الأربعاء 24 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

‎حسنى مبارك خاض حرب أكتوبر مرتين

بوابة روز اليوسف

تخرج حسنى مبارك فى كلية الطيران فى شهر مارس 1950.. للخدمة فى مطار العريش.. فى ذات العام يضا كان السادات قد عاد إلى الجيش المصري وذهب لينضم إلى الفرقة الأولى مشاة بالعريش أيضا، وكان للسادات علاقات وصداقات مع بعض طيارى القاعدة الجوية هناك ومن بينهم عدد من الضباط الأحرار..

ورأى السادات ذلك الضابط الشاب محمد حسنى مبارك لأول مرة بمطار العريش.. وقبل أن ينام الرئيس السادات كان قد دون فى مفكرته الصغيرة عددا من أسماء الضباط الذين أحس ولمس فيهم الوطنية والغيرة على مصر.. وكان من بين هذه الأسماء حسنى مبارك. هذه المعلومات نشرت فى عدد خاص من كتاب الهلال فى أكتوبر 1977.

وتمر الأيام.. وعين الرئيس على ذلك الطيار..

ويتولي الزعيم السادات رئاسة مصر..

وفى كتاب «البحث عن الذات» يقول السادات عن حسنى مبارك:

.. وفى الساعة الثانية تماما وهى إشارة عبور الطيران وصل الخبر بأن طائراتنا قد عبرت قناة السويس وكانت 222 طائرة نفاثة سرعتها فوق سر عة الصوت انتهت من ضربتها الأولى فى ثلث ساعة بالضبط فقدنا فيها خمس طائرات فقط.. ونجحت ضربة الطيران نجاحا كاملا ومذهلا لإسرائيل وللعالم كله شرقه وغربه.

وأنا فى غرفة العلميات هنأت قائد الطيران «حسنى مبارك» الذي خطط ونفذ هذه الضربة.. لقد استعاد سلاح الطيران المصري بهذه الضربة الأولى كل ما فقدناه فی حربى 1956 وهزيمة 1967 ومهد الطريق أمام قواتنا المسلحة لتحقيق النصر وثقة العالم بنا.. وأنهى إلى الأبد خرافة إسرائيل التي لا تهزم! وقد كان حسنى مبارك قائد الطيران يستخدم كل الطائرات الموجودة حتى طائرات التدريب التي فی مدرسة الطيران ركب بها صواريخ وقاتلت وطائرات الميج 17 وسرعتها أقل من سرعة الصوت استخدمها طيارونا بمهارة شديدة ضد الفانتوم والميراج.. وكان هذا فى مجموعه يشكل ملحمة رائعة لسلاح الطيران المصري على عكس ما كان الاتحاد السوفيتى يتوقع!

لقد كان قائد سلاح الطيران فى هذه المعركة الجنرال حسنى مبارك الذي طلبت إليه بعد أن ذلك أن ينزع ملابسه العسكرية ليرتدى الملابس المدنية لكى يعاوننى كنائب لرئيس الجمهورية. لم يبدأ حسنى مبارك من فراغ، كانت أمامه تجارب التاريخ.. ففى تصريح للأهرام فى 11 ديسمبر 1973 قال حسنى مبارك: لقد أعطتنا نكسة 1967 منطلقا جادا لإعادة بناء قواتنا الجوية من الأساس، كما وفرت لنا خبرة عريضة، وذودتنا بالدروس المستفادة التي كان لها فضل إنشاء قوات جوية متطورة، أمكنها تنفيذ أعقد المهام وأخطرها حيال الوطن. يقول عدد من الخبراء العسكريين فى دراسات لهم عن دور القوات الجوية فى عمليات أكتوبر 1973: كانت نكسة 1967 بمثابة الدرس الأليم الذي وعته الأمة العربية والذي كشف أمامها السلبيات والمتناقضات والعيوب، وبدأت ملامح استرداد رجال القوات الجوية للثقة باستئناف التدريب بعد نكسة 1967 مباشرة وبدأت بأعداد كبيرة، من الطلبة الطيارين تتلقى تدريباتها فى مطارات بعيدة عن الجبهة. وظهرت بوادر استرداد الثقة فى معارك جوية طاحنة يومى 14 و15 يوليو استطاعت خلالها طائراتنا، أن تفجر كل تشوينات ذخيرة العدو التي كانت قرب القناة، واضطرتها إلي الانسحاب مذعورة إلى العريش.

وفى 22 يونيو 1969 عين حسنى مبارك رئيسا لأركان القوات الجوية.. ولعبت القوات الجوية دورا بارزا فى حرب الاستنزاف. يقول الخبراء العسكريون: عندما تقرر وقف إطلاق النار فى 8 مارس 1969 بدأت حرب الاستنزاف كانت إسرائيل تهدف إلى إجهاض القوة العسكرية المصرية التي بدأت تتبلور، ولكن الحقية أن هذه الحرب كانت درسا عمليات لقواتنا الجوية رد إليها الثقة فى نفسها، ومن دروس هذه الحرب المستفادة أن اكتشف طيارونا أساليب القتال الجوية الإسرائيلية وطرق تسللهم من ثغرات دفاعنا الجوى.

وكانت حرب الاستنزاف فرصة ذهبية لتدريب موجهينا على اعتراض الطائرات المعادية وخلق أساليب التعود على التعاون بين الموجه والطيار.

يروى أحد الطيارين حكاية ذات مغزى كبير حدثت أثناء حرب الاستنزاف عندما كان حسنى مبارك رئيسا لأركان القوات الجوية.

كلما قامت المقاتلات القاذفة للهجوم على قوات العدو فوق سيناء تجد المقاتلات الإسرائيلية فى انتظارها قبل أن تصل إلى هدفها رغم التدابير التي تطبق ضد رادرات العدو.. وكانت مشكلة.. وجاء حسنى مبارك إلى قيادة العمليات وأمسك بسماعة التليفون وأصدر أمرا إلى أحد التشكيلات الجوية بالإقلاع لمهاجمة هدف محدد للعدو داخل سيناء.

وفى التوقيت المحدد للاختراق، وفى منطقة عبور طائراتنا فوجئ القادة فى غرفة العمليات بتجمعات للمقاتلات الإسرائيلية تستعد لمواجهة المقاتلات القاذفة المصرية فى كمين أقرب إلى المجزرة.. كانت لحظة رهيبة من الذهول والصمت والمفاجأة.

ويضيف حسنى مبارك: لقد أعطيت تعليماتى شفويا قبل أن أصل هنا إلى التشكيل الذي طلبت منه تليفونيا الإقلاع والهجوم بألا ينفذ أوامرى التليفونية.. إنه هجوم وهمى من جانبنا لأتأكد من أن إسرائيل تتنصت على خطوطنا التليفونية ولا شيء أكثر من هذا.

ثم أضاف حسنى مبارك للطيارين: إنكم تتأكدون اليوم من حقيقة ما تذيعه إسرائيل حول كفاءتها فى التكنولوجيا ومعجزاتها الأسطورية فى طيرانها.. المسألة لا تعدو سوى تنصت» جيد على خطوط مواصلاتنا وعلينا إفشال هذا النشاط.

أستاذ معارك الجو

أعلن الصحفي الأمريكى الشهير «روبرت هوتز» فى مؤتمر صحفي عقد بالقاهرة بعد حرب أكتوبر قائلا وهو يشير إلى حسنى مبارك: إنه بحق معلم، ليس معلما أكاديميا للطيران، بل أستاذ طيران، أستاذ فى معارك الجو على المستوى الاستراتيجى قبل التعبوى، إنه دخل حرب أكتوبر مرتين، وليس مرة واحدة، وجعل من العقيدة الشرقية والعقيدة الغربية، عقيدة قتال مصرية دخل بها حربين وفاز فى النهاية. ولم يكن هذا الكلام على سبيل المجاملة، فقد كشفت الندوة الدولية لحرب أكتوبر والتي عقدت عام 75 عن الدور البطولى للقوات الجوية فتقول:

كانت الضربة الجوية المركزة يوم 6 أكتوبر 73 إيذانا ببدء القتال، ولقد كان نجاحها إعلانا لنجاح خطة المفاجأة المصرية، وأسفرت عن إفقاد العدو لتوازنه وإفقاد قيادته لتوازنها الأمر الذي جعلها تتخبط فى إصدار القرارات. وبعد ست ساعات من بدء القتال أصبح مؤكدا أن النصر فى جانب العرب.

لقد طارت تشكيلات الطائرات المشتركة فى الضربة على ارتفاعات منخفضة زجدا تكاد تلامس السد الترابى على جانبى القناة.

واستخدمت فيها طائرات من تشكيلات المقاتلات القاذفة، والقاذفات المتوسطة تحت حماية المقاتلات.

إن النتيجة العامة للضربة أنها نجحت بنسبة 98٪، حيث لم يفقد غير خمس طائرات فيها وكانت نتائجها شل 3 ممرات فى مطارات وشل 3 ممرات فرعية وإسكات 12 موقع صواريخ هوك وإسكات موقعى مدفعية ميدان وتدمير مركزي قيادة رئيسيين وإسكات مركز إرسال رئيسى وتدمير موقعى رادار وتدمير مركز إعاقة الشوشرة الرئيسى.

أما الجنرال «أندريه بوفر» فيؤكد فى 15 نوفمبر عام 1973 فى الندوة التي عقدها بأكاديمية ناصرالعسكرية العليا بالقاهرة: إن من وجهة النظر التعبوية فقد كان الدرس الأهم فى حرب رمضان هو أن القوات الجوية التي أحسن انتشارها وحمايتها سوف تتمكن من الاستمرار فى البقاء فتحرم بذلك الخصم من التمتع بميزة كبرى هى التفوق أو السيطرة الجوية.

وقبلها بأشهر كان حسنى مبارك يؤكد نفس المعنى فى حديث له مع رجال تشكيلاته المقاتلة:

إن حصولنا على السيطرة الجوية فى المعركة التي لم تقع بعد لا يعنى دائما وقف نشاط العدو الجوى، ولكنه يعنى تعديل ميزان القوى الجوية بحيث يرجح كفة قواتنا البرية والبحرية فى هجومها وفعالية هذا الهجوم.

إننا لا نريد أن نرلفع الشعارات البراقة، نريد العمل الواقعى الذي يحقق لنا النصر.

صباح الخير العدد 1345

تم نسخ الرابط