عاجل
الخميس 12 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
التعليم أمن قومي

التعليم أمن قومي

ليس هناك جدال على الإطلاق، أو أي شك في أن قضية التعليم، تمثل القضية رقم 1 للأمن القومي المصري، من حيث أهميتها بالنسبة للدولة والمواطن، إذ إن التعليم الجيد هو الأساس القوي والآمن لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة بكل أشكالها، بشرية وسياسية واقتصادية وفكرية، وبدونه لن يكون هناك تنمية حقيقية، أو تقدم، وأيضًا لن يكون هناك مستقبل للأجيال القادمة. 



والحقيقة، أن قضية التعليم هي الهم الثقيل والشغل الشاغل للدولة والمواطن على السواء، طوال الأربعة عقود السابقة.. الدولة من جانبها تلهث لبناء المدارس والفصول وإعداد عناصر العملية التعليمية التي تصطدم بالزيادة السكانية المطردة والمريعة.

والأسرة أصبحت تنفق أكثر من نصف دخلها على التعليم، رغم أننا نعيش نظرياً في ظل مجانية التعليم، وحق المواطن الدستوري في توفير التعليم الجيد، لكن المنظومة التعليمية تراجعت بشدة للأسف، واهترأت بعد أن أصبحت مدخلات التعليم لا تحقق هدفها، ولا تقدم لسوق العمل المهارات والتخصصات التي تواكب التطور التكنولوجي المتسارع في كل دول العالم.

والدليل على ما أقول، إنه في عام 1982 بعد عام من تولي الرئيس الأسبق حسني مبارك مسؤولية الحكم، دعي إلى مؤتمر قومي لتطوير التعليم، وكان الأول والأخير طوال الأربعين سنة الماضية، والسبب أن ذلك المؤتمر خرج بتوصيات عظيمة جداً لمستقبل التعليم، كان أهمها أن يكون التعليم الأساسي تسع سنوات، وأن تكون المرحلة التالية مؤهلة لسوق العمل، وذلك بالتوسع في التعليم الفني، مع التعليم الزراعي والمدارس التكنولوجية، وعدم التوسع في التعليم الجامعي، إلا في التخصصات العلمية والفنية والتكنولوجية، ولكن للأسف جاءت الحكومات المتعاقبة لتضرب بتلك التوصيات عرض الحائط، ولتسير بالسياسة التعليمية في عكس الاتجاه تماماً، حيث توسعت في المدارس الخاصة واللغات، وفتحت الباب على مصراعيه للمدارس الدولية، وأنماط التعليم الغربية، مثل الأمريكان، والآي جي، وتوسعت الجامعات الحكومية والخاصة في تخصصات لا مجال لاستيعابها في سوق العمل، وجرى إهمال التعليم الفني والصناعي والتكنولوجي، وهو ما أثر بشدة على مخرجات العملية التعليمية، وزادت معدلات البطالة، خاصة بين خريجي الجامعات، التي قامت بتخريج الآلاف كل عام، لا يحتاجهم سوق العمل. 

ولذا كان من الطبيعي مع تولي الرئيس السيسي، أن تضع الدولة نظاماً جديداً لتطوير التعليم، لأن العملية التعليمية في النهاية هي سياسة دولة، وليست سياسة وزير جاء ووزير خرج، وللأسف لم تواكب تجربة الوزير المقال د.طارق شوقي، عملية التطوير ذاتها، فهو لم يهيئ التربة للتجارب والسياسات التعليمية المختلفة، وفرض تجربته من فوق، دون إعداد أو ترتيب لعناصر العملية التعليمية، وأدخل الطلبة والمدرسين في تجارب مربكة، بداية من "التابلت" إلى "البابل شيت" إلى الورقي، وبدلاً من أن تخفف السياسة التعليمية الجديدة على الطلبة وأسرهم، أصبح التعليم بالنسبة لهم "كابوسًا مفزعًا"، بالإضافة إلى دخوله في صدامات عنيفة مع أطراف العملية التعليمية، وفشل تسويق تجاربه الجديدة، فجاء كل ذلك بنتائج عكسية، حيث زادت الدروس الخصوصية و"السناتر"، وقل الاعتماد على المدرسة.

ويكفي شهادة الأولى على الثانوية العامة، بأنها لم تذهب إلى المدرسة، لأنها مضيعة للوقت، وأنها كانت تفضل "السناتر"، وهي شهادة تدين الوزير ونظام التعليم، وللأسف فقد هٌزم الوزير في كل معركة دخلها، ومن ذلك الغياب الكامل عن المدارس، وتسريب الامتحانات، والأهم من هذا كله أنه كان يدعي أن هناك دولاً أوروبية تحاول نقل تجربته في تطوير التعليم، رغم أن تقرير الأمم المتحدة أكد تراجع ترتيب مصر فى جودة التعليم عربياً وعالمياً.

وأعتقد أن د.طارق شوقي، أخذ فرصته كاملة التي منحتها له القيادة السياسية، لكنه لم يحقق النتيجة المرجوة، كما أعتقد أن كل ما سبق ذكره وذكره آخرون، يجب أن يوضع نصب أعين الوزير الجديد، حتى يحقق الأهداف المرجوة من السياسة التعليمية التي وضعتها الدولة، والتي تحقق الأمن القومي المصري.             

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز