أحمد امبابي
كتف في كتف
في الذكرى السنوية الأولى لانطلاق التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، يستعد التحالف من خلال المؤسسات الخيرية والأهلية المشاركة فيه، لتدشين أكبر مبادرة للحماية الاجتماعية في تاريخ مصر "كتف في كتف"، لدعم المواطنين الأولى بالرعاية والأسر البسيطة في مختلف محافظات الجمهورية خلال شهر رمضان المبارك.
الأهداف المحددة لمبادرة "كتف في كتف"، تسعى لتوفير أكثر من 4 ملايين صندوق مواد غذائية، تصل إلى جميع الأسر المستهدفة في مختلف المحافظات حتى الحدودية منها، قبل شهر رمضان، بحيث يكفي صندوق "كتف في كتف" أسرة مكونة من 5 أفراد لمدة شهر، فضلا عن إنشاء مطابخ على مستوى الجمهورية لتقديم وجبات إفطار للمواطنين، بجانب خدمات أخرى سيلعن عنها التحالف في احتفالية كبرى باستاد القاهرة يوم 17 مارس الجاري.
الرسالة هنا أبعد ما تكون من قضية التكافل الاجتماعي والعمل الخيري في الشهر الكريم، من قِبل مؤسسات خيرية، طالما تمارس هذا الدور على مدى سنوات سابقة، فهي رسالة تعكس ثمار استراتيجية الدولة المصرية لتعظيم الاستفادة من مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الخيرية، بتنظيم وحوكمة عمل تلك المؤسسات، في تحالف واحد تم تدشينه في مارس 2022 بالتزامن مع عام المجتمع المدني، وبما يساعد في توحيد جهود تلك المؤسسات وتوسيع دائرة المستفيدين منها، وبمشاركة هي الأكبر من حيث عدد المتطوعين خصوصًا من الشباب.
ما يميز فلسفة عمل التحالف الأهلي للعمل التنموي، هي فكرة "التكامل" لا التنافس، بمعنى التكامل مع خطة الدولة في تنفيذ خطة التنمية، حيث يدعم التحالف منظومة شبكات الحماية الاجتماعية بتكامل عمله مع جهود الحكومة والقطاع الخاص، لتتكامل جهود القطاعات الثلاثة في تحقيق التنمية الاجتماعية والأنسطة الخدمية المقدمة للمواطنين، فضلا عن التدخل في أوقات الأزمات، كما هو الحال في إجراءات تعامل الدولة مع تداعيات الأزمة الاقتصادية الحالية الناجمة عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
على هذا الأساس، بات التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، وفي زمن قياسي، رقمًا مهمًا في معادلة التنمية المصرية حاليًا، ويبدو ذلك من سلسلة المبادرات والتدخلات التي يقوم بها التحالف على مدار العام الأول من تأسيسه في كل مكان، حتى أنه لم تعد هناك فعالية أو مشروع تنموي تنفذه الدولة، إلا وتتكامل فيه جهود التحالف مع مخطط الدولة، ومع مبادرة حياة كريمة، "أيقونة التنمية المصرية"، ولعل الشاهد على ذلك صور متطوعي التحالف وحياة كريمة، الذين ظهروا في جولات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالمحافظات خلال الأشهر الأخيرة بداية من المنصورة وسوهاج والمنيا الأسبوع الماضي.
قد تكون مبادرة "كتف في كتف"، هي شعار حملة التحالف الوطني، لدعم الأسر الأولى بالرعاية خلال شهر رمضان الكريم، لكنها يمكن أن تكون خير توصيف لجهود التحالف على مدار عامه الأول، فإذا نظرنا لعدد المبادرات والتدخلات التي كانت فيه مؤسسات التحالف "كتف بكتف" مع الدولة ومؤسساتها نجد أنها ساهمت بالعديد من برامج الحماية الاجتماعية، بداية من المشاركة في تنفيذ برنامج الحماية الاجتماعية، بتقديم دعم شهري منتظم إلى 400 ألف أسرة من الأسر الأكثر احتياجًا لمدة عام بإجمالي دعم 2.4 مليار جنيه، فضلا عن مبادرة "وصل الخير" لخدمة ورعاية 5 ملايين أسرة.
هذا إلى جوانب "قوافل ستر وعافية" لتوزيع مواد غذائية وتقديم خدمات طبية بالمحافظات، والخدمات التي يقدمها التحالف لطلاب المدارس، بداية من توفير المستلزمات الدراسية للأسر الأولى بالرعاية، وتقديم دعم نقدي إلى 107 آلاف أسرة وتوفير وجبات مدرسية إلى 35 ألف طالب في 10 محافظات، هذا إلى جانب مبادرات التمكين الاقتصادي بتوفير مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر، بإجمالي 1.1 مليار جنيه، بجانب مبادرة دعم المزارعين من خلال مبادرة "ازرع" لتمكين 100 ألف من صغار المزارعين لزراعة 150 ألف فدان.
لا نستطيع أن ننظر لدور وجهد مؤسسات التحالف الوطني للعمل الأهلي، بعيدًا عن فلسفة الجمهورية الجديدة التي ترى في المجتمع المدني، شريكًا مهمًا للدولة في تنفيذ خطتها التنموية، ولا نستطيع في نفس الوقت أن نغفل الدور المجتمعي والسياسي الذي يقدمه التحالف خلال العام الماضي، بجانب دوره الخيري، ذلك أنه يقدم تجربة عملية للصورة التي ينبغي أن تكون عليها مؤسسات المجتمع المدني والأهلي، وتحسين "الصورة الذهنية" التي ترسخت لدى دوائر من النخبة، وفي الشارع المصري، بسبب ممارسات من بعض المؤسسات المدنية في سنوات سابقة، جعلت من المجتمع المدني صورة لتلقي التمويلات الخارجية والتبرعات، وأحيانًا تُستغل "كشوكة" في ظهر الدولة المصرية، أو تُستغل سياسيًا من بعض التنظيمات والجماعات السياسية التي لا وجود لها قانونًا في العمل العام، واتجهت لممارسة السياسة بستار المنظمات المدنية، كما كانت تفعل الإخوان وتيارات السلفيين وغيرهم.
كانت بعض هذه الجمعيات، تستغل حالة الفراغ في الشارع، خصوصًا في القرى والأقاليم والمناطق الأكثر احتياجًا، لتقديم الخدمات أو المساعدات الخيرية، واستطاعت أن تحقق مكاسب كثيرة، من هذا الواقع جاءت فلسفة تدشين التحالف الوطني في مارس الماضي، بمشاركة وعضوية كبرى مؤسسات العمل الأهلي والتنموي في مصر، حيث يضم 24 جمعية ومؤسسة أهلية وكيانًا خدمي ًاوتنمويًا، منها الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية والذي يضم في عضويته 30 اتحاد نوعيًا و27 اتحادًا إقليميًا.
وتَحكم رؤية التحالف التنموية ثلاثة أشياء، أولها: أهداف التنمية المستدامة والتي من المفترض أن تلتزم بها مصر واستراتيجية مصر 2030، والمبادرة الرئاسية حياة كريمة، يمتلك التحالف الوطني قاعدة بيانات موحدة عليها بيانات جميع المستهدفين وقاعدة وكل التدخلات التي تصل للمواطنين بكل دقة، إضافة إلى قاعدة بيانات لشبكة المتطوعين على مستوى أنحاء الجمهورية.
أما الدرس الذي لا يمكن إغفاله في نشاط عمل التحالف الوطني الأهلي، هو "دور الشباب" المحوري في هذه المبادرة، ذلك أن أغلب القائمين عليها من الشباب، وخصوصًا شباب البرنامج الرئاسي، والقائمين على تنفيذ مبادراته وتدخلاته أغلبهم من الشباب المتطوعين، وتلك قصة أخرى من قصص النجاح التي تستحق أن تروى ضمن قصص نجاح أخرى يُسطرها الشباب المصري في بناء جمهوريته الجديدة.