اجتماع الدورة غير العادية لمجلس الجامعة العربية يبحث استمرار الجرائم الإسرائيلية في غزة
شاهيناز عزام
بدأت أعمال الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين اليوم الأربعاء برئاسة سفير موريتانيا لدى مصر ومندوبها الدائم بالجامعة العربية السفير الحسين سيدي عبدالله الديه - رئاسة الدورة الحالية، وبحضور الأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير حسام زكي، والأمين العام المساعد رئيس قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة السفير سعيد أبو علي.
وترأس وفد دولة فلسطين مندوب دولة فلسطين بالجامعة العربية السفير مهند العكلوك، والمستشار أول تامر الطيب، والمستشار جمانة الغول، والملحق الدبلوماسي ماهر مسعود وجميعهم من مندوبية فلسطين بالجامعة العربية.
ويبحث الاجتماع الذي يعقد بناء على طلب من دولة فلسطين وتأييد الدول العربية استمرار الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة وتداعيات الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن ضد حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
ومن جانبه قال السفير الموريتاني إننا نجتمع اليوم وبمشاركة المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية ألبانيز لنسلط الضوء على الجرائم البشعة التي ترتكبها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني وإمعانها في القتل العشوائي للمدنيين العزل بما في ذلك الأطفال والنساء وكبار السن، والإعدامات الجماعية، ومنعها لوصول الدواء والغذاء، وارتكابها المجازر تلو المجازر، وإنتهاجها سياسة الأرض المحروقة في حربها القذرة ضد الفلسطينيين فلم تسلم المستشفيات ولا أماكن العبادة، ولا المدارس، ولا مراكز الإيواء وهيئات الإغاثة من القصف والتدمير بأكثر الأسلحة شراسة وفتكا.
وأضاف مندوب موريتانيا لقد باتت جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها آلة الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني موضعَ إدانة في المجتمع الدولي، ومحلَّ استنكار واستهجان في الأوساط الشعبية والمنظمات المدنية بمختلف أنحاء العالم، الأمر الذي يضع الضمير العالمي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، مشيرا أن فشل مجلس الأمن الدولي في تبني قرار قَبول العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة كان أمرا مؤسفا ومخيبا للآمال وذلك لعدم إنسجامه مع أسس مبادرات حل الدولتين.
وأوضح، لقد أثبتت الأحداث والتطورات المتلاحقة في ملف القضية الفلسطينية أنه لا بديل عن الحل السياسي المستديم الذي يضمن للشعب الفلسطيني كافة حقوقه المشروعة، والاعتراف بدولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، والقبول النهائي بفلسطين دولةً سيدةً وكاملة العضوية بالأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة، وهذا وحده هو الضامن الأكيد لاسقرار المنطقة واستباب الأمن في ربوعها.
ومن جانبه دعا إلى اتخاذ إجراءات في المجالات الاقتصادية والقانونية والسياسية والدبلوماسية لمعاقبة إسرائيل على جرائمها، وعدم الإكتفاء بالبيانات والقرارات التي في كثير من الأوقات لا تجد طريقها للتنفيذ والفعل والتأثير.
وقال مندوب فلسطين في كلمته إن إسرائيل قتلت منذ أمر محكمة العدل الدولية يوم 26/1/2024 أكثر من 8000 شهيد فلسطيني المحكمة أمرتها بوقف قتل المدنيين لكنها قتلت 8000 منهم رداً على أمر المحكمة، كما قتلت منذ قرار مجلس الأمن 2728 يوم 25/3/2024 أكثر من 1500 شهيد، مشيرا إن مجلس الأمن دعا لوقف إطلاق نار فوري في رمضان، لكن إسرائيل قتلت 1500 شهيد ردا على قرار مجلس الأمن الأخير، فلم يأن الأوان لهذا العالم كي يحفظ ما تبقى من إنسانيته أو من ماء وجه الأمم المتحدة والقانون الدولي وحقوق الإنسان والقيم البشرية؟ خاصة عندما ترفض إسرائيل الالتزام بقرارات مجلس الأمن، فعلى مجلس الأمن أن يستخدم الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لإجبارها على وقف الإبادة الجماعية، وأن يتم تفعيل الآليات الإلزامية التي يوفرها الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وفرض عقوبات عليها ووقف الصلات الاقتصادية والمواصلات وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، لضمان انصياعها لقرارات مجلس الأمن وأوامر محكمة العدل الدولية.
الخميس الماضي 18 إبريل 2024، كان يوماً آخر لاختلال الموازين وعدم كفاءة المنظومة الدولية المتمثلة في مجلس الأمن، عندما استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية الفيتو الظالم لمنع دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطيني في الأمم المتحدة، وهو ما يبيّن عدم اتسام الولايات المتحدة بالنزاهة والصدقية، وعدم وفائها بمتطلبات وشروط السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، وعدم انسجامها مع مواقفها المعلنة تجاه حل الدولتين، ومع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بما فيها قرار مجلس الأمن 1515 (2003)، والذي صوتت حينا الولايات المتحدة لصالحه وقد نصّ على رؤية حل الدولتين من أجل تحقيق السلام في المنطقة.
كم أن هذا الفيتو الأمريكي جاء لينتهك الالتزام الذي عبّر عنه الرئيس بايدن في مدينة بيت لحم الفلسطينية، مهد سيدنا المسيح، من خلال مؤتمره الصحفي مع السيد الرئيس محمود عبّاس رئيس دولة فلسطين، حيث أكد الرئيس بايدن حينها التزامه كرئيس للولايات المتحدة بهدف تحقيق حل الدولتين، وأن الشعب الفلسطيني يستحق دولة ذات سيادة ومتصلة جغرافياً.
وطالب، الولايات المتحدة الأمريكية بمراجعة مواقفها المُنحازة للاحتلال الإسرائيلي والتي تحول دون إنقاذ فرص السلام وتطبيق حل الدولتين وممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة وغير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حقه في تقرير المصير وتجسيد استقلال دولة فلسطين على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس.
كما طالب مندوب فلسطين الولايات المتحدة بوقف تصدير السلاح والذخائر التي تستخدمها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، في جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، بما يشمل قتل عشرات آلاف المدنيين الفلسطينيين، وتدمير بيوتهم ومستشفياتهم ومدارسهم وجامعاتهم ومساجدهم وكنائسهم وبنيتهم التحتية وجميع مقدراتهم ولا نعتقد أن أي دولة في العالم ترغب بأن تُسمى شريكة لإسرائيل في جريمة الإبادة الجماعية التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني.
وقال مندوب فلسطين، إن إسرائيل مستمرة بقتل آلاف الأطفل والنساء والشيوخ والمدنيين بشكل همجي ومنهجي، حتى وصل عدد ضحايا جريمة الإبادة الجماعية إلى أكثر من 111 ألف شهيد وجريح (34 ألف شهيد، و77 ألف جريح)، أكثر من 70% منهم أطفال ونساء، مؤكدا إن عجز العالم مستمر عن إمعان إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وتجويع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، على مدار قرابة سبعة شهور، رغم صدور ثلاث قرارات من مجلس الأمن، آخرها قرار 2728 والذي دعا إلى وقف إطلاق نار فوري في شهر رمضان الماضي، ورغم صدور أمرين من محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية بوقف قتل المدنيين وإيذائهم جسدياً، ورغم آلاف المطالبات والدعوات والتحذيرات الدولية، وملايين المتظاهرين الذين جابوا شوارع العالم يطالبون بوقف قتل إسرائيل للأطفال والنساء والمدنيين الفلسطينيين.
وقال، أننا نستقبل بعد قليل في مجلسنا هذا سيدة شجاعة وحاملة وفية للأمانة، وهي فرنشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي عائدة من معبر رفح بعد أن منعتها إسرائيل من دخول قطاع غزة الذي يتعرض للإبادة الجماعية.
وأضاف، إن ألبانيز قدمت عدة تقارير قانونية مهنية حصيفة وشجاعة، تفضح من خلالها وبالأدلة القانونية جرائم وانتهاكات إسرائيل الجسيمة لحقوق الإنسان الفلسطيني، وكان آخرها تقرير "تشريح إبادة جماعية" الذي قدمته أمام مجلس حقوق الإنسان يوم 25/3/2024، أكدت من خلاله على جملة أمور هامة، منها: إنّ الإبادة الجماعية هي فكر وعقيدة متأصلة في أيديولوجية الاستعمار الاستيطاني، وأن جريمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين لها إرهاصاتها التي تستشف من تاريخ إجرام إسرائيل بحق الفلسطينيين. كذلك، فإن إسرائيل حققت متطلبات وعناصر الركن المادي لجريمة الإبادة الجماعية، وبصورها المختلفة: القتل، والإيذاء الجسدي والعقلي، وفرض الظروف المعيشية الصعبة، والتجويع، تلك الجريمة التي تثير مسؤوليتين إحداهما مسؤولية دوليةState Responsibility والأخرى مسؤولية جنائية فردية. وقد أوضح التقرير أنّ النية لارتكاب الإبادة الجماعية متحققة وعليها الكثير من الشواهد من أقوال وتصريحات مسؤولين كبار في حكومة إسرائيل وعلى رأسهم تصريحات بنيامين نتنياهو، فضلاً عن لجوء إسرائيل للتمويه الإنساني Humanitarian Camouflage بتشويهها لقانون الحرب ومحاولة إخفاء نية الإبادة الجماعية، وأن إسرائيل حولت غزة برمتها إلى هدف عسكري للعمليات الإسرائيلية.
كما ثمن السفير العكلوك هذه المبادرة من قبل مجلسكم الموقر، ليأتي استقبال المقررة الخاصة لحقوق الإنسان منسجماً مع قرارات القمة العربية بإتاحة منبر جامعة الدول لشخصيات دولية نزيهة تدافع عن العدالة والقانون وحقوق الإنسان، لعلنا نرى الضوء في آخر النفق، ولعلنا نتمسك بأهداب أمل يفيدنا بأن هذا العالم سيسوده يوماً ما السلام والعدل وقيم الإنسانية