عاجل
السبت 27 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
قراءة في فكر أرسطو الأخلاقي وواقعنا المعاصر

فلسفة الأخلاق طبيعتها وخصائصها 9- 10

قراءة في فكر أرسطو الأخلاقي وواقعنا المعاصر

المعلم الأول أرسطو، فيلسوف أسطوري حوت فلسفته كل ما يتعلق بالإنسان، فكتب عن النفس الإنسانية.



كتب عن السياسة، كتب عن الطبيعة "العالم الطبيعي"، كتب عن الميتافيزيقا، عن الشعر، عن الموسيقي.

 

كتب عن الأخلاق "الغاية منها- مفهوم الفضائل والرذائل- مفهوم السعادة- الفضائل النظرية والعملية- وضع منظومة للفضائل لاقتنائها، ومنظومة الرذائل لاجتنابها- الوسط العدل المحمود".

 

جمع بين جنبات فلسفته فكر أساتذته السابقين عليه "سقراط وأفلاطون".

 

أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض، جعل الفلسفة عقلا ديناميكا ينظم حياة الناس، عن طريق التفكير العقلي المنظم، وهذا ما يصبو إليه كل مستنير.

 

من أجل النهوض من كبوتنا ومحاولة إيجاد حلول لواقعنا المأزوم بكل مشكلاته وقضاياه، التي يظن البعض أنها عصية الحلول.

 

قدم أرسطوطاليس بناء أخلاقيا لا يختلف كثيرا عما قدمته الكتب المقدسة، التي في اعتقادي أنها تخاطب العقل والوجدان.

 

ألف كتبا كثيرة عن الأخلاق منها، الأخلاق النيقوماخية، الأخلاق الأوديمية، رسائل في الفضائل والرذائل، وغيرها من المؤلفات.

 

الغاية من دراسة الأخلاق عنده إصابة الخير الأسمى، الوصول إلى كنه السعادة التي تكمن في الوصول إلى الحقيقة.

 

شبه هذا الهدف بإنسان يتعلم التصويب على هدف، أو مرمى.

يحاول أن يصيب الهدف ويصل، لكن لصراعات بين جانبيه المادي والروحي مرة يكاد يقترب، وتارة أخرى يبتعد، ويظل هكذا بين ذانيك إلى أن يتحقق مراده..

 

لكن كيف؟!

 

الإنسان بما هو كذلك يصارع جانبين، أحدهما مادي، إشباع حاجاته ومتطلباته من مأكل ومشرب وملبس وتكاثر، وهذه الأمور لا مندوحة عنها.

 

والجانب الثاني الجانب الروحي الجانب الراقي في الإنسان الذي من خلاله يحاول الوصول بروحه إلى عالم أفضل، عالم الفضيلة.

 

يرى أرسطو أن الإنسان ميزه الإله بميزتين هما: العقل والإرادة، وهنا يظهر الفيلسوف العقلاني، بناء صرح الأخلاق على العقل، وإن كنت اختلف معه في ذلك، فليس ثمة عقلانية صارمة، وليس ثمة روحانية مفرطة، وهذا ما تخفف منه أرسطو بعد ذلك.

 

إذ قسم الفضائل إلى نوعين: فضائل عقلية، وفضائل أخلاقية، تأتي بالتدريب والتعود.

 

وكذلك فضائل أولية، وأخرى ثانوية، فالإنسان إذا ما خير بين الغنى والفقر أيهما سيختار؟ بالجبلة الإنسية سيختار الغنى، إذا ما خير بين الصحة والمرض، سيختار الصحة.

 

وهذه هي فكرة أرسطو عن الوسط الأخلاقي المحمود.

فالفضيلة تقع في مرتبة وسطى بين طرفين كلاهما رذيلة، كالعفة مثلا تقع بين طرفين هما التبلد، والشره.

 

الكرم بين البخل والإسراف.

الشجاعة بين التهور والجبن.

لكن هذا الوسط لا يعد وسطا حسابيا، وإنما هو وسط اعتباري.

 

وتلك قضية يطول شرحها، لكن اختصارها أن ثم فضائل ليس لها طرفان، ومن ثم تعرضت نظرية الوسط الذهبي الأرسطية للعديد من الانتقادات.

 

أرسطو فيلسوف العقل الذي اقتفى أثره جل فلاسفة الإسلام دونما تقليد أعمى، قدم مفهومًا رائعا للسعادة.

 

أنها ليست في الجاه والسلطان، ولا في جمع الأموال والثروات، ولا في جمال مادي يزول بزوال المؤثر.

 

وإنما السعادة الحقيقية تكمن في الجمع بين الجانبين المادي والروحي والذي من خلاله يصيب الإنسان الخير وتتحقق له سعادة لا تزول.

 

إذ ما طبقنا هذه الفلسفة على واقعنا سوف تتحقق المعادلة وستتحقق السعادة المرجوة، إذا ما وفقنا بين المادة والروح، إذا ما طبقنا الوسطية والاعتدال في كل شيء في مأكلنا ومشربنا وأمورنا الحياتية.

 

إذا ما اعتدلنا في جانبنا الروحي فالإنسان بما هو إنسان لا يستطيع أن يقضي كل عمره مثلا صائما، أو راهبا، أو ساجدا قائما.. فنحن بشر ولسنا ملائكة ولنا متطلباتنا واحتياجاتنا لكن لا نميل إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.

 

وإنما نحاول قدر استطاعتنا التوفيق بينهما، ليس شرطًا أن تكون قارئًا جيدًا لفلسفة س أو ص من الفلاسفة.

 

ولكن اعرض ذلك على عقلك واستفتِ قلبك ستجد حلولًا ناجعة لما نحن فيه من مشكلات. هذا قليل من كثير عن فلسفة أرسطو الأخلاقية.

 

هذا هو فيلسوف اليونان فيلسوف العقلانية.

 

هذا هو المعلم الأول أرسطوطاليس.

 

 

أستاذ الفلسفة الإسلامية – آداب حلوان

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز