عاجل
الخميس 12 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
التعصب الكارثي

التعصب الكارثي

بصرف النظر عن فوز الزمالك ببطولة الدوري الـ١٤ في تاريخه، وأن الأهلي كان قد سبقه إلى هذا الرقم منذ أكثر من ٤٥ عامًا، إلا أن أكثر ما يقلقني ويثير مخاوفي هو تحول ظاهرة التعصب الكروي والرياضي إلى هذا النشاز الكارثي، والغريب في نفس الوقت على مجتمعنا المصري.    



 

 

نعم الانتماء والتعصب الكروي كان موجودًا من قبل، خاصة من قبل جماهير الأندية المصرية خاصة الأهلي والزمالك، زعيما الكرة المصرية، إلا أنه لم يصل في يوم من الأيام إلى ما وصلنا إليه من تعصب وقبلية غريبة، وتراشق بالألفاظ والشتائم والمهاترات إلى هذا الحد الذي يعيد المجتمع إلى الانقسام، بعد أن تخطينا هذه المرحلة السوداء في حياتنا، أيام الانقسام السياسي بعد يناير٢٠١١، وأيام الإخوان.

 

وللأسف فإن ما يحدث من هذا التعصب المرضي أصبح يهدد السلام الاجتماعي، لأنه يزيد يوما عن يوم دون داع، وهناك من يغذيه ويؤجج مشاعر الجماهير، رغم أنها في النهاية رياضة لا أكثر ولا أقل، والأهم أنها بدأت تنتقل من كرة القدم إلى اللعبات الجماعية الأخرى، وأصبحت العلاقة بين جماهير الأندية علاقة غريبة، وكأن المنافس ناد من بلد آخر غير مصر، مع أن كل هؤلاء اللاعبين يصطفون جميعًا تحت فريق واحد وعلم واحد هو علم مصر.       وللأسف فالذي يحاول البحث في أسباب هذا التعصب الدخيل، سيجد أن رأس أسبابه هو الإعلام الرياضي، بما يشمله من ورقي ومواقع إلكترونية، لكن الأخطر والذي تشير إليه أصابع الاتهام بشدة هو القنوات الرياضية والبرامج الرياضية على كل القنوات، وهذه القنوات والبرامج تسعى بشدة للجماهيرية ونسب المشاهدة، فتعلي نبرة التعصب والتراشق، وذلك عن طريق ضيوف التحليل الرياضي الذين هم في الأساس لاعبون سابقون ينتمون لأنديتهم المتنافسة.

     

 

وللأسف كل عناصر التحليل والتحكيم والرأي تزيد من وتيرة التعصب لدى الجماهير، ولست أدري في أي دوري في العالم وفى أي إعلام في العالم يكون الاستديو التحليلي لأي مباراة مهمة ساعتين قبل المباراة على الأقل، وثلاث ساعات بعد المباراة، هذا بخلاف زمن المباراة، أي أن القناة تقتطع من إرسالها من ٦ إلى ٧ساعات لنقل مباراة، مع أننا نعلم جيدا أن "الجنازة حارة والميت كلب"، يعني الدوري ضعيف للغاية واللاعبين مستواهم أضعف والمدربين والحكام كذلك، يعني كل عناصر اللعبة مجتمعة لا تخرج منتخبًا قويا يحقق البطولات، والدليل أننا خرجنا صفر اليدين من كل البطولات التي خضناها هذا الموسم، من كأس العرب وأمم إفريقيا وتصفيات كأس العالم.  

 

  والمفروض أننا يجب أن نواجه هذا الانفلات من الإعلام الرياضي عن طريق الهيئات المسؤولة عن بث هذه القنوات والبرامج، وأن تراجع كل ما يقال في هذه البرامج، بالإضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي، مثل الفيس بوك وخلافه، التي تسيطر عليها الكتائب الإلكترونية البيضاء والحمراء، وأيضا الكتائب الإلكترونية الخارجية التي تزيد النيران اشتعالا من خلال التعصب الكروي، لتحقيق أهداف سياسية.       

 

 

أيضًا يجب الانتباه جيدًا إلى أن العديد من المسؤولين في الأندية والأجهزة الكروية من أسباب زيادة حدة التعصب الكروي والرياضي، وشحن الجماهير واللعب على الوتر الحساس للجماهير لتحقيق مكاسب وزعامات شخصية، بصرف النظر عن نتائج هذا الشحن وزيادة حدة التعصب، وهذه مسؤولية اتحاد اللعبة، وأيضًا مسؤولية الوزير المختص أشرف صبحي، الذي يجب أن يعمل على تهدئة المناخ الرياضي، وأن يدعو إلى مصالحات ومؤتمرات للقضاء على هذا التعصب والشحن الكارثي، والذي قد يستغل خارج إطار التشجيع الكروي، وأن يقوم بمبادرات لم الشمل الكروي، بجمع كل أطراف اللعبة، ويتم اتخاذ توصيات وقرارات واجبة التنفيذ قبل أن تستفحل الظاهرة أكثر وأكثر.      

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز