

د. حسني الخولي
العاصمة الإدارية الجديدة.. ومعوقات تصدير العقار
العاصمة الجديدة.. حلم رئيس، وإرادة شعب، ومستقبل أجيال قادمة، وجسر حضاري نحو التنمية.
ولهذا خطط للعاصمة الجديدة موقع عبقري على مقربة من مدينة القاهرة التاريخية بطرازها الفريد ومدن القناة وموانيها، لتكون مقرا للحكومة بوزارتها، والبرلمان بغرفتيه، والجهات الحيوية والهامة بمساحة 170 ألف فدان تعادل دولة سنغافورة وقرابة أربعة أضعاف العاصمة واشنطن. خطط لها وبنيت على أحدث طراز معماري عالمي، معتمدة على التكنولوجيا الحديثة لتكون انطلاقة جديدة تتناسب مع مدن الجيل الرابع لتليق بـ جمهوريتنا الجديدة التي نعيشها، وتسهم في حل مشاكل التكدس السكاني، مع إتاحة فرص عمل تزيد من النمو الأقتصادي، وقبل كل ذلك فهي تبنى بسواعد وأموال مصرية، وتهدف الى جذب مزيد من الأستثمارات، وتصدير العقار بما يعود بالنفع على الاقتصاد المصري. لم تبخل مصر في الإنفاق على البنية الأساسية الحديثة من شوارع وكباري وأنفاق وشبكات خدمات مياه وكهرباء وصرف صحي وتليفونات وانترنت، وشبكات رقمية مؤمنة، ومطارات ومنشآت تعليمية ورياضية وترفيهية وأماكن عبادة، ووسائل نقل حديثة وسريعة متمثلة في القطار السريع، والمونوريل، وغيرها بغية ربط العاصمة الجديدة بالمدن والمحافظات والموانئ المرتبطة بها أو المجاورة لها. وتصل بعض تقديرات التكلفة الى قرابة ال 500 مليار جنيه للمرحلة الأولى.. أكرر.. الدولة لم تبخل على هذا المشروع القومي لما له من نتائج اجتماعية واقتصادية واعدة. مع العلم ان موازنة الدولة لم تتحمل جنيه واحد من تلك المليارات، حيث التمويل يعود إلى حصيلة القيمة المضافة لتحويل تلك الأرض المهجورة الى مدينة عصرية. أنهت الدولة واجباتها وأتاحت للمطورين العقاريين الأستفادة من تلك التسهيلات للمشاركة في التعمير، على أن يعود ذلك عليهم وعلى الوطن والمواطن بالخير، مع تصدير العقار للخارج (وهذا يعني بيع بعض الوحدات الى غير المصريين ليعود بالنفع على الاقتصاد وتزيد الحصيلة الدولارية). لكن بعض المطورين ما زالوا يعتقدون أنهم يعيشوا في شبه دولة (أكرر وصف دولة الرئيس لما كان علية الحال في مصر). وتناسوا أن ذلك الوصف كان من الماضي وأن مصر تعيش جمهورية جديدة لا سطوة لأحد فيها إلا للقانون وهيبة الدولة.
ولا يزال بعض المطورين يعتقدوا ان التبرع بجنيهات معدودة من ارباحهم الطائلة لصندوق تحيا مصر، أو ذكر عبارة تحيا مصر في إعلاناتهم يحميهم من تطبيق القانون.. لكن هيهات.
حقاً بالرغم من أن سعر العقار في مصر هو الأقل من الدول المحيطة، وبالرغم من الإمكانيات الهائلة، والخدمات الحديثة التي وفرتها الدولة في العاصمة الجديدة. إلا ان نسبة تصدير العقار ما زالت ضئيلة.
ويعود ذلك الى بعض الممارسات الخاطئة التي يمارسها بعض صغار المطورين والتي تتمثل في عقود مجحفة وشروط ظالمة ما أنزل الله بها من سلطان تحول المشتري الى مستأجر، والتغول على حقوقه. ويضاف الى ذلك بعض الممارسات التي تسيء الى مناخ الأستثمار، ومنها عدم الالتزام بما وعد به المطور في الإعلانات للوحدات الفاخرة، وتدني مستوى التشطيب في الواجهات والمداخل والسلالم واللاند سكيب ومساحات الخدمات والجراجات، ونسيان أماكن العبادة.. ذلك المستوى يقل عن ما تقدمة دولتنا للوحدات التي تنشئها للشباب محدودي الدخل، ناهيك عن نسب التحميل المجحفة والظالمة التي تقترب من ال 40%.
خلاف تأخير التنفيذ للاستفادة من استثمار حصيلة البيع. كل تلك الممارسات تسيء الى مناخ الأستثمار، وتؤدى لعزوف غير المصريين، بل والمصريين عن الشراء .. في حين انظروا الى الدول المجاورة .. نشير على سبيل المثال الى دولة الإمارات وتركيا وأذربيجان والتي يمثل تصدير العقار نسبة كبيرة من الناتج القومي. ليتضح لكم نتيجة الممارسات الخاطئة التي يرتكبها بعض صغار المطورين.
ويبقى الأمل .. في الضرب على يد كل مطور يحاول تشويه المناخ الاستثماري مقابل منافع شخصية ضيقة، وأعتقد ان الحل يكمن في عمل عقد بيع موحد يحقق العدالة ويوازن مصالح المطور والمستهلك والوطن.. دون تغول طرف على الأخر، بالأضافة الى تكرار تجربة التجمع الخامس والشيخ زايد بإتاحة مساحات تتراوح بين ال 500 – 1000 متر لإقامة فيلات ووحدات سكنية خاصة أو للبيع للغير.. وللحديث بقية. د. حسني الخولي خبير اقتصادي