عاجل
الأحد 20 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي

"أونكتاد": تحولات السياسة النقدية والمالية في الاقتصادات المتقدمة تهدد بركود عالمي مطول

أونكتاد
أونكتاد

 حذر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) من أن تحولات السياسة النقدية والمالية في الاقتصادات المتقدمة تهدد بدفع العالم نحو ركود عالمي مطول يلحق أضرارا أسوأ من الأزمة المالية في عام 2008، وصدمة وباء كورونا في عام 2020. 



 

وأوضح (أونكتاد) - في تقريره السنوى عن التجارة والتنمية لعام 2022، والذي صدر اليوم الاثنين - أن الزيادات السريعة في أسعار الفائدة والتشديد المالي في الاقتصادات المتقدمة إلى جانب الأزمات المتتالية الناجمة عن جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية، حولت بالفعل التباطؤ العالمي إلى تراجع، مشيرا إلى أن البنوك المركزية فشلت في تحقيق نسب التضخم المستهدفة وفشلت في إحداث نمو اقتصادى أكثر سلامة، وذلك خلال عقد من الزمان أتسم بأسعار فائدة منخفضة للغاية.

 

كما حذر من إمكانية أن يؤدى الإفراط في التشديد النقدي إلى فترة من الركود وعدم الاستقرار الاقتصادى بالعديد من البلدان النامية وبعض البلدان المتقدمة، خاصة في وقت يتسم بانخفاض الأجور الحقيقية والاضطراب المالي وتشديد إجراءات المالية العامة وعدم كفاية الدعم والتنسيق المتعدد الأطراف، لافتا إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة هذا العام سيقلص الدخل المستقبلي للبلدان النامية، باستثناء الصين، بما يقدر بنحو 360 مليار دولار ويشير إلى مزيد من المتاعب في المستقبل. 

 

ومن جهتها، قالت الأمين العام للمنظمة الدولية ريبيكا جرينسبان "إنه لايزال هناك وقت للتراجع عن الركود، حيث توجد الأدوات اللازمة لتهدئة التضخم ودعم جميع الفئات الضعيفة"، مشيرة إلى أن هذا الأمر يتعلق بالإرادة السياسية وخيارات السياسة العام.. وحذرت من أن مسار العمل الحالي يلحق الضرر بالفئات الأكثر ضعفا، وخاصة في البلدان النامية ويخاطر بالدفع إلى ركود عالمي. وتوقع التقرير أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.5% خلال العام الجاري، وأن يتباطأ النمو في 2023 إلى 2.2% تاركا الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في اتجاه أقل من اتجاهه السابق في فترة ما قبل وباء كورونا بحلول نهاية العام المقبل مع نقص تراكمي يزيد عن 17 تريليون دولار، ما يقرب من 20% من الدخل العالمي.

 

وأضاف أن التباطؤ المزمن وإن كان يضرب جميع المناطق، إلا أنه يدق ناقوس الخطر بالنسبة للبلدان النامية، حيث من المتوقع أن ينخفض متوسط معدل النمو إلى أقل من 3%، وهي وتيرة غير كافية للتنمية المستدامة مما يزيد من الضغوط على المالية العامة والخاصة ويضر بآفاق التوظيف، مبينا أن البلدان المتوسطة الدخل في أمريكا اللاتينية إضافة إلى البلدان المنخفضة الدخل في إفريقيا ستسجل بعضا من أشد حالات التباطؤ حدة هذا العام.

 

كما لفت إلى أن البلدان التي كانت تظهرعليها أعراض أزمة ديون قبل جائحة كورونا ستتلقى بعضا من أقوي الضربات، مثل (زامبيا، وسورينام، وسريلانكا)، إضافة إلى الصدمات المناخية التي تهدد الاستقرار الاقتصادي، مثل باكستان.

 

وأوضح التقرير أن صافي تدفقات رأس المال إلى البلدان النامية تحول إلى حالة سلبية مع تدهور الأوضاع المالية منذ الربع الأخير من عام 2021، كما شهدت 90 دولة نامية تراجع عملاتها مقابل الدولار العام الجاري (أى أن أكثر من ثلثها انخفضت عملته بأكثر من 10%)، كما أن احتياطيات النقد الأجنبي آخذة في الانخفاض، فيما تتسع فروق أسعار السندات مع تزايد عدد السندات التي تسجل عائدات أعلى بمقدار 10 نقاط مئوية مقارنة بسندات الخزانة الأمريكية.  

 

 

وقال مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) إن 46 دولة نامية في الوقت الحالي تتعرض لصدمات اقتصادية شديدة ومتعددة و48 دولة أخرى معرضة بشكل خطير لذلك؛ مما يفاقم من خطر حدوث أزمة ديون عالمية.

ونوه أونكتاد، في تقريره السنوي عن التجارة والتنمية لعام 2022، الذي صدر اليوم الاثنين، إلى أن الدول النامية أنفقت بالفعل ما يُقدّر بحوالي 379 مليار دولار من الاحتياطيات للدفاع عن عملاتها هذا العام، وهو ما يقرب من ضعف مبلغ حقوق السحب الخاصة الجديدة التي خصصها لها صندوق النقد الدولي مؤخرًا في الوقت الذي تأثرت فيه هذه الدول كثيرًا من هروب رأس المال.

ودعا التقرير إلى زيادة المساعدات الإنمائية الرسمية واستخدام أوسع وأكثر ديمومة وعدالة لحقوق السحب الخاصة وزيادة الاستفادة من رأس المال متعدد الأطراف لدعم الدول النامية ببرامج اجتماعية شاملة، مشددًا على أنه ينبغي إعطاء الأولوية لإحراز تقدم في اتجاه إطار قانوني متعدد الأطراف للتعامل مع إعادة هيكلة الديون بما يشمل جميع الدائنين الرسميين والدائنين من القطاع الخاص.

وأضاف التقرير أن التضخم في البلدان المتقدمة كان مدفوعًا في الغالب بأسعار السلع الأساسية وخاصة الطاقة، والاختناقات المستمرة في سلاسل الإمداد، والاستثمار غير الكافي منذ الأزمة المالية العالمية، في حين أنه كان مدفوعًا في العديد من الدول النامية، وإلى حد كبير بأسعار الطاقة وانخفاض سعر الصرف؛ مما جعل الواردات أكثر تكلفة، مشيرًا إلى أن الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات التي تتمتع بقوة سوقية كبيرة قد استفادت بشكل غير مبرر من الوضع الحالي لزيادة الأرباح. وذكر التقرير أن النظر إلى فترة السبعينيات أو العقود اللاحقة في مثل هذه الظروف التي اتسمت بسياسات التقشف للاستجابة لتحديات اليوم هي مقامرة خطيرة. وفي هذا الصدد، قال رئيس الفريق المسؤول عن التقرير، ريتشارد رايت، إن المشكلة الحقيقية التي تواجه صانعي السياسات ليست أزمة تضخم ناجمة عن الكثير من الأموال التي تطارد عددًا قليلًا من السلع، بل أزمة توزيع إذ هناك عدد كبير جدا من الشركات تحصل على أرباح مرتفعة للغاية، بينما الكثير من المواطنين يكافحون من راتب إلى راتب، وعدد كبير جدا من الحكومات تصمد بالاعتماد على دفع السندات.

وأكد أن مبادرة حبوب البحر الأسود كان لها أثر كبير في انخفاض أسعار المواد الغذائية؛ إذ انخفضت أسعار الحبوب بنسبة 1.4% بسبب انخفاض أسعار القمح الدولية بنسبة 5.1% المرتبط باستئناف الصادرات من موانئ البحر الأسود في أوكرانيا لأول مرة منذ أكثر من خمسة أشهر من الانقطاع. وأشار إلى وجود حاجة لزيادة الدعم للفئات الضعيفة؛ بما في ذلك العمال ذوي الأجور المنخفضة والأسر المعيشية التي تعاني من ضائقة مالية، محذرًا من الضرر الذي يلحقه التشديد النقدي بالأهداف الاقتصادية والاجتماعية والمناخية، وسيكون الأشد فقرا هم الأكثر تأثرًا. كما حث تقرير الأونكتاد على وضع استراتيجية أكثر واقعية تستخدم ضوابط استراتيجية للأسعار وضرائب على الأرباح غير المتوقعة وتدابير لمكافحة الاحتكار وأنظمة أكثر صرامة بشأن المضاربة في السلع الأساسية، داعيًا إلى أن تكون الضرائب على الأرباح غير المتوقعة جزءًا من مزيج السياسات الذي تتبعه الحكومات من أجل الحد من ارتفاع الأسعار الذي ضرب المستهلكين في العالم النامي بشدة؛ مما يدفع مئات الملايين من الاشخاص مرة أخرى إلى الفقر المدقع مع جني الشركات أرباحًا قياسية. واختتم التقرير بالإشارة إلى أن الأزمات المتعددة التي يواجهها الاقتصاد العالمي حاليًا مرتبطة ببرامج سياسية فشلت في الوفاء بوعودها الرئيسية بتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعزيز الاستثمار المنتج العام والخاص على حد سواء، مشددًا على أنه مع وميض علامات الإنذار عبر مجموعة من المؤشرات الاقتصادية والبيئية، فإن استعادة المستقبل بسياسات مبتكرة وطموحة وإرادة سياسية ودعم خاص وعام هو شرط أساسي لتحقيق أهداف التنمية الطموحة.  

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز