
عاجل.. 64 عامًا على وضع حجر الأساس للسد العالي

عادل عبدالمحسن
تحل اليوم الثلاثاء، الذكرى “64” على قيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، يوم9 يناير من عام 1960 بوضع حجر الأساس لمشروع بناء السد العالي بجنوب أسوان، ليصبح أكبر مشروع لتوليد الكهرباء في مصر والشرق الأوسط، وعلامة بارزة في حياة الأجيال لتتوارثه جيلًا بعد جيل، وأكبر مشروع اقتصادي شهدته مصر على مدار تاريخها بعد حفر قناة السويس.

الأهرام كتبت تحت عنوان بنينا السد
يناير شهر أعياد السد العالي
ويعد شهر يناير هو شهر أعياد السد العالي، حيث تحتفل مصر أيضا خلال أيام بذكرى قيام الرئيس الراحل محمد أنور السادات بافتتاح مشروع السد العالي في15 يناير عام 1971، حيث أصبح هذا اليوم عيدًا قوميًا لمحافظة أسوان.
وكانت رحلة بناء السد التي بدأت بدراسات إنشائه في عام 1952 بعد أشهر قليلة من ثورة 23 يوليو، حيث تقدم حينها المهندس أدريان دانينوس إلى قيادة ثورة 1952 بمشروع لبناء سد ضخم عند أسوان يهدف إلى حجز فيضان النيل وتخزين مياهه وتوليد طاقة كهربائية منه.
واتخذ قرار بناء السد العالي في عام 1953 بتشكيل لجنة لوضع تصميم للمشروع، حيث تم وضع تصميم السد العالي في عام 1954 تحت إشراف المهندس موسى عرفة والدكتور حسن زكى بمساعدة عدد من الشركات العالمية المتخصصة، وقد لجأت مصر آنذاك لتأميم قناة السويس في عام 1956 لتوفير الموارد المالية اللازمة لبناء السد العالي، ليتم توقيع اتفاقية بناء السد العالي في عام 1958 ووضع حجر الأساس في عام 1960.
وبدأ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الاهتمام بفكرة المشروع، خاصة أنه في عام 1954 طرحت شركتان ألمانيتان هندسيتان إمكانية تصميم السد العالي، ومع بدايات حكم الرئيس الراحل، بدأ خطوات إنشاء هذا السد، ليبدأ معها البحث عن ممول لهذا المشروع الضخم، الذي كان سيتكلف أموال طائلة.
وواجهت مصر في ذلك الوقت صعوبة في إيجاد الموارد التي تمكنها من المضي في تنفيذ ذلك المشروع العملاق، ما دفعها للجوء إلى الدول الغربية لمساعدتها من الناحية المالية والفنية والتكنولوجية. ورفضت الحكومة المصرية الشروط التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بالرغم من حاجتها إلى التمويل لاستكمال المشروع لأنها كانت شروطًا تمثل خطورة على مصر.
وخاض الرئيس الراحل جمال عبد الناصر معركة دبلوماسية مع كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية بجانب البنك الدولي، بعد تراجعهم عن تمويل السد، فقد استخدمت بريطانيا هذا الملف الخاص بتمويل السد من أجل استمرار تدخلها في الشأن المصري وهو ما رفضه جمال عبد الناصر الذي أصر على استقرار كامل وتام للدولة المصرية ليغير واجهته إلى الاتحاد السوفيتي.
وفي عام 1958، أعلن الاتحاد السوفييتي توقيع اتفاقية مع مصر وإقراضها لبناء السد، بـ 100 مليار جنيه، وبعدها تم توقيع اتفاقية توزيع مياه خزان السد بين مصر والسودان، وبدأ العمل في تنفيذ المرحلة الأولى. ووضع الرئيس جمال عبد الناصر، حجر الأساس لبناء السد العالي، وبلغت التكلفة الإجمالية لإنشاء السد في ذلك الوقت مليار دولار، وعمل السد على حماية مصر من الفيضان والجفاف، كما ساهم في التوسع في المساحة الزراعية، بعد توفر المياه، مما فتح الطريق للتوسع في استصلاح الأراضي وزيادة مساحة الرقعة الزراعية، وعمل أيضا على زراعة محاصيل أكثر على الأرض، وهو ما أتاح 3 زراعات كل عام.
وفي ديسمبر 1959، تم توقيع اتفاقية توزيع مياه خزان السد بين مصر والسودان، وبدأ العمل في تنفيذ المرحلة الأولى بوضع حجر الأساس في 9 يناير 1960، وشملت حفر قناة التحويل والأنفاق وتبطينها بالخرسانة المسلحة، وصب أساسات محطة الكهرباء وبناء السد حتى منسوب 130 مترًا، وفي 27 أغسطس 1960 تم التوقيع على الاتفاقية الثانية مع الاتحاد السوفييتي، لإقراض مصر 500 مليون روبل إضافية لتمويل المرحلة الثانية من السد.
وفي منتصف مايو 1964، تم تحويل مياه النهر إلى قناة التحويل والأنفاق وإغلاق مجرى النيل، والبدء في تخزين المياه بالبحيرة، وفي المرحلة الثانية تم الاستمرار في بناء جسم السد حتى نهايته وإتمام بناء محطة الكهرباء وتركيب التوربينات وتشغيلها مع إقامة محطات المحولات وخطوط نقل الكهرباء وبعد 64 عامًا على وضع حجر الأساس للسد العالي، لا يزال المصريون يحتفون بهذه المناسبة التي جسدت أعظم مشروعات القرن العشرين، حيث يعد أعظم مشروع هندسي في القرن العشرين، فقد حمى هذا المشروع مصر من الجفاف والفيضانات على مدى عشرات السنوات، ويمثل قدرة الشعب المصري على البناء والعمل عندما استطاعت السواعد المصرية بناء هذا العمل الضخم بكل إصرار وعزيمة.
ويعد السد العالي من المشروعات الاقتصادية الكبيرة ذات العائد المادي المرتفع مقارنة بالمشروعات العالمية المماثلة له، وصل عائده خلال عشر سنوات منذ بدء إنشائه إلى ما لا يقل عن عشرين ضعفًا مما أنفق عليه، لأنه ساعد كثيرًا في التحكم بتدفق المياه والتخفيف من آثار فيضان النيل.
يذكر أن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، قام بتأميم شركة قانة السويس العالمية، وعودتها إلى الدولة المصرية كشركة مساهمة مصرية، وأصبحت حاليًا يطلق عليها مسمى هيئة قناة السويس، وتضم عددًا كبيرًا من الشركات التابعة.
وجاء قرار التأميم على خلفية رفض البنك الدولي تمويل مشروع السد العالي، كما أن قناة السويس حفرها المصريون بدمائهم وعرقهم على الأراضي المصرية، وكان غير مستسغ أن تظل في يد الأجانب.