عاجل
الأربعاء 29 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
لماذا لا يقرأ مرسى التاريخ ؟

لماذا لا يقرأ مرسى التاريخ ؟

بقلم : أسامة سلامة



 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التاريخ يعيد نفسه.. انظر إلى المشهد جيدا وستدرك حجم التشابه بين ما يحدث الآن. وما وقع مع السادات.

 ولو قرأ د. محمد مرسى الماضى القريب لعلم أنه وجماعته يلعبون بالنار التى ستحرقهم وتقضى عليهم.

 كل من استعان بقوى غير شرعية وأغمض عينيه عن جرائمهم  وتصور أنه يستخدمهم لمصلحته.. كانت نهايته على أيديهم.

فى الماضى القريب استعان الرئيس الراحل أنور السادات بالتيارات الإسلامية وفصائلها المختلفة لمواجهة اليسار.. أخرجهم من السجون وسمح لهم بحمل السلاح وتجاوز عن أفكارهم فكانت النهاية أن قتلوه هو شخصيا.. وكان فى مخططهم الاستيلاء على الحكم.

ظن السادات أنه يستطيع اللعب بهم وأن يحقق من خلالهم أغراضه.

 وأهمها القضاء على المعارضة التى كان اليسار أقواها فى ذلك الوقت، وتوهم أنه سيظل ممسكا بخيوط اللعبة يحركها كيف يشاء.

فى بداية حكمه أعطى الضوء الأخضر لبعض معاونيه للاتصال  بهذه الفصائل بعد خروجها من السجون والمعتقلات.. مع الاتفاق معها على الخطة.

بدأت الحكاية من الجامعة.. حاصرت هذه القوى الطلاب اليساريين واعتدوا عليهم بالأسلحة البيضاء وسط حماية الأمن. وغضت الشرطة وقتها طرفها..وتجاهلت الأمر ولم يتم التحقيق مع أحد ولم يعاقب شخص واحد رغم أن الجريمة واضحة والجناة معروفون.

وكان طبيعيا أن تخرج هذه التيارات من الجامعة إلى الشارع فكانت المساجد هى الخطوة الأولى، سمح لهم بالخطابة فيها وشيئا فشيئا استولوا عليها ومنعوا الأئمة المعينين من الأوقاف بمباشرة عملهم حتى إن الجوامع وقتها سميت لدى الأهالى بأسماء الجماعات.

استخدمت المساجد- وقتئذ - فى الدعاية وكانت بمثابة الفضائيات التى يطل منها  هؤلاء على المواطنين البسطاء، يؤثرون فيهم، ويغرسون أفكارهم، ويجندون رجالهم.. وبعد سنوات قليلة أصبحوا قوة لا يستهان بها، ودولة داخل الدولة.. كان الأمر أكثر وضوحا وفجاجة فى الصعيد.. أصبحت هذه التيارات الحاكم بأمره فى جامعة أسيوط التى كانت تضع - وقتئذ- طلبة على مستوى الصعيد بأكمله، يعطلون الدراسة حينما يريدون.. يدخل أحدهم إلى قاعة المحاضرات ويوقف الأستاذ عن استكمال محاضرته ليلقى خطبا دينية تطورت فيما بعد للتنديد بالنظام.

 ثم ظهرت مجموعات  توقف المواطنين فى محيط الجامعة والشوارع القريبة منها وتسألهم من التى تسير معه ؟! إنها زوجتك أو أختك، وإذا لم تستطع الإثبات  أو إذا لم تكن تحمل البطاقة العائلية فأنت معرض للتهديد والتأديب  إذا تكرر الأمر، وبدأ الخلاف مع النظام يزداد خاصة بعد سماح السادات لشاه إيران بالإقامة فى مصر والقطيعة بين النظام المصرى والإيرانى الذى سيطر عليه الخومينى وآيات الله.. ورغم أن معظم الشعب المصرى رفض وجود الشاه إلا أن الصوت الأعلى كان للجماعات الإسلامية والجهادية «يا فرعون هذا العصر مش عايزين الشاه فى مصر».

كانت هى أول مرة يطلق فيها على السادات لقب فرعون. فى المقابل كان الرئيس الراحل حريصا على مظاهر التدين.. يبدأ خطابه بآيات القرآن.. يصلى فى المساجد.. وأطلقت عليه الصحافة وقتها الرئيس المؤمن الذى يرفع شعار العلم والإيمان.. ولكن كل هذا لم يشفع له أمام هذه التيارات التى ازدادت تمكنا وقوة.

وكانت ذروة الخلاف مع زيارة السادات لإسرائيل وتوقيع معاهدة السلام.. التى رفضتها كل التيارات السياسية ، ولعب اليسار دورا بارزا فى مواجهتها رغم التضييق عليه وسارت على نفس النهج التيارات الليبرالية ممثلة  فى حزب الوفد الذى عاد للحياة السياسية بعد تجميد نشاطه  بمحاصرته سياسيا.. لكن الفصائل الإسلامية عارضت من منطق دينى وليس سياسياً وهتف المتظاهرون «خيبر.. خيبر يا يهود.. جيش محمد سوف يعود» وبدأت هذه التيارات تحمل السلاح وتستهدف مؤسسات الدولة.. وتعتدى على الأقباط وتكفر المختلفين معها، وعندما انتبه السادات لخطورة ما فعله وفهم أن معارضة اليسار والليبراليين أهون  كثيرا من التيارات المسلحة كان الوقت قد فات ولم يستطع إعادة عجلة الزمان إلى الوراء وانتهى الأمر باغتياله على يد من استخدمهم وظن أنه يتحكم فيهم.

انظر إلى المشهد الآن.. جماعات تحاصر مؤسسات الدولة ويظن د. مرسى وجماعته أنه يستخدمهم لمصلحته ويحقق من خلالهم أهدافه.

والشرطة أيضا لا تتدخل.. فضائيات تكفر المختلفين معهم.. وتستعدى المجتمع  على الأقباط.. وأحدهم يحرق الإنجيل أمام  أعين الناس دون حساب حتى الآن رغم مرور عدة شهور.

رجال يتم القبض عليهم ومعهم أسلحة ويتم الإفراج عنهم بكفالة بسيطة.

شيوخ يعتلون المنابر ويستولون على المساجد ويروجون من خلالها لأفكارهم.. وجماعات تتدخل فى الجامعات وتمنع حفلات فنية وأنشطة ثقافية.

جماعات للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر تقتل شابا فى السويس وتعتدى على آخرين فى مدن أخرى.

وفصائل بدأت  فى تكفير النظام ووصف الدستور الذى يروج له الإخوان بأنه إسلامى  بأنه كافر.. والخوف الآن من أن يتطور التكفير من الدستور إلى الرئيس وقد قالتها بالفعل بعض الجماعات  فى  سيناء.

 المشهد خطير والمستقبل مرعب.. ربما يستطيع الرئيس وجماعته تحجيم  المعارضة  يمينا ويسارا.. ولكن ماذا سيفعل بعد ذلك عندما يستتب الأمر للجماعات المسلحة بأمر الدين.

 هل يدرك الرئيس خطورة ما يحدث؟.. لماذا لا يقرأ التاريخ حتى يعرف مستقبله..

سيادة الرئيس من لا يقرأ التاريخ.. حتما سيسقط فى الامتحان وأنا أرجو أن تنجح فعلا.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز