عاجل
الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
جرائم الاخوان(1)

جرائم الاخوان(1)

بقلم : طارق رضوان

ظهر الإخوان . ظهور كان نذير شئوم على الأمة. كانت قصة الظهور مخزية. مدبرة ومخططة من الاستعمار البريطانى لمصر. كانت الأهداف من صناعتهم واضحة. وضعت البذرة ولاقت الرعاية المطلوبة والمحسوبة بعناية. فقد كان وقت استخدامهم علنا لم يأت بعد. حتى ظهروا بقوة فى بداية السبعينيات ليخربوا فى هوية مصر. حدث هذا بتمويل خليجى فج وبموافقة سياسية من الدولة للضرورة من وجهة نظر الرئيس السادات. لكنها ضرورة دفعنا ثمنها غاليا ودفع هو حياته ثمنا لتلك الضرورة.




ندم السادات على ما فعل مع الإخوان فى خطاب جمهورى فى مجلس الشعب قبل مقتله بشهور قليلة. لكن ندم الرئيس كان متأخرا. فقد توغل الإخوان فى مفاصل الدولة. واستطاعوا أن يسيطروا على النقابات والمحليات وبعض الأندية الرياضية الكبرى وكان لهم نسبة معروفة فى مجلس الشعب. أى أن الإخوان زرعوا فى أرض الدولة وراحت شجرتهم الخبيثة تنمو وتترعرع فى الثمانينات والتسعينات من القرن الماضى. كانت بداية الظهور الكبير عندما بدأت الروابط بين السادات والسعودية تقوى. وهى العلاقة التى كانت عاملا مهما فى إعادة تشكيل سياق السياسة المصرية. قام السادات باتخاذ خطوات للتقارب مع السعودية ومع غيرها من الأنظمة الملكية المحافظة فى أوائل السبعينيات. وكان توجهه هذا خطوة تمهيدية لتحالفه الأكثر شمولا مع الغرب.

اعتقد السادات أن الدعم المالى الذى بإمكان السعوديين تقديمه لمصر ضرورى للتنمية الاقتصادية للبلاد. من جانبهم كان السعوديون حريصين على القضاء على تاثير الاشتراكية العربية فى مصر وعلى تلافى أى صراع معها كالذى أتسم به عهد عبدالناصر وكانوا يرون أن ناصر عدوا أكثر سوءا من إسرائيل. وهكذا بدأت فترة مضت فيها الأموال تتدفق من دول الخليج من أجل دعم تيار الإسلام المحافظ او السلفى والعمل على انتشاره فى جميع أنحاء المنطقة وبخاصة فى مصر . كان هدفهم هو تهميش اليسار وحماية مصالحهم الاقتصادية وتوظيف الدين من أجل خلق النظام الاقتصادى والسياسى القائم وتثبيته وكان هذا يقتضى تمويل الجماعات والمؤسسات الإسلامية وكان لكل هذا أثر استمر قائما على مجريات السياسة المصرية حتى ثورة 30 يونيو .

فقد قدم الملك فيصل بطلب من السادات لرئيس جامعة الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود مائة مليون دولار لتمويل الحملة ضد الشيوعية والإلحاد ولنصرة الإسلام وقد عمل هذا على تغيير وجه مصر السياسى. وكما ذكرنا من قبل ففى عام 1971 حدث شئ غريب لم تكن له سابقة من قبل فى تاريخ الازهر تلك المؤسسة العريقة التى شاركت فى عصور ازدهارها بدور كبير فى حركة التحرر الوطنى المصرى. ففى تلك السنة عقد الملك فيصل ملك المملكة العربية السعودية ما يكاد أن يكون اتفاقية مع شيخ الأزهر عبدالحليم محمود وفى الاتصالات التى سبقت الإتفاق قام الملك فيصل بعرض على مشيخة الأزهر اعتمادات تصل قيمتها إلى مائة مليون دولار لكى يتولى الشيخ قيادة حملة دعوة ضد الشيوعية والإلحاد – دفع الملك فيصل بالفعل جزءا كبيرا منها وهو 40 مليون دولار - ولكن رئيس الوزراء فى ذلك الوقت وجد أن الدولة تشتد حاجتها إلى النقد الاجنبى.

وهكذا حول هذا المبلغ إلى خزينة الدولة ثم قدم لشيخ الازهر بدله نقدا مصريا للصرف على ما يراه من أغراض الدعوة. وإندفع الشيخ إلى برنامج إعلامى كبير فكتب بنفسه عدة كتب (الإله الذى هوى) والذى شارك فى تأليفه عدد من المفكرين الاوروبيين والامريكيين الذين بهرتهم الشيوعية لاول وهلة ثم استيقظوا على الواقع المر فى التطبيق أيام ستالين. وتم بناء بعض المساجد الجديدة كما صرفت مبالغ كبيرة على سفر وفود دينية تحمل رسالة الدعوة. فى تلك الفترة دعم السادات التيار بذكائه السياسى فى حوار له مع أنيس منصور قائلا. أمى قالت لى نفسى أسمع الآذان فى التليفزيون يا محمد. فدخل الآذان التليفزيون ودخل معه عدد كبير من البرامج الدينية قدمها المذيع أحمد فراج وظهر برنامج العلم والإيمان للدكتور مصطفى محمود الذى استمر لثمانية وعشرين عام قدم خلالها 400 حلقة بدأت فى عام 71 حتى عام 99 بعدما كتب الدكتور مصطفى محمود مقالا فى روزاليوسف بتاريخ 15 مايو 1971 بعد قضية مراكز القوى مخاطبا الرئيس السادات . أنت الزعيم وليس بعدك زعيم. أنت رجل العلم والإيمان . فأمر السادات بإنتاج البرنامج وكان ممولا من شركة الرياض للانتاج متخذا عنوانه من مقولة الرئيس السادات فى معظم خطبه بأن مصر دولة العلم والإيمان .

وظهر برنامج للشيخ الشعراوى. ولقب الرئيس نفسه بالرئيس المؤمن. واستمر الزحف الدينى على الدولة وعلى اعلامها وهو ما كان يمثل مناخا خصبا لترعرع الجماعة الإرهابية. فى تلك الفترة شهدت العلاقات بين الإخوان والمخابرات الأمريكية جزرا ومدا. ففى حرب فيتنام كان تركيز أمريكا فى مكان آخر ففترت العلاقات. ولكن العلاقات مع الجماعة الارهابية عادت تحتل البؤرة في حرب السوفييت في أفغانستان. حيث دعمت المجاهدين وعلاقاتهم مع الإخوان كان  فيها مناخ عام من التودد والاقتراب. من هنا كان الاقتراب ما بين السادات والإخوان هو اقتراب ما بين السادات وأمريكا . لكن الرجل كان على استعداد لان يعطى اشارات اخرى لهم والوصول الى ما يريدون عن طرق اخرى اهمها طريق السعودية عن طريق كمال أدهم والعلاقة ما بين الاثنين أدهم والسادات كانت عميقة للحد الذى كان السادات أحد شهود عقد زواج أدهم وهو الرجل القوى فى السعودية ومدير المخابرات السعودى الأشهر .

لكن تخوف أدهم من النفوذ السوفيتى فى مصر جعل السادات يتخذ خطوتين هما الأهم فى بداية حكمه الأول طرد السوفييت من مصر والثانى ثورة التصحيح التى قام بها وتخلص بها من رجال السوفيت وعبدالناصر مرة واحدة ليرسل اشارة اخرى للغرب عما سيسلكه فى المستقبل.

للرئيس السادات خطط وطريق اختاره لنفسه فى إدارة البلاد كان الإخوان جزءا من الخطط. لكن سرعان ما تنبه الرئيس لخسة الجماعة فانقلب عليهم وهاجمهم بضراوة بالغة. مما جعل قادة الجماعة يستغيثون بالامريكان لانقاذهم من غضب الرئيس السادات. كانت خطط الجماعة الارهابية تتوقف على الوقت. كان عامل الوقت هو عدوهم الوحيد. يريدون مساحة وقتية آمنة لتنفيذ المخطط بعناية. كان المخطط كبيرا تحت عنوان مطاط وهو عودة مصر لعصر الخلافة الاسلامية المزدهرة وتبع ذلك تكتيكات فى تغيير السلوك الاجتماعى للشعب. كان الرئيس السادات عقبة لصفقة الأمريكان والإخوان. فتم ازاحته باغتياله فى حادث المنصة الشهير.

وجاءت فترة الثمانينات وهى الفترة المزدهرة للجماعة للوصول إلى ما يريدون. كان الهدف هو الحياة الاقتصادية والاجتماعية ويناورون بالسياسة لاشغال الدولة . فبينما تقوم الدولة بمحاربة وجودهم سياسيا كانوا هم فى طريق اخر تماما. طريق الوصول للشارع ونجحوا فيه الى حد كبير وصلت للذروة فى احداث زلزال عام 1992. هنا بدأت كثير من الظواهر الاجتماعية تظهر على السطح شوهت صورة مصر الكوزموبيلتان التى عرفها العالم. وتلك قصة أخرى.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز