العيد بأيام قليلة بشراء متطلبات ولوازم العيد من المواد الغذائية والحلوى، وهذا يسمى "خزين العيد"، كما أن طعام عيد الأضحي في النوبة يغلب عليه الفتة برقاق النشابة، والخبز الشمسي الشهير، بينما النايب أي المناب من اللحمة فيقوم أحد الأفراد ممن لديه الخبرة في عدالة بتوزيع أنصبة النايب علي الحاضرين وعادة يكون قطعة واحدة من اللحمة.
واستطرد محمود محمد بشير مدرس من قرية الامبركاب النوبية، قائلًا إن طرق ذبح الأضاحى لم تختلف كثيرا عن باقى المناطق الأسوانية، حيث يستمر الذبح خلال أيام العيد حتى نهاية أيام التشريق، وسط حالة من السعادة التي تضفي الفرحة والبهجة علي الجميع بقلوب صافية ونفوس راضية ويتجمع أطفال النوبة، أمام خراف الأضاحي وينشدون الأغانى النوبية، وإذا كان أحد أبناء الاسرة يجيد ذبح الخراف فإنه يذبح أضحية والده أولا ثم أضحيته، وتقسم الأضحية إلى ثلاثة أقسام قسم للفقراء وقسم لصاحب الأضحية والقسم الثالث يطهي علي النار ويقدم في الإفطار والعشاء للأهل والأقارب والجيران.
وعن أشهر الأطعة التي لا تخلو منها المائدة النوبية خلال عيد الأضحى، يقول "بشير"، إن أبناء النوبة يحرصون على تقديم عدد من الأطعمة الشهيرة التي توارثوها جيلا بعد جليل.
وتابع قائلا: "إذا قررت أن تزور بلاد النوبة يوماً.. فلا بد أن تجرب أشهر أكلاتهم" خلال العيد والتي منها "الجاكوت"، والذي يتم صنعه من خلال البامية الجافة، حيث تحرص النساء على تجفيف البامية فى الشمس.. ثم يتم تسويتها مع حزمة من الكسبرة والشبت والسبانخ، ويتم وضعها على مائدة الطعام، إلى جانب "الكاشيد" الذي يتكون من قطع اللحم مكعبات، وتتم تسويتها فى السمن على نار هادئة ويضاف اليها الفلفل الأسود، وبعد أن تنضج اللحم يتم تقديمه بعد إضافة الملح، كما تشمل المائدة النوبية "الكرمديد".. والذي يتكون من الدقيق وحلبة حصاة مطحونة، ويتم تسويتها مع الزيت المضاف اليه الدقيق والمياه والملح، ويتم تسويه الخليط بواسطة مضرب كهربائى أو "مفراك" يقدم بشكل "الفتة" بعد إضافة العيش النوبي "الدوكة" عليها.