عاجل
الخميس 27 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
تفكك الفكرة.. مستقبل إسرائيل الغامض

تفكك الفكرة.. مستقبل إسرائيل الغامض

مع دخول الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة شهرها التاسع وتجاوزت حصيلة القتلى 35 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين. وفي خضم الغضب العالمي بدأ سؤال كان هامشياً لكنه بدأ في الظهور في الخطاب الدولي وهو: هل يمكن أن تؤدي تصرفات إسرائيل إلى تفككها كدولة، وإذا كان الأمر كذلك، فمتى قد تبدأ هذه العملية؟



إن فكرة إسرائيل العدوانية التي كانت مقتصرة في السابق على وسائل الإعلام العربية والدوائر الأكاديمية العربية، بدأت تتسرب إلى وسائل الإعلام الغربية الرئيسية، وإلى الشارع الغربي أيضا.

وفي صحيفة الجارديان البريطانية، قال كاتب المقال جاري يونج: "إن قصف إسرائيل لغزة لا يمكن الدفاع عنه أخلاقياً.. وهوس الدولة بالحلول العسكرية على حساب كل شيء آخر يزرع بذور زوالها المحتمل".

وكتب جدعون ليفي في صحيفة هآرتس الإسرائيلية ذات الميول اليسارية: "إن الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، والتي ينظر إليها الكثيرون على أنها غير متناسبة وعشوائية، تعمل على تسريع عملية نزع الشرعية التي قد تكون وجودية، إننا لا نشهد معركة ضد الرأي العام العالمي فحسب، بل من أجل حق إسرائيل في الوجود".

هناك عدة عوامل تدعم هذا التحول في المعنويات العالمية:

1. اتهامات بالإبادة الجماعية ومع تزايد عدد القتلى في غزة، اكتسبت الاتهامات بأن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية زخماً كبيرا، حيث حظيت قضية جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، والتي تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية، بدعم أكثر من 50 دولة.

وقال تشارلز تريب، الأستاذ في جامعة SOAS بلندن، في مقابلة مع قناة الجزيرة: "إذا حكمت محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، حتى لو لم يتم تنفيذها على الفور، فإن ذلك سيعتبر إسرائيل دولة منبوذة في نظر الكثير من دول العالم، مثل هذا التصنيف يمكن أن يكون له تأثير مدمر على شرعية الدولة مع مرور الوقت".

2. مطالبات الفصل العنصري وتصف جماعات حقوق الإنسان الكبرى، مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، رسميًا معاملة إسرائيل للفلسطينيين بأنها "فصل عنصري"، ويستحضر هذا الإطار حالة جنوب أفريقيا، حيث ساعدت الضغوط الدولية والمقاطعة في نهاية المطاف في تفكيك حكم الأقلية البيضاء.

وقد رسمت صحيفة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية أوجه تشابه مباشرة: "مثل نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، قد تجد إسرائيل نفسها معزولة بشكل متزايد، فمزيج من المقاومة الداخلية والعقوبات الخارجية يمكن، على مدى سنوات أو عقود، أن يفرض إعادة هيكلة أساسية للدولة".

3. تذبذب الدعم الأمريكي وكانت الولايات المتحدة أقوى حليف لإسرائيل، إلا أن الخسائر البشرية في صفوف المدنيين في غزة تعمل على توتر هذه العلاقة، وجد استطلاع أجراه مجلس شيكاغو أن 60% من الأمريكيين يريدون الآن أن تضغط الولايات المتحدة من أجل وقف إطلاق النار، بينما يؤيد 26% فقط الأهداف العسكرية الإسرائيلية.

بينما كان الرئيس بايدن يدعم إسرائيل علنًا، فقد تم التقاطه عبر الميكروفون وهو يقول إن نهج نتنياهو في غزة هو "خطأ كبير" يكلف إسرائيل الدعم العالمي.

4. الدولة الواحدة لقد أدى توسع إسرائيل في مستوطنات الضفة الغربية إلى جعل قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة أمراً شبه مستحيل، يرى العديد من الخبراء الآن حل الدولة الواحدة بحكم الأمر الواقع، حيث تسيطر إسرائيل على جميع الأراضي الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط.

وكتب حجاي إلعاد من جماعة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية في مجلة فورين بوليسي: "يجب على إسرائيل إما منح حقوق متساوية لجميع الذين يعيشون تحت حكمها أو الحفاظ على نظام الامتيازات العرقية، الأول ينهي هوية إسرائيل، والثاني هو الفصل العنصري، وهذه المعضلة ستؤدي في نهاية المطاف إلى تفكيك المشروع الصهيوني".

5. الانقسامات الداخلية مما لا شك فيه ان النسيج الاجتماعي في إسرائيل يتآكل، ومن المتوقع أن يشكل اليهود المتدينون، الذين لا يخدمون في الجيش أو يشاركون في القوى العاملة، 32% من سكان إسرائيل بحلول عام 2065. وهذا يضعف الأغلبية اليهودية العلمانية.

وأثارت محاولة نتنياهو للإصلاح القضائي العام الماضي احتجاجات واسعة النطاق، وينظر كثيرون إلى ائتلافه الحالي، الذي يعتمد على أحزاب اليمين المتطرف، على أنه متطرف بشكل خطير.

6. عامل الشباب وتظهر استطلاعات الرأي أن الأميركيين الأصغر سنا، بما في ذلك الأميركيين اليهود، أكثر انتقادا لإسرائيل، حيث وجد استطلاع أجرته جامعة هارفارد وهاريس أن الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا يتعاطفون مع الفلسطينيين أكثر من الإسرائيليين بفارق خمس نقاط.

وكتبت إميلي ماير من المجموعة اليهودية المناهضة للاحتلال ومقرها الولايات المتحدة في صحيفة "جلوب آند ميل" الكندية": يرى جيلي أن الاحتلال يتناقض مع قيمنا، وأضاف، "بينما نرتقي إلى مستوى القيادة، فإن هذا التحول سيعيد تعريف النهج الأمريكي، مما قد يترك إسرائيل معزولة".

متى يمكن أن يبدأ تفكك إسرائيل؟

يرى معظم الخبراء أن الانهيار المحتمل لإسرائيل ليس حدثا يمكن ان نتوقعه قريبا، بل عملية تدريجية قد تستغرق عقودا.

وأوضح آفي شلايم، الأستاذ الفخري في جامعة أكسفورد، لصحيفة الباييس الإسبانية أن "التاريخ يظهر أن الأمم لا تختفي عادة بين عشية وضحاها، بدلاً من ذلك، غالبًا ما تكون هناك فترة طويلة تفقد فيها الأفكار الأساسية للدولة مصداقيتها قبل أن تنهار هياكلها أو تتحول في النهاية".

وكتب المؤرخ مايكل وولفسون في صحيفة دير شبيجل الألمانية أن "إسرائيل واجهت تنبؤات يوم القيامة من قبل. فتفوقها العسكري والتكنولوجي، بالإضافة إلى شبح الاضطهاد اليهودي في الماضي، سوف يدفعها إلى التكيف والبقاء على قيد الحياة حتى لو كان ذلك يعني تسويات صعبة".

ومع ذلك، ومع انتشار صور الدمار في غزة في جميع أنحاء العالم، يرى الكثيرون أنها نقطة تحول تاريخية في عالم حديث تلعب فيه الصورة جزءا كبيرا من شكل المستقبل وما يبنى عليه.

وربما تكون إسرائيل قد بدأت من تلقاء نفسها سلسلة تنتهي بالعالم بالتشكيك في أسسها كما لم يحدث من قبل، حيث إن العالم الحديث لم ير أحداثا بكل هذا الهول من القتل من قبل.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز