عمرو جوهر
لعنة أطفال غزة تخيم على الانتخابات الأمريكية
مع انطلاق السباق الرئاسي لعام 2024، أصبح الصراع المستمر بين إسرائيل وحماس في غزة نقطة ملتهبة يمكن أن تؤثر على ميول الناخبين الأمريكيين، وتقلب نتائج الانتخابات الأمريكية رأسا على عقب.
حيث شهدت الأسابيع الأخيرة ارتفاعًا كبيرا جدا في عدد الضحايا المدنيين في غزة خلال الغارات الجوية الإسرائيلية، مما أثار الغضب في جميع أنحاء الولايات المتحدة بسبب كم الأطفال والنساء الذين قتلوا.
"كم من الأطفال يجب أن يموتوا قبل أن نقول كفى؟" سأل أحد المتظاهرين في مظاهرة حاشدة في ديترويت في ولاية متشيجان، وهي الجملة التي تتردد في جميع المظاهرات حول الولايات المتحدة، واندلعت مظاهرات مماثلة تندد بالعنف في مدن بجميع أنحاء الولايات المتحدة مع انتشار صور لضحايا مدنيين معظمهم من الأطفال والنساء.
الرئيس بايدن، الذي واصل المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل وتجاهل النقد العلني القوي للحملات العسكرية في غزة، يتعرض لانتقادات مبرحة، حيث تمثل مشاهد القتل مسؤولية سياسية معقدة للرئيس الأمريكي.
وقد استغل منافسه الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترامب، هذه القضية لجذب قاعدة كبيرة في الانتخابية من خلال إدانة نهج السياسة الأمريكية القائمة منذ فترة طويلة في المنطقة، وخصوصا بعد تولي بايدين الحكم في أمريكا.
الفرصة الآن أفضل من اي وقت مضى، حيث إنه بإمكان ترامب ان يتهم بايدن باحترام إسرائيل أكثر من اللازم وهذا يؤدي إلى من ممارسة العنف ضد المدنيين الفلسطينيين.
ويمكن لترامب أيضا أن ينتقد عقودًا من التقاليد السياسية الأمريكية في تمويل الحملات العسكرية الإسرائيلية، مستندا إلى أن أموال الضرائب الأمريكية تضطهد الفلسطينيين، بل وتؤدي إلى حملات إبادة جماعية.
وكان استطلاع جديد للرأي قد اظهر أن نسبة التأييد الأمريكي على الطريقة التي يتعامل بها بايدن مع أزمة غزة انخفضت إلى 28% فقط، وهو تحول ملحوظ في الرأي العام الأمريكي وسط ارتفاع اعداد الضحايا المدنيين.
وقال بايدن: "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، ولكن لا يمكننا أن نقبل قتل الأطفال الأبرياء كنتيجة جانبية لهذه الحرب"، وناشد الجانبين "ممارسة ضبط النفس وإحياء عملية السلام المتوقفة منذ فترة طويلة"، لكن هذه الجمل التقليدية لم تعد مقبولة من الشعب الأمريكي.
وفي جميع أنحاء الولايات المتحدة، أظهرت احتجاجات كبيرة بقيادة مجموعات فلسطينية أمريكية في مدن بها عدد كبير من السكان المسلمين والعرب مثل ديترويت وفيلادلفيا ولوس أنجلوس وفرجينيا، إن انتشار الصور التي تصور الشهداء من الأطفال يمكن أن يحرك المشاعر الأمريكية بطريقة مماثلة للصراعات مثل كوسوفو وحول البوسنة والهرسك، والتي حفزت التدخل الأمريكي في الماضي.
وتكشف بيانات استطلاعات الرأى عن انقسام بين الحزب الديمقراطي والجمهوري بشكل متزايد، حيث لم يحظ تعامل بايدن مع الوضع في غزة إلا بموافقة ضئيلة جدا بين الجمهوريين، حيث وصلت النسبة إلى 13% فقط.
ومن المثير للدهشة أن بعض الديمقراطيين التقدميين الذين انتقدوا بايدن لعدم اتخاذه موقفًا أكثر صرامة تجاه إسرائيل، أشادوا بخطابات ترامب بشأن غزة باعتباره خطوة في الاتجاه الصحيح، على الرغم من خلافاتهم الكبيرة مع ترامب.
وقالت النائبة رشيدة طليب "ديمقراطية من ولاية ميشيغان"، التي قادت انتقادات الكونجرس بشأن غزة: "لفترة طويلة جدًا، تم تجاهل حقوق الإنسان الفلسطينية بدلاً من التعامل معها على أنها أزمة إنسانية تتجاوز السياسة، أنا متشجعة بأن القادة من كلا الجانبين يدركون الآن أن القيم الأمريكية لا ينبغي أن تمول العنف ضد الأطفال".
ومع تزايد عدد الشهداء في غزة ورفض الإسرائيليين والفلسطينيين حتى الآن مقترحات وقف إطلاق النار، يبدو من غير المرجح أن يهدأ الصراع الدموي قبل الانتخابات الاميركية في الخامس من نوفمبر المقبل.
ويحذر بعض المحللين من أنه بغض النظر عمن سيفوز، فإن الضغينة الحزبية بشأن غزة يمكن أن تشل الآمال في عملية سلام محايدة لسنوات كثيرة مقبلة.