عاجل
الأربعاء 29 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
الاحتلال العلمي الأمريكي لمصر

الاحتلال العلمي الأمريكي لمصر

بقلم : أسامة سلامة



 

هل العلم والسياسة كيانان منفصلان؟
 
يبدو هذا السؤال ساذجا لدي البعض، فالأغلبية تري أن العلم لا وطن له، وأن التقدم العلمي يساعد علي الوفاق بين الشعوب، وأن التعاون التكنولوجي أداة حقيقية للتآخي بين الأمم.
 
لكن د. أشرف البيومي يطرح وجهة نظر مغايرة ومهمة، ويري أن العلم أداة للإمبريالية، وكثيرا ما استخدمته القوي الاستعمارية للهيمنة.. فأمريكا سخرت التكنولوجيا في الاستغلال والابتزاز السياسي.. كما أن الدول الرأسمالية الكبري ستمنع عن العالم الثالث أنواعا من المعرفة العلمية لأسباب تجارية واحتكارية وأمنية وعسكرية، كما ستستغل الدول النامية والفقيرة لتصدير تكنولوجيا غير متقدمة وملوثة للبيئة.
 
يقدم د. البيومي رؤيته في هذه القضية في كتابه المهم «العلم كأداة للهيمنة الأجنبية.. مشروع زويل نموذجا».
 
ولمن لا يعرف فإن د. أشرف البيومي أستاذ الكيمياء الفيزيائية بجامعة الإسكندرية وجامعة ميتشجان سابقا، وهو أستاذ أحمد زويل ومتبنيه علميا في أوائل حياته العلمية، وهو أحد العلماء الوطنيين أصحاب المواقف السياسية الواضحة والبارزة.
 
ولعل البعض يتساءل: ما دخل مشروع د. أحمد زويل العالم الشهير والحاصل علي جائزة نوبل بالهيمنة العلمية الأمريكية علي مصر؟
 
وقبل أن نقرأ إجابة د. البيومي، فإن من حق أي شخص رفض ما يقوله أو الاقتناع به، وربما يكون د. البيومي مبالغا في تصوراته ومخاوفه أو محقا في طرحه، ولكن ما يكشفه من وقائع وما يعبر عنه من آراء ورؤي تستحق المناقشة.
 
يري د. البيومي أن مشروع مصر القومي المسمي باسم زويل هو إحدي المحاولات الدءوبة والمستمرة للتحكم في مصر، وتتمثل خطورة المشروع أنه يجيء علي يد مصري انبهر به العديد من المواطنين رغم أن جميع أبحاثه أجريت بالمؤسسة البحثية الأمريكية، ولا علاقة لمصر بها من قريب أو بعيد.
 
ويقول د. البيومي إن الرئيس الأمريكي أوباما عين د. زويل بمجلس الرئيس الاستشاري للعلوم والتكنولوجيا، ثم اختاره مبعوثا فوق العادة.. من أجل دفع الشراكة العلمية بين أمريكا ومصر.. ويشير إلي أن هذا الاختيار ضمن مخطط اتبعته أمريكا لإرسال مبعوثين في أماكن مختلفة من العالم الإسلامي.. تحت شعار التعاون وفي إطار العولمة.. ولكن الهدف هو الهيمنة.. فنحن أمام مشروع أمريكي يحدد لنا نشاطات تعاون علمي يضع أولوياته مبعوث خاص لدي دول أجنبية.
ويتساءل د. البيومي: هل يمكن أن نسمي هذه العلاقة تعاونا خصوصا أن المؤسسات العلمية المحلية غائبة عن تحديد استراتيجية وأولويات لمشروع زويل الأمريكي؟ فهل نكون مغالين إذا قلنا إنه مشروع هيمنة في مجال التكنولوجيا؟ خصوصا أن من بين أولويات زويل إقامة معهد للدراسات الاستراتيجية لتقديم المشاريع الاقتصادية؟!
 
فهل يمكن أن يكون التعاون المنشود في صالح مصر؟ أم سيعمق تبعية الدولة والمؤسسات المصرية.. بحيث يشمل الجانب العلمي، بالإضافة إلي الجوانب السياسية والاقتصادية؟
 
ويكشف البيومي عن أن هناك مشاريع أخري في الدول العربية مماثلة لمشروع زويل مثل مركز «سيسامي» في الأردن والذي يشرف عليه بشكل رمزي مجموعة من الدول من بينها إسرائيل وتركيا وإيران وقبرص وباكستان والسلطة الفلسطينية ومصر والبحرين «أي الدول الداخلة في المشروع الشرق أوسطي الكبير»، ورغم أن هذا المركز مضي عليه عشر سنوات وتكلف حوالي مائة مليون دولار، فإنه نشر ورقة بحثية واحدة فقط.
 
ويذكر البيومي تاريخ زويل وممارساته السابقة وعلاقاته مع إسرائيل، ومنها دوره في مؤتمر الكيمياء الضوئية في يناير 1983 بجامعة الإسكندرية والذي حضره عدد من الإسرائيليين، وهو المؤتمر الذي عارضه عدد كبير من العلماء المصريين، رفضا للتطبيع مع العدو الإسرائيلي.. كما اختير زويل محاضرا متميزا في جامعة تل أبيب عام 1993 ومنحه الإسرائيليون جائزة «وولف» وسلمها له الرئيس الإسرائيلي آنذاك «عيزرا وايزمان» في حفل أقيم بالكنيست!
ويقول د. البيومي: الواجب معرفة الحقائق جيدا قبل تكوين رأي، وإذا ثبتت خطورة مشروع زويل فيجب محاسبة المسئولين الذين منحوه موافقة غير مسئولة، وتشكيل هيئة مستقلة من العلميين تتناول قضايا البحث العلمي والتعليم.
 
إذن علينا الاهتمام، بما كشفه د.البيومي فليس الخطر هو ما قاله عن زويل الذي يستطيع الدفاع عن نفسه، لكن الأهم هو مواجهة الاحتلال العلمي الأمريكي لمصر، وهذا لن يحدث إلا بتشجيع المحاولات العلمية مادامت متسقة مع المشروع الوطني وليست متعارضة معه.∎
 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز