الداخلية تعلن بدء التشغيل التجريبي لثلاثة مراكز جديدة للإصلاح والتأهيل بالشرقية وسوهاج والقاهرة
محمد هاشم
أعلنت وزارة الداخلية، اليوم الثلاثاء؛ بدء التشغيل التجريبي لمراكز الإصلاح والتأهيل بالعاشر من رمضان بمحافظة بالشرقية، وأخميم الجديدة بمحافظة سوهاج، و15 مايو بمحافظة القاهرة، كبديل لعدد من السجون.
ونظمت وزارة الداخلية جولة تفقدية بمركز الإصلاح والتأهيل بالعاشر من رمضان، والذي تم تشيده وفقاً لأرقى النظم المعمارية، مع الاستعانة بمفردات التكنولوجيا الحديثة؛ وذلك بحضور عدد من الوزراء وكبار المسؤولين، وأعضاء المجالس النيابية، والبعثات الدبلوماسية، والمنظمات الحقوقية والمعنيين بحقوق الإنسان، ووسائل الإعلام الوطنية والدولية، وحشد من الفنانين؛ للاطلاع على ملامح التجربة المصرية الرائدة في مجال تطوير منظومة التنفيذ العقابي، من خلال مراكز الإصلاح والتأهيل.
من جانبه.. قال مساعد وزير الداخلية لقطاع الحماية المجتمعية، إنه تم إنجاز مراكز إصلاح وتأهيل العاشر من رمضان و15 مايو وأخميم بسوهاج، عبر جهود مخلصة وفي فترة زمنية قياسية، إنفاذاً لثوابت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، واستكمالا للخطة الطموحة التي أعدتها وزارة الداخلية، باستبدال أماكن الاحتجاز التقليدية، بتشييد مراكز للإصلاح، تعد نموذجاً تأهيلياً وإنتاجياً متكاملاً، وفقاً للمواصفات والمقاييس العالمية، الأمر الذي كان موضع اهتمام وإشادة منظمات دولية وإقليمية معتمدة.
وأضاف أن أولى مراحل المنظومة المستحدثة بدأت نهاية عام 2021، بافتتاح مركزي وادى النطرون وبدر، واللذين حققا طفرة كبيرة فى تحول مفاهيم وأساليب السياسة العقابية فى مصر، إلى ما يعرف بمصطلح العدالة الإصلاحية؛ حيث ارتكزت خطط إعادة التأهيل على برامج متكاملة تعتمد على إنشاء سجل لكل نزيل يتضمن بحثاً شاملاً عن حالته من النواحى الاجتماعية والنفسية وما يطرأ عليها من متغيرات، مع مراعاة الاحتفاظ بالسرية التامة لتلك الأبحاث، في إطار حماية سرية البيانات، فضلاً عن دراسة شخصية النزيل دراسة شاملة لمعرفة ميوله واتجاهاته، تمهيداً لتحديد الأسلوب الملائم لتقويم سلوكه ومفاهيمه، بالاستعانة بخبراء علم النفس والاجتماع وعلماء الدين، بما يؤهله للتآلف مع المجتمع بصورة إيجابية عقب الإفراج عنه.
وأكد أن الإرادة القوية للسياسة الأمنية المعاصرة، تبلورت فى إعلاء قيم حقوق الإنسان، من خلال تطوير منظومة العمل بالمؤسسات العقابية وإدارتها بشكل علمى يحقق أهدافها فى رعاية وتأهيل النزيل وصون كرامته الإنسانية، دون الإخلال بالثوابت الأمنية داخلها، حيث تتضمن أبرز برامج إعادة التأهيل والإصلاح: التعليم وتصحيح المفاهيم والأفكار وضبط السلوكيات وتعميق القيم والأخلاقيات وتوظيف الطاقات في المهن والحرف المتوافرة داخل المراكز، فضلاً عن ممارسة الأنشطة الرياضية المتنوعة.
وأشار إلى أنه في إطار إعادة صياغة شخصية المحكوم عليهم وتأهيلهم لإعادة الاندماج بصورة إيجابية مع المجتمع، عقب انقضاء مدة العقوبة، تم استحداث برامج علمية مدروسة لتنمية المواهب وتنوعها ورفع المستوى الثقافي وإتاحة الفرصة للنزلاء لإطلاق طاقاتهم الإبداعية في مجالات الفنون المختلفة، ومنها الرسم والنحت والموسيقى، بما ساهم بشكل ملحوظ في الارتقاء بالمستوى السلوكي والأخلاقي للنزلاء وتعزيز القيم الإيجابية لديهم. وتابع أنه على جانب آخر، يحرص قطاع الحماية المجتمعية على تقديم أوجه الرعاية الطبية للنزلاء بمستوى متميز، عبر إجراء مسح طبي شامل لهم، للتأكد من خلوهم من الأمراض المزمنة، فضلاً عن تقديم كافة سبل الرعاية الصحية لذوي الإعاقة، وتزويد المرافق والمنشآت بأحدث الأجهزة المناسبة للتعامل مع إعاقتهم.
وأضاف: "ولقد أثبتت التجربة بعد مرور عام.. ومن خلال المؤشرات الإحصائية والدلائل الرقمية، نجاح برامج الإصلاح التي تم تطبيقها فى تحقيق نتائج متميزة فى إعادة تقويم شخصية النزيل وتحصينه من الانحراف مرة أخرى، بمعدلات فاقت المتوقع لها، الأمر الذي يؤكد أننا نسير على الطريق الصحيح، واستكمالاً لتطبيق المنظومة العقابية الجديدة، والتي تعتمد على إغلاق السجون التقليدية واستبدالها بمراكز الإصلاح، فقد تم الانتهاء فعليا من المرحلة الثانية منها؛ حيث يتم اليوم افتتاح ثلاثة مراكز جديدة “العاشر من رمضان- أخميم- 15مايو”، بما يتيح التوزيع الجغرافى المتوازن لأماكن الاحتجاز ويكفل الاستجابة الإنسانية لمتطلبات أسر النزلاء فى تيسير زياراتهم لذويهم من المحكوم عليهم، وفى المقابل إغلاق عدد “15” سجنا تقليديا، ونتطلع لإغلاق باقى تلك السجون خلال المرحلة الثالثة القادمة".
ولفت إلى أن ملامح نجاح التجربة التي شهدتها مراكز الإصلاح والتأهيل المصرية، وثقتها إشادات ممثلي العديد من الوفود الحقوقية والإعلامية ومنظمات المجتمع المدنى وممثلى بعض الدول الأجنبية والعربية الشقيقة أثناء زياراتهم لتلك المراكز؛ حيث تم إتاحة الفرصة لتلك الوفود، للتعايش الكامل مع النزلاء وذويهم، بهدف التقييم الموضوعى للتجربة وتفقد الخدمات والبرامج التأهيلية والاطلاع على أماكن الانتظار المخصصة للزيارة وقاعات الزيارة المجهزة بشكل لائق.
وقال إنه فى مجال تطوير منظومة الرعاية الصحية المقدمة للنزلاء، فقد ساهمت المراكز الطبية المتكاملة والمجهزة بأحدث التجهيزات الطبية بمركزي إصلاح وتأهيل “وادي النطرون وبدر”، في تقديم العديد من الخدمات الطبية سواء الوقائية أو التشخيصية أو العلاجية؛ حيث تم إجراء “1270” عملية جراحية خلال عام 2022، منها عمليات ذات مهارة خاصة تم إجراؤها بمعرفة أطباء قطاع الحماية المجتمعية، مع الاستعانة باستشاريين فى التخصصات الطبية الدقيقة، بالإضافة لإجراء “27088”تحليلا وأشعة مختلفة خلال ذات الفترة، كما روعي إنشاء وحدات طبية مركزية متخصصة فى تلك المراكز، منها وحدة جراحة المخ والأعصاب وجراحة القلب والصدر بالمركز الطبي بوادى النطرون، ووحدة صحة المرأة بالمركز الطبي ببدر، ووحدة للعناية بالحروق بالمركز الطبي بـ 15مايو، ووحدة الأورام وتجهيز العلاج الكيماوى بأخميم بسوهاج، وكذا وحدة للأمراض المعدية والمتوطنة بطاقة استيعابية 13 سريرا بالمركز الطبي بالعاشر من رمضان؛ وذلك بهدف توفير أفضل خدمة طبية متكاملة للنزلاء.
وتابع أنه تم استحداث مشروعات إنتاجية جديدة صناعية وحيوانية وداجنة وزراعية بمراكز الإصلاح الجديدة، لتحقيق منظومة إنتاجية متكاملة، تسهم فى تلبية احتياجات مراكز الإصلاح وتوفير مصدر دخل للنزيل ومنحه حرية التصرف فيه، فضلاً عن طرح تلك المنتجات عبر منافذ قطاع الحماية المجتمعية بأسعار مخفضة، إسهاماً فى تخفيف الأعباء عن كاهل الأهالي من محدودي الدخل ودعما للدخل المادى للنزيل.
وشدد على أن مسيرة قطاع الحماية المجتمعية تمضي فى إطار الاستراتيجية الأمنية لوزارة الداخلية، والتي ترتكز على الأسلوب العلمي، وفق رؤية واضحة الأهداف لتنفيذ توجيهات القيادة السياسية فى إرساء ثوابت الجمهورية الجديدة وتأمين حاضر ومستقبل الأمة المصرية وتوفير حياة كريمة للمواطنين، بما فيهم من يقضون عقوبات قانونية، لافتا إلى أنه ولأول مرة تخلو مراكز الإصلاح والتأهيل من الغارمين والغارمات؛ حيث صدر أمس قرار رئيس الجمهورية بالعفو عنهم جميعا، وتم بالفعل الإفراج عنهم.