

بقلم
محمد هيبة
الشعب ينتصر
12:00 ص - الخميس 4 يوليو 2013
بقلم : محمد هيبة
في كل مرة يخرج فيها هذا الشعب ليثور علي الحاكم.. يبهر العالم كله.. ويذهل الجميع.. فهو شعب لا يعرف الاستكانة أو الذل أو المهانة.. وعندما يثور فإنه يزلزل الأرض.. ويسقط الأنظمة مهما كانت ديكتاتوريتها وسطوتها وجبروتها.
فعلها الشعب مرة أخري.. شعب مصر العظيم.. وفي هذه المرة يقوده شباب «تمرد».. ليست قوي سياسية أو ليبرالية أو جبهة إنقاذ أو غيره.. ولكنه شباب البلد الحقيقي الذي فجر وقاد ثورة يناير العظيمة التي أسقطت نظام مبارك العتيد.. وها هو يفجر ثورة 30 يونيه .. ليعلن الثورة الثانية أو استمرار الثورة الأولي وعودتها للشعب .
هاهو الشعب يخرج يلبي النداء ويرفع الكارت الأحمر لجماعة «الإخوان» ليطردهم من سدة الحكم.. يحدث هذا بعد عام واحد فقط من الحكم.. عام هو الأسوأ في تاريخ مصر.. عام ساد فيه الانقسام.. والاتهام.. والتخوين والاستحواذ والإقصاء لكل القوي السياسية في مصر.. هذا ما فعله الإخوان في عام واحد، وهو ما لم يفعله أي نظام سياسي ديكتاتوري آخر في سنوات وسنوات.
كان الخروج الكبير مفاجأة غير متوقعة.. والأعداد التي خرجت من كل محافظات مصر كانت مذهلة.. ردت بقوة علي كل دعاوي الإخوان بأن الشعب يريدهم.. ولا يريد غيرهم.. وأن الشعب معهم وليس مع أي فصيل آخر.. استقووا علي الشعب بالديمقراطية ولم ينفذوها وبالصندوق ولم يراعوا أنهم نجحوا في الملحق.. وبنتيجة الاستفتاء علي الدستور التي تم دفع الناس إليها بالتزوير وبالزيت والسكر وغيره.
الإخوان لم يكونوا يرون سوي أنفسهم ولم يكونوا يسمعون غير أصواتهم فقط.. وأيضا لم يكونوا يثقون إلا في أنفسهم وجماعتهم وعشيرتهم.. كتبت وكتب غيرنا مرارا وتكرارا نحذرهم من السياسة التي يمارسونها.. والاستحواذ والإقصاء وعدم استيعاب واحتضان المعارضة.. لكن «ودن من طين وأخري من عجين».
منذ أن تولوا الحكم يكذبون ثم يكذبون ثم يصدقون كذبهم، يغالطون ويناورون ويظنون أنهم يقولون الحقيقة.. وأنهم هم وحدهم الذين يملكون هذه الحقيقة.. وليست ملكا لأحد غيرهم.
رئيس ونظام يعد ولا يفي بوعده.. قال إنه رئيس لكل المصريين.. ولكنه كان رئيسا للإخوان فقط.. يراعي مصلحتهم ومصلحة التنظيم الدولي أكثر من مصلحة هذا الشعب وهذا الوطن.
إعلانات دستورية باطلة.. عزل نائب عام حصنه الدستور والقانون.. دستور غير توافقي تم سلقه في 16 ساعة، لا يعبر سوي عن تيار واحد وفصيل واحد.. إهانة واتهام للقضاء المصري والقضاة وتقويض دولة القانون.. هكذا هي مصر في عهد وحكم الإخوان تحت رعاية الرئيس محمد مرسي..
تهديد مستمر وتنديد بالإعلام سواء كان مكتوبا أو مرئيا، القنوات الفضائية التي كان لها الدور الأكبر في إسقاط نظام مبارك.. وفتحت الطريق لهم ليصلوا إلي الحكم.. ولكن عندما وصلوا انقلبوا علي الذين أتوا بهم.. وضاقوا بالنقد.. حتي المؤسسات والصحف القومية حاولوا أخونتها مرة بالتغيير وأخري بالتجويع.. ولكن حتي ذلك لم يفلح ولم ينجح.
الإخوان تعاملوا مع 30 يونيه وكأنها زوبعة في فنجان.. وكأنه يوم وسيمر مثلما يمر غيره من أيام المظاهرات والاحتجاجات التي تملأ الشارع ثم تنفض.. الإخوان رفضوا أن يصدقوا أن هناك ثورة ثانية يمكن أن تخرج ضدهم مثلما خرجت الثورة الأولي ضد مبارك وأسقطته.. وكل هذا وضح علي لسان قادتهم وتصريحاتهم طوال الأيام السابقة حتي الرئيس نفسه لم يصدق جدية النزول في 30 يونيه وأكد أن ما يحدث خروج علي الشرعية وأن الجيش لن ينحاز إلي الشعب وأن وجوده يعني الاستقرار.. ورحيله يعني الفوضي.. نفس خطاب مبارك قبل التنحي.. إما أنا أو الفوضي.. نفس الحاكم.. ونفس الحزب.. ولكنه أيضا نفس الشعب الذي أسقط مبارك وحزبه.. ها هو يسقط مرسي وجماعته.
كان يوم 30 يونيه يوما مشهودا في تاريخ مصر.. يوم أكد فيه الشعب المصري أنه مصدر السلطات الحقيقي.. وأنه أيضا مصدر الشرعية، هو الذي يعطي وهو الذي يمنع.. ومثلما أعطي السلطة والشرعية للرئيس وجماعته.. ها هو ينزعها عنهم ويسقطهم ويرفع لهم الكارت الأحمر.. وإلي غير رجعة.
هذا هو الشعب وهذا هو الجيش.. جيش مصر العظيم الأبي.. خير أجناد الأرض.. ها هو ينحاز مرة أخري إلي الشعب.. ويعلن علي لسان قادته أنه حامي مكتسبات الشعب ومقدراته.. ومثلما فعل طنطاوي إبان ثورة يناير ووقف مع الشعب ضد الحاكم.. وقف السيسي مع الشعب ضد النظام وضد الحاكم.. وضد الجماعة وأرسل إنذارا قبل 30 يونيه بأسبوع إلي كل القوي السياسية وعلي رأسها الرئاسة والحكومة والجماعة للتوافق والتحاور ونبذ الخلافات والعنف والوصول إلي حلول وسط.. ها هو أمس الاثنين يجدد دعوته إلي كل القوي للتوافق وتحقيق مطالب الشعب.. والرسالة واضحة من السيسي والجيش إلي السلطة الحاكمة بالدرجة الأولي بتحقيق مطالب الشعب الذي نزل إلي الميادين يجدد ثورته التي بدأها في 25 يناير 2011.. ويحاول تصحيحها وإعادتها إلي مسارها الصحيح.. ويعلن أنه في حالة عدم التوافق وتحقيق طلبات الشعب خلال 84 ساعة، فإنه ستكون هناك خارطة طريق للمرحلة القادمة تشرف عليها القوات المسلحة بنفسها لتطبيقها، وبالطبع هذه الخارطة ستتلافي تماما كل أخطاء المرحلة الانتقالية السابقة في أعقاب 25 يناير الماضي التي أخطأت الطريق فوضعتنا في الموقف الذي نحن فيه الآن.
خارطة الطريق الجديدة سيكون أولها خروج الرئيس والجماعة من السلطة تماما.. وحل مجلس الشوري وتعليق العمل بدستور 2012والعودة إلي دستور 71 بعد التعديلات.. وانتخاب لجنة تأسيسية جديدة تضع دستورا مدنيا توافقيا جديدا يشارك في وضعه جميع الأطياف والأحزاب والفصائل ويتم بعدها الدعوة إلي انتخابات برلمانية نيابية وشوري جديدة ثم انتخاب رئيس جديد بصورة ديمقراطية وبناء علي دستور ديمقراطي جديد.. وأن يتولي السلطة مؤقتا رئيس المحكمة الدستورية العليا، وتكون هناك حكومة عسكرية مؤقتة تسير الأعمال وإقالة كل المحافظين وأن يتولي السلطة الحاكم العسكري لكل محافظة حتي يستتب الأمن والأمان.
هذه هي مصر وهذه إرادة الشعب.. وهذا هو جيش مصر العظيم الذي ينتصر للشعب .. ودائما الشعب ينتصر
تابع بوابة روزا اليوسف علي