أيمن عبد المجيد
هل أتاك حديث مصر وجيشها 6-6
استراتيجية مُقترحة لاحياء روح أكتوبر وتاريخ مصر العسكري
على مدار خمسة أيام غصنا في أعماق تاريخ الجيش والوطن، مرورًا بالدروس المستفادة، لنصل اليوم إلى طرح حزمة مقترحات تحول دون تآكل ملحمة انتصار أكتوبر العظيم من ذاكرة الأجيال القادمة، وحتى لا تهمل دروسها، فتختصر في احتفاء مؤقت مُختصر، أقترح الإسراع في وضع استراتيچيتي «إحياء روح أكتوبر»، «تاريخ العسكرية المصرية».
الآليات المُقترحة:
أ- تدريس حرب أكتوبر، من خلال منهج علمي مدعم بالمعلومات، والأحداث، وأدوار القوات والتنسيق فيما بينها، يتم تدريسه لطلاب المدارس من مرحلة الروضة إلى الجامعة، وفق طبيعة المرحلة التعليمية والقدرة الاستيعابية، ضمن منهج التاريخ أو التربية الوطنية.
ب- تدريس التاريخ العسكري المصري، منذ نشأة الجيش المصري، في الدولة القديمة، ومروًا بالحقب التاريخية، برؤية علمية، سياسية، تصطحب الدارس، إلى الحقب الزمنية، بكل أبعادها ذات الصلة وعلاقة التأثير والتأثر، بالحياة العسكرية، وإنجازاتها وإخفاقاتها؛ لبناء ثقافة تعزز حصون الوعي، لا مجرد عرض للمعارك ونتائجها.
بمعنى أن يدرس الحدث العسكري التاريخي، ضمن البيئة السياسية السابقة والمتزامنة واللاحقة عليه، وطبيعة المجتمع؛ للخروج بما يُمثل دروس وعظات تسهم في رفع الوعي والكفاءة في مواجهة تحديات الحاضر وآفاق المُستقبل.
ج- إسناد المهمة الأولى والثانية إلى متخصّصين، وآخرين خبراء في الإعلام والفن والقوى الناعمة؛ لتلخيص تاريخنا العسكري وتاريخ نصر أكتوبر المجيد، في محتوى يناسب كل وسيلة ويسهم في إيصال ذات الرسائل إلى قطاعات الجمهور؛ لتحقيق أهداف قصيرة ومتوسطة المدَى؛ للتكامل مع الأهداف طويلة المدى بالمراحل الدراسية.
٥- تصريحات الرئيس السادات في خطة الخداع الاستراتيچي، بإعلانه المتكرر أن هذا العام عام الحسم، ثم عدم التنفيذ، عرضه لهجوم ضاري من الرأي العام، وصل حد السخرية محليًا وعالميًا، فيما كان يعد بحرفية لتحقيق الهدف الأسمَى؛ حلم كل مصري بتحرير الأرض.
والدرس هنا: الحذر من شروخ جدار الثقة بين الشعب وقيادته، فليس كل ما لدى القيادة صالحًا للاستهلاك الجماهيري، الثقة في القيادة أحد أهم الدفاعات الشعبية في مواجهة الحروب النفسية.
هذا الدرس للأسف لم تعيه النخبة، التي رغم معايشتها له، نالت منه، في غمار خوضه معركته السياسية، 1979م, في أعقاب توقيعه معاهدة كامب ديفيد، البطل كان لديه كل معلومات تقدير الموقف، فقد حقق هدفه بالحرب واستكمل تحويرها بالتفاوض، لكن رصاصات الغدر لم تمهله، فارتقى شهيدًا.
ولا تزال الحرب مُستمرة:
مُخطئ مَن يظن أن الحروب التي تستهدف الوطن انتهت؛ بل تجرى رحاها، وتقرع كل يوم طبولها، في جبهات مغايرة، وبأسلحة أكثر تأثيرًا وأقل كلفة، عبر وسائل إعلام معادية، تستخدم فيها قنابل بث اليأس، وقذائف تزييف الوعي، وقاذفات الشائعات، وقوى تدمير الدول من الداخل.
انظر حولك ترى مصر أشبه بسفينة، تبحر في محيط متلاطم الأمواج، قف فوق ساريها، انظر غربًا، ترى ما حدث ويحدث في ليبيا، انظر جنوبًا؛ تشاهد الصراع في السودان، شرقًا ترى التوتر في غزة، انظر في هاتفك تشاهد حروب الشائعات عبر شبكات الإنترنت، أبعد من ذلك صراعات دولية تتصاعد.
كل تلك تمثل تهديدات تضاعف من جهود الدولة في المجابهة والمواجهة، فضلًا عن الإرهاب الذي استهدف قدرات الدولة، فخاض أبطال الجيش والشرطة ومؤسّسات الدولة الأمنية، حربًا ضروس لاقتلاعه من جذوره، فانتصروا في حروب «التحرير»، «التطهير» من الإرهاب، وها هي مصر تخوض «معارك التعمير».
بهذه السلسة من المقالات التي ضمنتها مقدمة الكتاب الذهبي الصادر منذ أيام بعنوان: «الجيش المُنتصر.. 5 آلاف عام من الجهاد في سبيل الله والوطن»، سعيت في هذه اللحظة التاريخية، وضع لبَنات جديدة في حصون الوعي، مشهرًا سلاح القلم.
تحية إجلال وتقدير؛ لأرواح شهداء مصر في كل معاركها الوطنية، أبطال حروب «الاستقلال»، و «التحرير» و«التطهير» و«التعمير»..
حفظ الله مصر شعبًا وجيشًا وقيادة.. والله من وراء القصد وولي التوفيق.
أقرا المزيد