عاجل
الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الثمـن

الثمـن

فى يوم الشهيد نقف إجلالًا لأبناء مصر المخلصين. ليس أكثر من إراقة الدم فداء للوطن. لولا دماء هولاء لما بقى الوطن. 



لولا فداء المنسى وأقرانه.. لولا إصرار عبد المنعم رياض وأبنائه.. لما استقرت سيناء داخل الخريطة المصرية.. لم تخرج منها.. ولم تقتطع. 

صمد الوطن بصمود أبنائه.. ودمائهم.. وأرواحهم. بقيت مصر.. واستعادت المكان والمكانة.. والاستقرار رغم ربيع عربي، جاء فى شكل تسونامى شديد القوة شديد البأس بحجج الحريات تارة، وبحجج حقوق الديمقراطية تارة. 

هناك من تلاعب بالشعارات، وهناك من خدعته الشعارات.. وانطلت عليه الحجج، فى الوقت الذي كانت فيه سيناء.. ينعقد عليها الرهانات. 

فازت الدولة المصرية. وهدم شهداؤها صالات القمار، وموائدها الخضراء.. ورموا أفيشات اللعب فى صناديق المهملات. 

هزمت مصر الارهاب.. وبدأت التنمية. لم تتوقف محاولات الشر.. ولن تتوقف.. بقى أن يأكل الشر نفسه، أو تدهسه جحافل رجال مخلصين.. دماؤهم أرخص ما لديهم.. إن كانت القضية قضية وطن. 

(1)

كانت يناير 2011 سببًا وطريقًا ممهدًا لجلوس الإخوان على كرسى الحكم فى 2012. وكانت 2013 سببًا فى بدء حلقات من سلاسل انتقامية، مدفوعة بممارسات جماعة الإخوان الإرهابية، التي لم تستطع أن تستوعب هزيمتها فى معركة وجود بعد الإطاحة بها بعد 30 يونيو. 

جعل إرهاب الإخوان كل فئات المصريين هدفًا مشروعًا له. كانت بؤرة الإرهاب فى سيناء.. أو كانت المعادلة، تحويل سيناء إلى مركز إرهاب إقليمى، يمكن أن يغير بعض السمات السياسية فى مصر وفى الإقليم.. وبالتعاون مع بعض دول الإقليم.. ودول أخرى على خريطة العالم. 

استهدف الإرهاب من سيناء المؤسسات الأمنية والقضائية والدينية بخطط أفعوانية، إضعافًا للدولة، ومحاولة للخصم من رصيد الثقة فيها لدى المواطن. 

كانت المحاولة أن تتشكل سيناء بوصفها مركزًا لإشاعة الفوضى فى أنحاء مصر. الفوضى كانت تحضر على أكثر من نار.. وكانت الموائد تفرش بالمفارش المطرزة، خليطًا من حروب السلاح.. وحروب الشائعات.. والاستهداف بالأقوال الملفقة، والأرقام المزيفة. 

تأثر تواجد الإرهاب فى سيناء بعوامل عدة، بدءًا من أنه كان واحدًا من تداعيات يناير وما قبلها وما بعدها انتهاء بالاضطرابات الإقليمية المحيطة، ومحاولات النفاذ إلى الأراضى المصرية وفق خطط مختلفة، طبقًا لمخططات متعددة، إضافة إلى أن وفرت الصراعات فى سوريا والعراق وليبيا أسواقًا غذّت التدفقات العابرة للحدود للمقاتلين والأسلحة ورؤوس الأموال.

بين خمس دول عربيّة غيرها «الربيع العربي».. وغيرّ تركيبتها الجغرافية.. وغيرّ تراكيبها الاجتماعية، وأزهق اقتصادها، ودمر جيوشًا.. وحدها صمدت مصر. 

صحيح كشف ما يسمى بالربيع العربى.. هشاشة بعض الأنظمة، لكن فى نفس الوقت كشف الربيع العربى مدى استعداد الإخوان لاستغلال كل الفرص، واستعدادها للتحالف مع باقى الشياطين للانقضاض على السلطة والاحتفاظ بها إلى ما لا نهاية. 

أذكر هنا ما حدث فى قطاع غزّة الفلسطينى 2007. دائمًا لدى الإخوان شبق ليس بعده شبق للسلطة. 

وحدها مصر تعافت من فخ «الربيع العربي». كان العامل الأساسى صلابة المؤسسة العسكرية بوصفها العمود الفقرى للدولة.. وبوصف أولادها البررة.. خيرة أبناء مصر المخلصين. 

ستظل تداعيات سوداء لما يسمى بالربيع العربى لائحة. لا تزال آثار الربيع العربى تتفاعل فى دول عربية كثيرة. هنا يظل السؤال المُلحّ حتى لا ننسى: ليبيا إلى أين؟ سوريا إلى أين؟ اليمن إلى أين؟ 

تحوّل  «الربيع» إلى كابوس لا نهاية قريبة منه.. أو له. 

وفى مصر.. لم تكن الحرب على الإرهاب سهلة. كانت تلك الحرب أقوى من حروب كثيرة فى التاريخ أدت إلى تغيير الخرائط، وإعادة رسم الآثار الجيوسياسية للبلدان. 

تكبدت مصر خسائر شديدة على مستويات الاجتماع والاقتصاد بعد يناير 2011. كانت الكلفة أكثر على معايير متعددة فى الحرب على الإرهاب.. وفى استعادة سيناء، وعملية التنمية فيها. 

هزمت مصر الإرهاب. لا تغيب عن الأذهان سيرة رجال مخلصين، نزلوا على الأرض هناك.. لكف يد الشيطان.. وحرق الرايات السوداء مهما كان الثمن.  وكان الثمن الدماء. دفع الرجال المخلصون أذكى الدماء ثمنًا.. ورويت أطهر الأجساد التراب. 

(2)

استعادة الأمن والاستقرار فى سيناء، وتثبيت أركان الدولة فيها كان دافعًا لمزيد من خطط التنمية فى أرض الفيروز. 

صحيح بدأت الدولة التنمية الشاملة، بالتوازى مع الحرب على الإرهاب، لكن اندحار الإرهاب فى سيناء، كان الباب الرئيسى لدفع عجلة تنمية مستدامة.. حقيقية.. ولأول مرة على بوابة مصر الشرقية. 

حروب التنمية فى سيناء لا تقل عن حروب الإرهاب. التنمية تقتل الإرهاب، وتوئده.. التنمية تقطع الطريق على الأفاقين وتجار الأوطان وتجار الأديان. 

صحيح التنمية شاملة على خريطة مصر كما رسمتها الدولة المصرية، لكن تظل  سيناء لها طبيعة جغرافية وقبلية خاصة تميزها عن بقية المحافظات.. إضافة لتلاصقها بقطاع غزة وقربها من الحدود مع إسرائيل.

مساحة سيناء كبيرة وهناك مناطق شاسعة من أراضيها خالية من السكان..  ووسط غياب شبه تام للتنمية طوال تاريخها، كان أن لجأت التنظيمات الإرهابية إلى محاولة التوطن هناك، فى ملاذات آمنة وقلاع تتحصن فيها قوى لم تعدم أحدث أنواع الأسلحة، وأخطر أنظمة الاتصالات، وأوسع طرق الإمدادات.. ناهيك عن التمويل.. واستيراد المقاتلين. 

بذلت الدولة المصرية جهودًا هائلة ً لتطهير سيناء ونزع جذور الارهاب. مرة أخرى لم تكن المعركة سهلة.. صعوبتها، كانت فى التوازى بين العمل على التنمية والبناء.. بالتوازى مع العمل على الأرض بالسلاح فى مواجهة أصحاب الجلابيب البيضاء. 

عادت سيناء .. ومسيرة الشهداء وصورهم فى الشوارع بزى الشرف، وعلى نواصى الحارات.. والأحياء. كان حجم التضحيات هائلًا.. وكانت الدماء ثمنًا. 

لاحظ الأرقام التالية..60 ألف كيلو متر هى مساحة سيناء التي افتقدت تنمية جادة لعقود. فى الوادى والدلتا تبلغ إجمالى مساحة ما يعيش عليه المصريون 60 ألف كيلو متر أيضًا. 

الأرقام ذات دلالة. ولولا بدء التنمية من سنوات.. لفاقت التكلفة أضعاف أضعاف ما أنفق على تلك البقعة من الأرض حتى اليوم. 

تكلفت التنمية فى سيناء ما بين 50 و60 مليار دولار. شملت محطاتها أنحاء شبه جزيرة سيناء على اتساعها. تنوعت بين البنى الأساسية والمشروعات القومية. 

عكس ما تم ويتم على أرض الفيروز الرؤية التي عملت عليها دولة يونيو حتى تصبح سيناء بالجغرافيا جزءًا لا يتجزأ من مصر.

أهم مظاهر الإنجازات غير المسبوقة كان الربط الكامل ما بين غرب قناة السويس وسيناء.

لأول مرة يتم التعامل مع طبيعة سيناء بنظرة عملية باعتبارها بوابة مصر الشرقية، مع الاعتماد على مواردها الطبيعية.. وقدراتها الجغرافية، إضافة إلى استراتيجية التعاطى مع موقعها الاستراتيجى وملتقى لحركة التجارة العالمية ومركزًا مهمًا  للاستثمارات.

مهد الشهداء بدمائهم خطة تنمية غير مسبوقة لسيناء ومدن القناة. كانت دماء الشهيد نيرانًا كثيفة غطت العمل على تطهير الضامن الجغرافى الأساسى لحدود مصر الشرقية.  

كانت التنمية خطة متعددة الأطراف، بمشاركة كل أجهزة الدولة والقوات المسلحة. كانت تنمية سيناء واحدة من الدعائم الأساسية للاقتصاد المصري. تقتل التنمية الإرهاب .. وتنزع أضراسه. 

خلع الشهيد أضراس الإرهاب، وسمل عيونه.. ودفنت التنمية جسد الشيطان فى نفس المكان الذي أراد له البعض أن يكون مركزًا للشيطان. 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز