لماذا يحرر المصريون شيكا على بياض للسيسي؟
بقلم : محمد صالح رجب
حالة استثنائية تعيشها مصر الآن ، كل شيء استثنائي .. رئيس استثنائي لشعب استثنائي الأداء في فترة استثنائية من تاريخ مصر ، رئيس لم يكن معروفا لعامة المصريين لوقت قريب ،لم يكن له برنامجا انتخابيا واضحا ، لا يملك الكثير مما يملكه آخرون "أو هكذا بدا" ، و مع ذلك حظى بثقة المصريين وتفوق باكتساح على المناضل والسياسي المخضرم حمدين صباحي صاحب الكاريزما والخبرة الطويلة ، وملك قلوب شعبه حتى قبل أن يكون رئيسا فخرجت له جموع الشعب مرات عدة ، تارة لدعمه في حربه ضد الإرهاب وأخرى للاستفتاء على الدستور وثالثة لانتخابه رئيسا ورابعة لتمويل مشاريع عملاقة كمشروع قناة السويس ، فما الذي يدفع شعبا لان يضع ثقته في رجل كهذا ؟ ما الذي يدفع الشعب لتقبل قرارات صعبة من قبيل رفع الدعم عن الوقود ، ويتحمل انقطاع الكهرباء وتدني الخدمات بشكل لم تشهده مصر حتى في عهود الفساد التي ثار عليها ؟ ما الذي يدفع شعبا لأن يقبل بما لم يكن يقبل به من قبل ؟ ، أتذكر كيف كنا ننتقد الإعلام الموجه من قبل وها نحنا نتغاضى عنه اليوم ، كنا ننادي بكثير من الحريات ودفعنا ثمنها مقدما دون ان نحصل علي مزيد منها حتى الآن، فلماذا يحرر الشعب المصري شيكا على بياض للسيسي ؟ وما سر هذه الثقة المتناهية في الرجل؟
لقد كان أداء المصريين استثنائيا في تلك المرحلة الاستثنائية من تاريخ مصر والمنطقة ، حيث لم يختاروا رئيسهم لمجرد كونه ابن المؤسسة العسكرية التي تحظى بثقة واحترام المصريين، فأبناء المؤسسة العسكرية كثر حتى أن من بينهم من ثار عليه الشعب ، كما لم يختاروه لخبرات سياسية سابقة أو لبرامج ووعود انتخابية أو حتى بناء على أيدلوجية أو مرجعية ، وإنما اختاروه ووضعوا ثقتهم فيه لقرار وحيد اتخذه عندما قرر أن ينضم للشعب المصري في رغبته لمجابهة الفكر الإخواني ، ووضع حد للمد الإخواني الذي كاد يطيح بأركان الدولة المصرية .
إن طريقة اختيار المصريين لرئيسهم والتفافهم حوله وقبولهم لإجراءات صعبة قاسية ما كانوا ليقبلوا بها ، واستعدادهم لتقبل المزيد ، ما هو إلا تأكيد للرسالة التي بعثوا بها في 30 يونيو من رفض قاطع لتنظيم الإخوان ، الغريب أن الإخوان لم يقرأوا تلك الرسالة بعد ، ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن سر تقديم الشعب المصري شيكا على بياض للسيسي ..