عاجل| نفحات إيمانية وعبر قرآنية.. أفضل ميراث لـ"ابن آدم"
أحمد فتحي
نفحات إيمانية من كتاب الله وهدي النبوة، تقدمها "بوابة روزاليوسف" لقرائها ومتابعيها يوميًا، للتأسي بأخلاق القرآن وفيوضات خير الأنام سيدنا محمد "صلى"، والأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلوات وأجل التسليم.
واليوم نقدم في باب نفحات إيمانية واحدة من النصائح القرآنية التي وردت في كتاب الله تعالى، والتي أوحاها المولى عز وجل إلى رسولنا الكريم “صلى”، للتعريف بأفضل الأرزاق وأحب الأعمال إليه جل في علاه.
وفي فضل الآية “46” من سورة “الكهف” يحدثنا المولى عز وجل عن أنواع الرزق والخيرات التي طالما يسعى إليها ابن آدم منذ بدء الخلق، مبينًا أنها زائلة ولا فائدة منها، وأنها مثل الشجرة التي تثمر وتزدهر حال اتخذ زارعها كل الأسباب التي توصل إلى ذلك الأمر وتؤدي إليه.
الآية 46 من سورة الكهف
قال تعالى في محكم آياته من سورة الكهف:
“الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا”
تفسير السعدي
أن المال والبنين، زينة الحياة الدنيا، أي أنه ليس وراء ذلك شيء، وأن الذي يبقى للإنسان وينفعه ويسره، هو الأعمال الصالحات “الباقيات الصالحات”، وتضم تحتها جميع الطاعات الواجبة والمستحبة من حقوق الله، وحقوق عباده، كـ”الصلاة، والزكاة، وإيتاء الصدقات، والحج والعمرة لبيت الله تعالى.
ويندرج تحت باب “الباقيات الصالحات” العديد من الأعمال التي يحب المولى جل وتعالى أن يرى عبده مداومًا عليها كـ”التسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، وقراءة القرآن والالتزام بأخلاقه، وطلب العلم النافع، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وصلة الأرحام، وبر الوالدين، وإتيان حق الزوجات، والأبناء، ووجوه الإحسان إلى الخلق وصولًا لـ”البهائم”.
كل هذه الأعمال خير عند الله ثوابا وخير أملا، فثوابها يبقى، ويتضاعف على الآباد، ويؤمل أجرها وبرها ونفعها عند الحاجة، وهي الأشياء التي يتوجب أن يتنافس عليها المتنافسون، ويستبق إليها العاملون، ويُجد في تحصيلها المجتهدون والعازمون.
وتوجب هذه الآية أن يتأمل الإنسان في معناها ومضمون رسالتها، ويستكشف أن الله عز وجل حينما ضرب المثل بالدنيا وحالها، ومآلها واضمحلالها، أكد أن الإنسان يجد فيها للفوز بواحدة من اثنتين، الأول هو نوع من زينتها وزخرفها، يتمتع به قليلا، ثم يزول بلا فائدة تعود لصاحبه، بل ربما لحقته مضرته، ليحاسب عليها وهو في قبره وهو “المال والبنون”، أم النوع الثاني الذي يبقى وينفع صاحبه على الدوام، من الأعمال الصالحات فهو الأبقى والأجدى والأحق بالسعي إليه، وهو الأعمال الصالحة والطاعات، والتي وصفها المولى جل وتعالى بـ“الباقيات الصالحات”.
تفسير ابن كثير
قوله تعالى “المال والبنون زينة الحياة الدنيا” كقوله “زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب” “الأية 14 من سورة آل عمران”.
وقال تعالى “إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم” “الأية 15 من سورة التغابن”، أي أن الإقبال عليه والتفرغ لعبادته جل وتعالى، خير لكم من اشتغالكم بهم والجمع لهم، والشفقة المفرطة عليهم، ولهذا ألحق بهما قوله “والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا”.
قال ابن عباس، وسعيد بن جبير، وغيرهم من السلف: "الباقيات الصالحات" هي الصلوات الخمس، فيما ذهب عطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير إلى ما نقله ابن عباس بأن الباقيات الصالحات هي "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر”.
وفي ذلك سئل أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه وأرضاه - ما هي "الباقيات الصالحات"؟ فقال: هي “لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. “رواه الإمام أحمد”.