سعاد عزيز
الصراع العربي الإيراني.. واقع يفرض نفسه
بقلم : سعاد عزيز
يجري الحديث دائما عن الصراع العربي ـ الاسرائيلي الذي يقوم على عدد کبير من الرکائز و الاسباب، وقد منح العرب دائما الاولوية لهذا الصراع و کيفية إدارته وضمان إستمراره حتى يتم إحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بما فيه حق العودة لأراضيه المغتصبة، وعندما حدثت الثورة الايرانية في 11 شباط1979، فقد رحب بها العرب بحرارة خصوصا بعد الاشارات التي صدرت منها بالوقوف الى جانب الحق العربي و مساندة و دعم الشعب العربي الفلسطيني، وکان هذا الموقف الجديد وقتئذ کمٶشر يرجح کفة الصراع نوعا ما لصالح العرب، لکن لم يکن يدر بخلد أحد من إن إيران بنفسها ستعود ليس بدور مشابه لدور النظام الملکي وانما اسوء منه.
الدور الايراني في المنطقة صار اليوم الشغل الشاغل لها بل وان تأثيرات و تداعيات هذا الدور قد بلغ حدا لايمکن لأحد أن يتجاهله و لايکترث له، خصوصا بعدما حققت إيران نجاحا ملموسا في اللعب بالورقة الشيعية و إستخدامها کأداة من أجل تحقيق أهدافها و غاياتها، بل وإن الذي صار يلفت النظر کثيرا و يجذب الانتباه هو إنها"أي إيران"، باتت تصر على طرح نفسها کطرف اساسي في العديد من المعضلات و المشاکل التي تعصف بدول في المنطقة، بل والانکى من ذلك إنها صارت قوة ضغط و تأثير على السياسات الخارجية لدول في المنطقة.
تعاظم الدور الايراني في المنطقة و شروعه بالسعي لکي يکون ليس کقوة أساسية على مستوى المنطقة وانما کقوة يجب الاصغاء لها و أخذ مواقفها و آرائها بنظر الاعتبار في أية أحداث و تطورات تجري في المنطقة، والذي يبدو واضحا إن إيران ليس تسعى للعب دور أکبر من المقرر لها على مستوى الاحداث العربية و الاسلامية بل وإنها تسعى لکي تزيح دور دول عربية محورية في المنطقة و تأخذ مکانها و موقعها وهذا ما دفع بدول المنطقة للريبة و التوجس من الدور الايراني وأهدافه وغاياته التي لم تعد موضع إطمئنان.
النقطة المهمة والجديرة بأخذها في الحسبان، هي إن إيران و بقدر إنشغالها و إنهماکها بالشأن العربي و الاسلامي، لم تعطي نفس الدرجة من الاهتمام لإسرائيل على الرغم من الشعارات البراقة التي سبق وان أطلقتها ضدها الى فترة قريبة، وإن دخول قوات إيرانية من الحرس الثوري و قوات التعبئة و غيرها الى دول في المنطقة و خوضها معارك و مواجهات مع أطراف للمعارضة في بلدان في المنطقة، أعطى و يعطي إنطباعا بأن إيران قد أصبحت قوة غير تقليدية و تعدت دورها الاعتيادي بکثير، وهذا الامر قد دفع بدول المنطقة لکي تعيد النظر في حساباتها، خصوصا بعد الازمة التي جرت مع قطر و التي تشکل إيران جانبا و جزءا مهما منها، حيث يظهر بوضوح إن المنطقة باتت تميل الى حقيقة أن هناك صراع عربي ـ إيراني لايمکن تجاهله أبدا، صراع يسعى العرب خلاله الى إعادة"البعبع"الايراني الى حجمه الذي کان عليه سابقا، في حين تسعى إيران لأخذ حجم إستثنائي على حساب دول محورية في المنطقة.
هذا الصراع الذي يدور رحاه على أکثر من صعيد، لاتزال إيران لحد الان تمسك بزمام المبادرة فيه لأنها متواجدة في العمق العربي من خلال إستخدامها للورقة الشيعية، في حين إن العرب لايزالوا مترددين في إدخال العنصر الايراني لهذا الصراع من خلال المعارضة الايرانية النشيطة و المتواجدة على الساحة و التي لو تم الاعتراف بها و فتح مقرات لها في بلدان المنطقة فإن ذلك سيکون له دور کبير في التأثير على إجراء تغيير في المعادلة الحالية القائمة، خصوصا وإن هذه المعارضة تسعى حاليا من أجل فتح ملف مجزرة صيف عام 1988، التي تم خلالها إعدام قرابة 30 ألف سجين سياسي إيران والتي حدثت بناءا على فتوى لمٶسس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية.