الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

مئذنة جامع أغاديس القديم في دولة النيجر

د. إسماعيل حامد
د. إسماعيل حامد

تقع مدينة أغاديس  Agadez (وقد يُكتب الإسم أيضًا باللغة الإنجليزية هكذا  Agades) حاليًا في دولة النيجر، ويكتب إسم تلك المدينة أيضًا بحسب بعض المصادر: آغادس. ومدينة أغاديس مدينة تجارية قديمة مهمة، ولها موقع استراتيجي على الطرق الصحراوية التي تصل ما بين كل من شمال وجنوب الصحراء، يقول عنها الوزان: "لأن كل سكانها تقريبًا من التجار الأغراب، وفيها القليل من السكان المحليين".

ومع أهمية تلك المدينة التجارية والاقتصادية، إلا أن الكثير من السكان المحليين بالمدينة كانوا يعيشون في أكواخ مشيدة من أغصان الأشجار، أو من الحصير التي كان يتم نقلها على ظهور الثيران.

 

بينما كانت بيوت التجار الأجانب بها في الغالب تتميز بأنها بيوت شيدت بطريقة غاية الإتقان، وكانت تلك البيوت والمنازل على نمط بيوت البربر، وهو ما يشير بوضوح إلى أن أكثر سكان المدينة كانوا من التجار العرب والبربر. 

 

وكانت يحيط بمدينة أغاديس سور، وعن بناء المدينة وتأثيرات عمارة شمال إفريقيا عليها، يذكر الوزان: "بناها المعاصرون على تخوم ليبيا، وهي مدينة السود، ولكنها تكاد تكون أقرب مثيلاتها إلى مدن البيض.."

 

ومن المؤكد أن المعماريين في بلاد غرب إفريقيا، وفي جنوب الصحراء تأثروا بعمارة المآذن المغاربية والأندلسية، لكنهم تركوا عليها بصمتهم الواضحة التي تميزها عن المآذن في أي بقعة أخرى في العالم.

 

وتُعد مئذنةُ المدينة القديمة في أغاديس، واحدة من أبرز نماذج "العمارة الطينية"، وهي نموذج رائع للمآذن الأثرية القديمة في غرب إفريقيا ومناطق جنوب الصحراء. 

 

وكان البرج الطويل الخاص بجامع أغاديس بمثابة برج مراقبة. وتلك الوظيفة الخاصة بهذا البرج لأن المدينة كانت مدينة محصنة في الماضي، لذا كان يجب أن تكون قادرة على الوقوف ضد الحصار. 

 

وتلك المئذنة تتميز بأنها ذات طراز معماري مميز، تأخذ شكل البرج المتعارف عليه في العمارة المغربية الأندلسية، كما أن مئذنة أغاديس متأثرة في ذات الآن بشكل المسلة المعماري إلى حد كبير، والمسلات طراز معماري فريد ذاعت في عمارة المعابد في مصر القديمة. 

 

كما حاول المعماري الإفريقي أن تكون عمارة المئذنة مشيدة بما يتوافق مع البيئة الصحراوية التي بنيت فيها تلك المئذنة الجميلة. 

 

ونظرًا لارتفاع مئذنة أغاديس، فإن بعض الباحثين المُحدثين يصف تلك المئذنة ذات الطراف المميز بأنها تبدو وكأنها أحد ناطحات السحاب القديمة Ancient Skyscraper، نظرا لارتفاعها اللافت، مقارنة بغيرها من مآذن غرب إفريقيا الأخرى. 

 

ومن أبرز الباحثين المحدثين الذين طرحوا تلك الرؤية، البروفيسور محمد الفاسي، الذي يقول في هذا الشأن: "ولكن من الناحية الأخرى لا نجد أي آثار باقية للمعتقدات الدينية للمذهب الإباضي في منطقة الحزام السوداني، ويبدو أن المعمار الديني هو ما يمكن أن نجد فيه تأثيرًا إباضيًا أكثر عمقًا، فأشكال المآذن الموجودة حالياً في أماكن عدة من بلاد السودان الغربي (أي غرب إفريقيا) مأخوذة أصلاً من جنوب تونس..". 

 

وهو ما يشير للتأثيرات المعمارية القادمة من بلاد شمال إفريقيا والمغرب في العمارة المحلية في مناطق غرب إفريقيا، وذلك بحكم الجوار الجغرافي، وكذلك بحكم التواصل والعلاقات الحضارية بين السكان في كل من شمال وجنوب الصحراء الكبرى عبر التاريخ. 

 

متخصص في التاريخ والتراث الإفريقي

 

تم نسخ الرابط