عاجل
الإثنين 11 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
الأقصر أصل الحضارة والفنون

الأقصر أصل الحضارة والفنون

منذ أيام تلقيت دعوة كريمة من صندوق التنمية الثقافية، لحضور ختام ملتقى الأقصر الدولي للتصوير، في نسخته الخامسة عشرة، وهذا الملتقى له مكانة خاصة لدى معظم الفنانين التشكيليين، سواء كانوا عربا، أو أجانب، أو مصريين، فمدينة الأقصر ليست مجرد مدينة يقام بها ملتقى أو مهرجان، فهى كعبة الفنانين التشكيليين، بتاريخها الممتد لسبعة آلاف سنة، بزخم معابدها المتنوعة والمتعددة، وبكم الجداريات والتماثيل والرسوم والنقوش المحفورة على الجدران الهائلة في كل المعابد، فالأقصر أصل الحضارة والإبداع والفنون.



وقد عبرت عن هذا المعنى الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة في كلمتها التي تصدرت الكتاب الذي يوثق للملتقى، تحت عنوان "الأقصر بعيون الفن"، حين قالت: "من وحي طيبة بزغت فكرة الفنان الرائد محمد ناجي إلى النور، بدعم من عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين وزير المعارف آنذاك، لإقامة مراسم الأقصر، لتحل محل البعثات الفنية إلى أوروبا والتي أعاقتها الحرب العالمية الثانية، لتتحول الأقصر إلى أكاديمية فنية، تبرز على ساحتها أجيال من كبار الفنانين التشكيليين المصريين على رأسهم حامد سعيد، عبد القادر رزق، صلاح طاهر، حسن فتحي، وقائمة طويلة من كبار الفنانين. وعلى الرغم من بعض الصعوبات التي أبطأت مسيرتها في مراحل استثنائية إلا أن المراسم قد استمدت خلودها من روح الأقصر الخالدة، فعادت مرة أخرى، من خلال نافذة ملتقى الأقصر الدولي للتصوير".   

 

وعودة الحياة لمراسم الأقصر، أمنية كل الفنانين التشكيليين، وكانت هناك تساؤلات طرحت على رئيس صندوق التنمية الثقافية حول إعادة فتح مراسم الأقصر، وأكد د. هانى هذا المعنى خلال لقائه مع الصحفيين: "نعمل الآن على رفع كفاءة مرسم الخان في القرنة القديمة، ومشروع المرسم به أكثر من جانب يتم العمل عليه، الأول خاص بالبنية التحتية وتخفيض منسوب المياه الجوفية، إضافة إلى الأرض المواجهة للمرسم والمخصصة لصندوق التنمية الثقافية، ومن المقرر إقامة مركز ثقافي وفني دائم لصندوق التنمية الثقافية عليها، وستشهد هذه المنطقة انطلاق عدد من الفعاليات والأنشطة الثقافية المهمة".

 

هذه هي مدينة الأقصر منذ القدم، وما زالت مصدر إشعاع وإلهام لجميع الفنانين والمبدعين والأثريين المغرمين بعشق الآثار المصرية القديمة، وعبق التاريخ المجيد للحضارة الفرعونية، وعندما يشارك خمسة وعشرون فنانا وفنانة من ست دول عربية وأجنبية في هذا الملتقى، ويعايشون هذا المكان الرائع لمدة أسبوعين بين مكونات هذه البقعة المتوهجة بالحضارة والفنون، فتأتي ثمرة أعمالهم بافتتاح معرض الفنانين المشاركين بالدورة الحالية، إذ عرضت أعمال 25 فنانا من دول: الهند، جورجيا، العراق، تونس، والبحرين إلى جانب مصر.

 

وخرجت أعمال المعرض في صورة جمالية عبرت عن تأثر ابداعات الفنانين، بمدينة الأقصر والتي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، فضم المعرض 54 عملا فنيا، تمثل إضافة كبيرة للمقتنيات السابقة للملتقى. فإذا نظرنا إلى تجمع كل هؤلاء الفنانين وأعمالهم التي تنتمي لمدارس فنية متنوعة فنحن أمام تظاهرة فنية متميزة، يقودها د. هاني أبو الحسن أستاذ ورئيس قسم المسرح بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، الذي تولى منذ قليل رئاسة صندوق التنمية الثقافية، فتجلت خبراته في إدارة العمل الثقافى بإيقاع مختلف، فلأول مرة منذ بداية الملتقى عام 2008 يتم توزيع كتاب الملتقى في حفل الختام، الذي كتب مادته الكاتب الصحفي د. طارق عبد العزيز الناقد الفني المقيم، بإطلالة نقدية لقراءة أعمال الفنانين المشاركين، ومنذ فترة ليست بالقصيرة لم نرِ هذا العدد من الكتاب والصحفيين الذين يمثلون معظم المؤسسات الصحفية والإعلامية، وبدت كتيبة العاملين بصندوق التنمية الثقافية كخلية نحل وقد انتابتهم طاقة إيجابية، وغطت وجوههم البهجة، وهذا الانطباع ظهر بوضوح أيضا على أعضاء اللجنة العليا للملتقى، وكذلك الفنانات والفنانين التشكيليين المشاركين في الملتقى، الذين قدموا أعمالا فنية متنوعة ذات مستويات متباينة من حيث المستوى الفني ومهارت الإبداع والاحترافية، وظهر تأثير معالم مدينة الأقصر التاريخية في بعض الأعمال، ولأول مرة تتولى فنانة مصرية مسؤولية القوميسير العام الملتقى، وهي الفنانة التشكيلية د. أسماء النواوي، ذات البصمة المتميزة في المشهد التشكيلي المصري، التي أكدت في كلمتها هذا المعنى، حين قالت في كلمتها: "شكرًا بروفيسور هاني أبوالحسن رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية، سعدت بالعمل معك، وشكراً على كل مجهوداتك وكل الأفكار غير الاعتيادية التي تم تنفيذها بسرعة وحرفية تتناسب مع قيمة الحدث".

 

وهذا ما عبرت عنه دكتورة صفية القباني نقيبة التشكيليين وعضو اللجنة العليا فى تصريحاتها عن هذه الدورة: "دورة فعالة وناجحة من عدة جوانب، فقد تضمنت دماءً جديدة، وجاء التنوع بين أجيال الفنانين المشاركين سواء من الأجانب والعرب والمصريين، أو شباب التشكيليين ليعطي فائدة كبيرة للطرفين".

 

وجاء الفيلم التسجيلي الذي قدمه صندوق التنمية الثقافية في بداية حفل الختام كوثيقة فنية ممتعة تسجل الحدث بتفاصيله الملهمة، وتؤكد الحضور الفني لكل الوسائط المرئية الممكنة.    

 

وأسعدني أن يكون المكرم في هذه الدورة هو الفنان الكبير والصديق العزيز الدكتور مصطفى الفقي، نظراً لدوره المهم في الحركة التشكيلية، ومسيرته الإبداعية المتميزة في فن التصوير، منذ تخرجه في كلية الفنون الجميلة، وتأثره بالحركة التشكيلية العالمية أثناء دراسته للدكتوراه في ايطاليا، ما ساهم في إنتاج فني كبير استحق عليه أن يكون شخصية الدورة الحالية من الملتقى، وهو تكريم مستحق، أسعده وأسعدنا.    

 

على هامش الملتقى عقد د. هاني أبوالحسن لقاء صحفيا، أكد فيه أنه جاء برؤية جديدة، ولديه خطة طموحة لتوظيف كل الإمكانيات والطاقات البشرية المتاحة لتفعيل كل الأنشطة، وهي خطة عمل مبشرة بنقلة نوعية في مسيرة وأداء فعاليات وأنشطة صندوق التنمية الثقافية، وعودة مشرقة بالتفاؤل والأمل لتضافر جهود كتيبة عمل الصندوق لمواصلة العطاء. 

 

اختتمت فعاليات الاحتفال بعرض فني قدمته فرقة سوهاج للفنون الشعبية التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، والتي لاقت تفاعلا كبيرا من جانب الحاضرين مع الفقرات الاستعراضية التي قدمتها الفرقة تضمنت عرض الآلآت الشعبية ورقصة التحطيب والرقص الصعيدي.    

 

وتزامن مع فعاليات ختام ملتقى الأقصر الدولي للتصوير، أن شاهدنا أيضا الحفل الختامي للمهرجان القومي الثاني عشر للتحطيب، بساحة أبوالحجاج، التي تقيمه الهيئة العامة لقصور الثقافي برئاسة المخرج هشام عطوة، وقدم حفل الختام، وأخرجه رئيس مهرجان التحطيب المخرج أحمد الشافعي رئيس الإدارة المركزية للشؤون الفنية بهيئة قصور الثقافة، بحضور رئيس إقليم جنوب الصعيد عماد فتحي، والمخرج أحمد الشافعي كما عرفناه دائما متحمس لأقصى درجة، لأنه مؤمن بما يقدمه، وهو يقول لنا دائما: "هذا هو ميراثي الوحيد عن والدي المخرج الكبير الفنان عبد الرحمن الشافعى، ولا بد أن أحافظ عليه".

 

وقد نجح بالفعل في تقديم حالة من البهجة وتجمع حول المسرح في ساحة أبو الحجاج جمهور لا حصر له، من الرجال والشيوخ والنساء والأطفال، إنه فن بلادنا الأصيل، في ظاهرة ملفتة تؤكد أن الفن الحقيقي الأصيل الذي يمثل جانبا مهما من مكونات الهوية الثقافية والفنية المصرية، هو الزاد الحقيقي لوجدان الشخصية المصرية، وشاركت في الحفل الختامي للتحطيب عشرة فرق للفنون الشعبية من عشر محافظات، يحسب للمخرج هشام عطوة رئيس الهيئة والمخرج أحمد الشافعي اهتمامهما بملابس الفرق التي ذكرتنا بملايس الفرقة القومية للفنون الشعبية التي كان يصممها الفنان الكبير عبد الغني أبو العينين، فقد كانت على مستوى يليق بالفرق القومية للفنون الشعبية، وفرقة رضا، بالإضافة للاعبي العصا ومشايخ اللعبة المحترفين من بعض المحافظات المشاركة التي قدمت عروضا أحدثت حالة من الانبهار والدهشة تفوق كل التوقعات.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز